[email protected] تعالت مؤخرا أصوات بعض العلمانيين واليساريين، ومن اختار طريقهم من المثقفين والسياسيين، وعقدوا الاجتماعات وأقاموا المؤتمرات والندوات، وأطلقوا التصريحات في وسائل الإعلام، والهدف الذي يسعي إليه هؤلاء هو فرض الوصاية علي الشعب المصري، وسلبه الحق في أن يقرر ما يشاء ويختار ما يريد، عبر الحديث عن مبادئ فوق دستورية، تحد من حريته وتنتقص من قراره، ويبدو أن معركتنا القادمة سوف تكون مع هؤلاء الذين يمارسون تلك الوصاية!. لماذا يحاول بعض السياسيين والمثقفين من العلمانيين واليساريين، الذين تعايشوا مع النظام البائد، أن يسخروا من عقولنا، وأن يغتصبوا حقنا، وأن يسرقوا حلمنا، بالقفز علي نتيجة الاستفتاء الرائع، الذي جري في التاسع عشر من مارس الماضي، وحدد طريقنا نحو بناء مؤسسات الدولة في المرحلة المقبلة، وحرماننا من الأمل الذي انتظرناه طويلا وهو أن نمارس الديمقراطية الحقيقية، وأن نشارك في صنع القرار السياسي، وأن نستمتع بالتنافس الإيجابي في أجواء الحرية السياسية؟ لماذا يتصور بعض العلمانيين واليساريين والمتغربين أنهم أذكي من كل المصريين، وأنهم أكثر فهما وإدراكا لما يجب أن يكون، وأكثر حرصا علي مستقبل الوطن من دون الآخرين، وأن علي الأغلبية أن تخضع لهم، وتستجيب لما يقررون ويخططون، رغم أن رصيدهم الشعبي هزيل، وتواجدهم الميداني لا أثر له، وقدرتهم علي إقناع الناس شبه معدومة، والأيام بيننا، وسيري الجميع حجمهم الطبيعي في الانتخابات المقبلة، وفي أي انتخابات حرة يعبر فيها المجتمع عن نفسه. ثم من أعطي هؤلاء الجهابذة، الذين امتطي أغلبهم موجة الثورة، حق التحكم بمستقبل الوطن وفرض أولوياتهم؟، مع أنهم في الأغلب لم يقاوموا ما كان يحدث في العهد البائد بأي مستوي، ولم نر أحدا منهم خلف القضبان لسبب سياسي، إنني أرفض ما يقال عن وثيقة تضع مبادئ فوق دستورية، مهما كانت وجاهتها ومبادئها، لأن هذا بكل وضوح سلب لحق أصيل لمجلس الشعب القادم، وافتئات علي أكثر من 80 مليونا من المصريين، سوف يشاركون في اختيار من يقومون بهذا العمل. أما إذا تم إقرار هذه الوثيقة لا قدر الله وأرجو ألا يحدث فأنا أدعو بكل قوة مجلس الشعب المقبل إلي إهدارها، واعتبارها كأن لم تكن، ومعها أي قيد علي حقه المطلق في إعداد دستور جديد، يعبر عن الأمة في مرحلة ما بعد "ثورة التحرير" العظيمة، ويوافق عليه غالبية الشعب المصري، في استفتاء حر ونزيه، وأدعو كذلك كافة القوي والأحزاب السياسية الفاعلة، ومؤسسات المجتمع المدني، وكل من يثق في قدرة هذا الشعب علي اختيار مستقبله، أن يعلن رفضه واستنكاره لهذه الوثيقة. أعلم أن هذه المجموعات التي فشلت في الضغط علي المجلس العسكري، لإعداد دستور علماني قبل إجراء الانتخابات البرلمانية، يهمش العمق الديني الأصيل في المجتمع المصري، ويرسخ فصل الدين عن الدولة، سعت إلي الدخول من باب آخر وهو الحديث عن مبادئ فوق دستورية لا يجوز تعديلها، ومبادئ حاكمة لكل من يشارك في إعداد الدستور، وهو سلوك ينتقص من كرامة الشعب والوطن، ويتنافي مع مبادئ الديمقراطية، ويتعامل مع البرلمان المقبل بشيء من الاستهانة غير المقبولة. أيها السادة.. ارفعوا أيديكم عن الشعب المصري العظيم، واحترموا مبادئ الديمقراطية الحقة، وانحازوا إلي نبض هذا الوطن، وعبروا بصدق عن إيمانكم بالحرية، واتركوا هذا الشعب حرا كريما يختار طريقه، ودعوه يتحمل نتائج هذا الاختيار، إن كانت خيرا أو غير ذلك، وهي خير بإذن الله.. كفانا وصاية.. مللنا من أسلوبكم وطريقتكم.. ارحمونا يرحمكم الله.