كانت ومازالت الاعلانات عامل الجذب الرئيسي في ضم نجوم الأندية الأخري الذين يدخلون مزادا يستقر في النهاية عند النادي الأهلي لأنها تضاعف قيمة العقود وتساعد النجوم الكبار علي اتخاذ قرار حاسم باللعب للأهلي.. وظلت القلعة الحمراء محصنة من الاختراقات ومشاكل التعاقدات بفضل هذه الاعلانات خاصة وهي تخضع لإدارة مباشرة بين شار وبائع هو إدارة الأهلي نفسها.. فتتحدد الأرقام بسهولة لأن الشخص الواحد لن يختلف مع نفسه.. هي قضية قديمة احيطت بحساسية مفرطة وبجدل حول شرعيتها وقانونيتها ومدي عدالتها عند تنفيذ عقود أخري للأندية التي تلهث وراء موارد إضافية وتضطر تحت وطأة الحاجة أن توفق علي الشروط التي ليس لها منافس من وكالات أخري. إذن استخدام الأهلي الاعلانات كسلاح رئيسي في دعم استقرار فريقه فنيا وإداريا لكنه فوجيء في الأيام القليلة الماضية بأن هذا السلاح الذي يدافع ويهاجم به ويسيطر كفاءته علي الساحة الكروية انفجر فيه لأنه الفريق قانونا تحت رعاية شركة اتصالات وهي فائدة عامة يجنيها الأهلي.. لكن في نفس الوقت اقتصرت الفوائد الخاصة علي مجموعة من النجوم وحرمت الآخرين منها.. ومنطقيا كل من يلعب في الأهلي هو نجم بما للنادي من مكانة عظيمة في مصر والعالم العربي وافريقيا.. وعندما وجد حسام البدري المدير الفني وستة لاعبين فرصة للاستفادة من سوق الاعلانات المنجذب أصلا للأهلي الأكثر شعبية جاءت الأوامر المباشرة بفسخ التعاقد مع شركة اتصالات أخري منافسة للشركة الراعية ليخسر البدري واللاعبون مئات الألوف من الجنيهات في وقت هم لا يستفيدون فيه من عقد الرعاية الأساسي وهي حالة معقدة وغير عادلة ويصعب معها توقع أن من بين شروط الشركة الراعية ألا يخرج لاعب واحد من الأهلي من التعاقد حتي لو لم يكن من بين المختارين للظهور في الاعلانات. ومنطقيا إذا كان الأهلي كناد والنجوم الكبار المعدودون علي أصابع اليد الواحدة مستفيدون من حقوق الرعاية فإن هذه الاستفادة يجب أن تمتد إلي باقي اللاعبين والمدربين لأن الفريق كيان واحد ويلعب مجموعة واحدة.. وإذا كان متعذرا تطبيق ذلك لكثرة العدد الذي يقلل من عائد كل نجم، فإنه من المنطقي أن تبحث إدارة الأهلي عن طريقة تحقق عدالة توزيع عائد عقود الرعاية خاصة ما يتعلق بالاعلانات المرتبطة مباشرة باللاعبين. والمؤكد أن حسام البدري غير سعيد بحرمانه من 006 ألف جنيه قيمة عقد اعلاني مع شركة الاتصالات، وأيضا اللاعبون الستة لن يكونوا سعداء بحرمانهم من هذا العائد خاصة النجوم الكبار.. وهذا في حد ذاته يخلق حالة نفسية غير مستقرة.. وهي أيضا مشكلة جديدة متفجرة تمتد من الأهلي إلي الأندية الأخري خاصة الزمالك وتحفز المسئولين علي وضع ضوابط جديدة في عقود حقوق الرعاية بحيث تستأثر الشركة الراعية مثلا بكل كبار النجوم ومن تختارهم لاعلاناتها. ولا تمنع غيرهم من الصف الثاني الأقل نجومية وشعبية من إبرام عقود مع شركات أخري.. أو أن تبادر الإدارة بتخصيص نسبة من عائد كل نجم في صندوق خاص يستفيد منه اللاعبون الآخرون المحرمون الاستفادة من الاعلانات. وفي المشكلة الأخيرة كان الوقت كافيا أمام إدارة الأهلي التي هي أيضا إدارة الوكالة الإعلانية في أن تحدد موقفها لحسام البدري واللاعبين الستة.. لكنها سكتت عند ابلاغها من البدري، وكان السكوت الطويل علامة الرضا. وكان الوقت كافيا أيضا للشركة الراعية لتبدي انزعاجها بمجرد علمها بالنوايا وبالخطوة التي سيتخذها البدري واللاعبون، لكن انزعجت بعد ظهور هؤلاء في الاعلانات وكأنها تريد أن تتقيد خطأ وحتي لو تصيدت فهي لن تستطيع تنفيذ الشروط الجزائية لأنها كما قلنا وثيقة الصلة بإدارة الأهلي.. ولو أن هذه المشكلة حدثت في ناد آخر لكان جائزا توقيع جزاءات فورية وتعقيد المشكلة. وربما تكون خبرة الرياضة المصرية ضعيفة في التسويق والاستثمار وهي حقيقة مما أدي إلي وقوعها في مشاكل غير مفهومة لا تخلو من حالات تناقض بين التشديد أحيانا في التعاقدات والشروط وغض النظر في أحيان أخري حسب مستوي العلاقة الودية بين الأفراد والأطراف.. ولذلك نجد حالات متشابهة يتم التعامل معها بطرق مختلفة ومتباينة.. وما يمكن السماح به في حالة يستعصي علي حالة أخري.. وهي عادات ولدت من رحم فوضي الإدارة وعدم وضوح الرؤية والكسل في طلب المعرفة وغياب الرقابة والمسئولية.. وما يحدث في حقوق البث التليفزيوني خير دليل علي ذلك.. حيث تتحدد المواقف حسب المصالح وليس حسب القواعد والأصول وتجارب الآخرين الناجحة. وحتي إذا وصلت الأطراف إلي حلول نهائية في حقوق البث.. فسوف ترعي العجب العجاب عند توزيع العائد علي الأندية التي لن يلتزم بعضها بآية قواعد معمول بها في العالم.. بل سيطلب كل ناد ما يساويه وزنه من الشعبية والنفوذ، وهو قانون الغابة الذي يحكم الحياة فيها.. فالأقوياء يأكلون أولا وما يتبقي منهم بأكله الضعفاء وإذا لم يتبق شيء يظل الضعفاء جوعي.