قرأ البعض عنوان المقال في الأسبوع الماضي »إلغاء التعليم المفتوح: مطلب ثوري«، ورأي أن يتصل بي ليعلن غضبه ويدافع عن استمرار التعليم المفتوح، فاضطررت إلي شرح الموضوع لازالة اللبس في العنوان. حيث كنت قد وضعت كلمة قبل العنوان المنشور وهي: »عاجل قبل التنسيق« ولكنها سقطت عند الطباعة لظروف تتعلق بالاخراج علي ما يبدو، ولكن عدم نشر هذه الكلمات الثلاث من العنوان، جعل العنوان موحيا لمن يقرأ والعناوين فقط. انني قصدت إلغاء التعليم المفتوح كلية دون استيعاب ما أقصد. وقد يكون مع قراء العناوين فقط بعض الحق، ولكنني أعاتبهم علي عدم الصبر حتي قراءة المقال للمعرفة والحكم بعد ذلك. وهناك مدرسة صحفية تؤكد علي ان العنوان الصادم حتي لو كان عكس ما يوحي به أو يقصده المضمون، هو أمر محفز علي القراءة ويستنفر همة القارئ حتي يندفع إلي القراءة لكل كلمة في المقال. وان كنت لا أميل لهذه المدرسة لكنني أقدرها في سياق محاولة التشويق للقارئ، لكنها في نفس الوقت قد تسبب للكاتب بعض المشاكل، أو تكوين صورة ما في موضوع ما، علي غير الحقيقة، وقد يصل الأمر إلي تشويه الكاتب في بعض الأحيان. وعلي أية حال، فانني أؤكد علي ان »التعليم المفتوح« هي فكرة جيدة في العموم شريطة أن تتيح الفرصة لمن فاتهم القطار في التعليم الرسمي، وكذلك لأصحاب القدرات المتوسطة الذين لم يفلحوا في الالتحاق بالجامعات في تسلسلهم التعليمي وخرجوا من طابور التعليم العادي لأي سبب قد يكون عدم القدرة المالية واكتفوا بشهادة الثانوية العامة دون استكمال المرحلة الجامعية، وفي نفس الوقت ألا يمس مبدأي المساواة وتكافؤ الفرص. فاتاحة الفرصة لمن فاتهم قطار التعليم الجامعي في الوقت العادي والطبيعي، حيث تقدم الدولة لهم آنذاك التعليم المجاني لجميع الطلاب بالاستثناء، بالالتحاق بنظام التعليم المفتوح مقابل مصاريف أو تكلفة محدودة قد تكون مبررة. فالدولة ملزمة بتقديم التعليم المجاني لمن يريد ان يتواصل في العملية التعليمية في الوقت العادي والطبيعي. أما الذين فاتهم القطار لأي سبب كما أشرت، فان الدولة رأت ان تتيح الفرصة إلي حد التوسع علي مستوي كل الجامعات الحكومية، وفي إطار فكرة التعليم المستمر للنهوض بالموظفين في الدولة »عام وخاص«، بتقديم خدمة تعليمية غير مجانية ولكنها غير هادفة للربح وبنفس ضوابط العملية التعليمية العادية وان كانت بوسائل مختلفة. الأمر الذي لم ير فيه أحد خروج الدولة علي الدستور بانتهاك مجانية التعليم، وهي ملزمة به في مراحل التعليم المختلفة في الوقت العادي والطبيعي. كما وجدت هذه الفكرة رواجا لدي المواطنين واقبالا ممن فاتهم قطار التعليم، وكانت جامعة القاهرة سباقة في التجربة وإلي حد كبير كانت الفكرة ناجحة. إلي هنا فانني أوافق علي استمرار هذه الفكرة، وهي تقديم التعليم المفتوح لمن فاتهم القطار العادي، وكان شرط مرور خمس سنوات علي حصولهم علي شهادة الثانوية العامة وما في مستواها شرطا عادلا ويراعي مبدأي المساواة وتكافؤ الفرص ولا يتحايل علي مبدأ دستوري وهو التزام الدولة بمجانية التعليم. ولكننا فوجئنا منذ عامين، بقيام وزير التعليم العالي الأسبق »د.هاني هلال« باتخاذ قرار متسرع كعادته بهدم مبدأي المساواة وتكافؤ الفرص ويتحايل كعادته علي الدستور ومجانية التعليم، ويقرر إلغاء شرط السنوات الخمس للالتحاق بالتعليم المفتوح وجعل الحاصلين علي الثانوية العامة وما في مستواها يمكنهم من الالتحاق بهذا النوع من التعليم. ففتح أبواب جهنم من أوسع الأبواب. حيث اتهمته بانتهاك الدستور والتحايل علي المجانية في طلب احاطة رسمي عام 9002م، ولكن وبدعم د.سرور رئيس المجلس آنذاك قبل الالتحاق ببورتوطرة، رفضوا مناقشته في لجنة التعليم في اجازة المجلس، وبموافقة د.شريف عمر »رئيس اللجنة«!! وأعطي مثالا يؤكد اتهامي لهؤلاء وفي المقدمة وزير التعليم العالي وشركاؤه في الحزب الوطني بالمجلس، بان الطالب الحاصل علي 05٪ كحد أدني يمكنه الالتحاق بالتعليم المفتوح وبرامجه المختلفة، ومن ثم فيجوز للطالب ان يلتحق ببرنامج التعليم المفتوح للإعلام ويحصل علي شهادة، وبنفوذه وفلوسه، يستطيع ان يجد وظيفة سريعة، ليتساوي مع المتفوق في ذات السنة الحاصل علي مجموع يتجاوز 09٪، ليهدم قيمة التفوق، ويكسرها بالقدرة المادية، ويحصل علي فرص في المستقبل بعد حصوله علي شهادة حكومية معتمدة!! لذلك: فان ما دعوت إليه هو إلغاء التعليم المفتوح بالنسبة للطلبة العاديين والغائه من التنسيق العادي فورا، وضرورة اعادة شرط السنوات الخمس للالتحاق بهذا البرنامج اعمالا للمساواة وتكافؤ الفرص تأكيدا لثورة 52 يناير التي انقذت المجتمع من طريق هدم القيم بكل أنواعها. ولعل التحدي أمام وزير التعليم العالي الجديد هو اعمال مبدأي المساواة وتكافؤ الفرص فورا اقرارا لشرعيته الثورية، والا فانه قد فقدها قبل ان يمارس وظيفته وسيحسب علي النظام القديم الذي سقط للأبد. والحوار متصل.