مضت فترة طويلة لم أسمع خلالها عامداً متعمداً صوت الشيخ حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله/ الفرع اللبناني كما لا أقرأ تصريحاته أو أنظر إلي صوره في الصحف، وعلي شاشة التليفزيون. فلا طريقته في الإلقاء تغري علي الإنصات فهي متكررة، ومبرمجة كما تبرمج، وتنطق، وتتحرك، الدمي في أيدي الأطفال ولا وجهه علي الشاشة يشجع علي النظر، خاصة أنه يطل علينا به من المخبأ الذي يختفي فيه تحت الأرض بزعم حمايته وتأمينه ضد الاغتيال، وكأن جيوش وميليشيات الكرة الأرضية تخشاه، وتتربص به، أملاً في لقمه حجراً، أو اسقاطه برصاصة؟! المبرر الوحيد الذي اضطرني رغماً عني لقراءة تصريحات أدلي بها »حسن نصرالله« كان هجومه البذيء علي القضاء المصري، وتطاوله علي الحكم الذي صدر في القاهرة الأربعاء الماضي مسدلاً الستار علي قضية »الخلية الإجرامية الإرهابية التي حاول حزب حسن نصر الله زرعها في مصر«. شتان الفارق الشاسع بين رئيس الحكومة اللبنانية الشرعي: سعد الحريري، وبين منتزع، أو خاطف الحكم في لبنان:حسن نصر الله. الأول: علق علي الأحكام قائلاً: [إن القضاء المصري هو شأن مصري، ولبنان لا يتدخل في هذا الشأن ]، أما الثاني: فقد هاجم القضاء المصري، وتطاول علي الحكومة، ولم يتردد في اتهامها بالتدخل في السلطة القضائية، وإصدار الأحكام التي ترضيها، وبالتالي فهي باطلة و ظالمة!. قضية »الخلية الإرهابية« ليست جديدة. وإنما سبق أن سمعنا عن سقوطها في أيدي حراس الأمن المصري، وتابعنا التحقيقات التي أجريت مع المتهمين ، واعترافاتهم الخطيرة، وكيف كانوا يدبرون للقيام بهجمات إرهابية ضد مصر والمصريين! لقد ذكّرنا رئيس محكمة أمن الدولة المستشار عادل عبدالسلام جمعة في تصريحاته المهمة بعد إصدار الأحكام بأن مخطط حزب الله: [استهدف ضرب اقتصاد مصر، وتمزيق أوصال شعبها، وإشاعة الفوضي]. وأضاف رئيس المحكمة التي أصدرت أحكامها الرادعة ضد عملاء حسن نصر الله قائلاً: [ إن المتهمين قادتهم الخيانة، وحب المال، لسلوك طريق الجريمة بتشجيع وتحريض وتمويل من الحزب اللبناني. وثبت ذلك من اعترافات المتهمين الذين أدلوا بها بدون إكراه، وأدلة الاتهام كانت كافية علي إثبات ارتكابهم جرائم التخابر لمصلحة »حزب الله«، وحيازة مفرقعات وتصنيعها، والتخطيط لارتكاب أعمال إرهابية في داخل مصر]. هذه الجرائم كلها، وغيرها الكثير، تأكدت المحكمة المصرية من ارتكابها، كما اطمأنت علي أن اعترافات المتهمين جاءت سليمة، وبدون إكراه أو ضغوط من رجال الأمن، والنيابة.. فماذا كان ينتظر حسن نصرالله اللبناني الجنسية، والإيراني الهوي من القضاة المصريين والقانون المصري أن يحكموا به علي عملائه، ومسترزقيه، عقاباً لهم علي ما ارتكبوه، وخططوا لتنفيذه في مصر ضرباً لاقتصاد شعبها، وزعزعة لأمنه، واستهتاراً بكل ما يمثله من قيم، وحقوق، وواجبات؟! يزعم »حزب الله« أن القصد من وراء تشكيل هذه الخلية هو »دعم المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة«، وكشف قضاة مصر الأفاضل هذا الزعم الرخيص، عندما طرحت محكمة أمن الدولة العديد من التساؤلات التي لا تحتاج إلي تكرار إجابات واضحة، ومعروفة. من بين هذه الأسئلة: »هل دعم المقاومة الفلسطينية في غزة يكون من خلال جمع معلومات عن قري ومدن محافظتي شمال وجنوب سيناء؟!«. و »يشمل هذا الدعم رصد وتحديد الأفواج السياحية المترددة علي مناطق جنوب سيناء؟!«، و»هل يشمل الدعم أيضاً استئجار بعض العقارات المطلة علي قناة السويس لاستغلالها في رصد السفن العابرة في القناة؟!. هذه التساؤلات كلها، وغيرها، يعرف حسن نصر الله إجاباتها جيداً، لكنه تجاهلها تماماً في تصريحاته الأخيرة، و ببجاحته التي تميّز عادة لسانه السليط، سمعناه يمجد، ويهلل، لعملائه المخربين الذين زرعهم في مصر، ووصفهم متباهياً بأن هؤلاء »من جملة شرفاء هذه الأمة«! و يا بئس شرفاء، ومجاهدي، هذه الأمة إذا كان حسن نصر الله زعيمهم، و موجههم، وراسم خطاهم.