سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بعيداً عن صراع الشرگات : من يحسم حيرة المرضي حول الانترفيرون المصري؟ وزارة الصحة: نستعد لإجراء دراسة موسعة.. ومساهمة الأغنياء ضرورة لاستمرار المشروع القومي
ترددت كثيرا قبل أن اكتب في قضية الانترفيرون المصري والأجنبي!!.. فكل من يتحدث في هذه القضية الآن.. يصبح متهما بالتواطؤ لصالح شركة ضد أخري طبقا للموقف الذي يعلنه.. حتي الأطباء أنفسهم طالتهم الاتهامات وأصبح معظمهم يرفض اعلان موقفه خوفا علي سمعته!.. وللأسف.. خرجت القضية عن مسارها وأهدافها وتحولت الي مهاترات واتهامات تعكس اعنف صور الصراع بين شركات الأدوية .. والضحية في النهاية هو المريض المصري الذي يتعلق بأي »قشة« تحمل له أمل الشفاء.. بتكلفة تسمح بها امكانياته المحدودة.. وفي اطار المساهمة في حسم الجدل والوصول للحقيقة من اجل مصلحة المريض قررت »الاخبار« فتح الملف واستعراض كل تفاصيله من خلال هذا التحقيق. البداية كانت حينما بدأت وزارة الصحة تطبيق إنجازها الكبير في عهد الدكتور حاتم الجبلي وهو مشروع علاج مرضي الفيروس سي بالانترفيرون مجانا.. والذي سبقه انجاز كبير آخر هو نجاح الوزارة في التفاوض مع الشركات الاجنبية المنتجة للانترفيرون لخفض السعر للثلث.. وبالفعل بدأ المشروع منذ ثلاث سنوات ونجح في علاج 102 الف مريض بالانترفيرون.. منهم 90 الفا تلقوا العلاج مجانا تماما.. وبالطبع فان هذا المشروع تسبب في تحميل الوزارة بأعباء باهظة وصلت لاكثر من ثلاثمائة مليون جنيه سنويا بسبب الزيادة الرهيبة في اعداد المرضي.. وفي ذلك الوقت وجدت وزارة الصحة طوق انقاذ في عقار جديد هو الانترفيرون المصري وهو ليس مثيلا مصريا للمنتج الاجنبي.. لكنه عقار جديد تم ترخيصه من وزارة الصحة المصرية وطرحه في الاسواق منذ حوالي سبع سنوات.. وبدأت الوزارة تستخدم العقار الجديد في مشروعها لعلاج المرضي.. وبدأت توسع نطاق استخدامه تدريجيا من خلال مرضي التأمين الصحي. وبدأ الصراع الطبيعي لدفاع كل طرف عن مصالحه .. وظهرت الآراء المتناقضة والدراسات المتناقضة أيضا ووقع المريض في حيرة كبيرة. والسؤال الآن: أين الحقيقة المدعمة بالأدلة والأسانيد العلمية بعيدا عن الاراء والاجتهادات الشخصية ؟.. وكيف نحسم الجدل ونحسم معه حيرة المرضي الغلابة؟ لا تكفي ويقول الدكتور شريف عبد الفتاح استاذ الكبد بالاكاديمية الطبية العسكرية ان الحديث حول هذه القضية للاسف ترك الهدف الاساسي وتحول الي صراع بين الشركات واتهامات متبادلة بين الاطباء.. ونحن لا نقول ان هذا العقار جيد او سيئ ولكننا نقول انه حتي الان لا توجد دراسات علمية تكفي للحكم عليه وعلي درجة فاعليته وامان استخدامه علي المدي القصير والطويل.. وربما هذا هو سبب عدم انتشاره عالميا لاننا علي حد علمنا جميعا لم نسمع باستخدامه في اي دول اخري غيرنا.. وكل ما نعرفه عنه انه مسجل في مصر فقط ولا يستخدم الا في مصر ولا توجد مراجع علمية له علي المواقع العلمية المعروفة.. وانا شخصيا قمت باستخدامه علي بعض المرضي باعتباره دواء مسجلا في وزارة الصحة وموجودا في الاسواق وحقق بعض نسب النجاح لبعض المرضي.. ولكن حينما كثرت الاعتراضات عليه حاولت البحث عن اي مراجع له فلم اجد.. ولذلك اوقفت استخدامه علي المرضي لحين اجراء الدراسات الكافية واعلانها. الدراستان لا تصلحان للحكم هناك دراستان مصريتان علي العقار.. ونتائجهما متضاربة.. فبماذا تفسر ذلك؟ لان نوعية الدراستين لا تسمح بالحكم علي العقار ولا تؤهله للانتشار عالميا فالدراستان من نوعية الدراسات التي يطلق عليها دراسات ملاحظة.. بينما الدراسة المطلوبة هي دراسة مقارنة تتم فيها المقارنة بين مرضي يحصلون علي هذا العقار ومرضي يحصلون علي العقار الاخر مثلا او لا يحصلون علي اي عقار مع تثبيت باقي العوامل والظروف.. ومتابعة المرضي لفترة محددة بعد انتهاء العلاج للتأكد من ارتداد المرض او عدم ارتداده ولكن الدراسات التي تمت علي هذا الدواء حتي الان لم تتم بهذا الأسلوب وبالتالي تعد دراسات غير مكتملة علميا بما يسمح بالحكم علي الدواء. عام ونصف وما هي الفترة المتوقعة للدراسة المطلوبة التي تكفي للحكم عليه ؟ ليس اقل من عام ونصف وهذه ليست فترة طويلة ولكن الدراسات العلمية لها اصول لابد من اتباعها.. وعلي سبيل المثال فإن هناك ادوية حديثة ستكون ثورة في علاج الفيروس سي.. ولا زال العلماء يجرون عليها الدراسات منذ خمس سنوات كاملة ولازال امامها من عامين الي خمسة اخرين حتي يتم الترخيص لها .. لان الاصول العلمية يجب ان تتبع بكل دقة. ويقول الدكتور ابراهيم مصطفي استاذ الكبد بمعهد تيودور بلهارس : نحن لا نعترض علي الدواء لاي مصالح شخصية ولكن اي دواء معروف لابد ان تكون له ابحاث او دراسات علي االانترنت اما هذا الدواء فلم نجد له بالفعل اي دراسات عالمية منشورة.. ولو كانت الشركة التي اخترعته المانية فعلا كما يقال لكان من الطبيعي ان ينتشر في المانيا.. ولكن الحقيقة انه لا يوجد له اي وجود في المانيا.. لذلك نحن نري ان تعميمه علي المرضي في مصر قبل اجراء الدراسات الكافية عليه هو مغامرة. مزيد من الدراسات ويؤكد الدكتور هشام الخياط استاذ الكبد بمعهد تيودوربلهارس أن الدراستين اللتين تم اجراؤهما علي المرضي غير كافيتين وفيهما تناقض فإحداهما أكدت أن نسبة الاستجابة بلغت 75٪ والأخري تؤكد أن نسبة الشفاء لا تزيد علي 52٪ لذلك نحتاج إلي المزيد من الدراسات والأبحاث الاكلينيكية الموسعة تحت اشراف وزارة الصحة وزارة الصحة لكن ما هو موقف وزارة الصحة ؟ يقول الدكتور عبدالحميد اباظة مساعد وزير الصحة للاتصال السياسي أن المشكلة الاساسية ان قرارات العلاج علي نفقة الدولة بلغت 4 آلاف و002 قرار يوميا بتكلفة تصل إلي 082 مليون جنيه سنويا، وأن الوزارة مدينة لشركات الدواء بحوالي نصف مليار جنيه للانترفيرون، و أن إستمرار صرف هذه المبالغ سنويا سوف يعمل علي توقف العلاج ولابد أن نركز جهودنا في البحث عن تمويل أو مشاركة المرضي في قيمة العلاج. وفي اطار الحرص علي المريض فإن الوزارة ستجري دراسة علي عدد كبير قبل تعميم الدواء الجديد.. ويقول د. عبد الرحمن شاهين المستشار الاعلامي لوزارة الصحة إن الانترفيرون المصري مازال يحتاج إلي دراسات ومن المفترض تقييمه بعد عام من التجربة، مشيرا إلي أن الانترفيرون المصري لا يستخدم علي نطاق واسع داخل المشروع القومي لمكافحة فيروس سي. . ويضيف الدكتور عبد الرحمن شاهين انه لا نية لتقليل الانفاق أواستبدال عقار »الانترفيرون« المستخدم حاليا مع عقار »الريبافيرن« بعقاقير أخري بديلة.. وأكد أن برنامج القومي لعلاج مرضي فيروس »سي« مستم. البحث عن تمويل والمهم في النهاية كما يؤكد الاطباء ان نؤجل الحكم علي الدواء الجديد اوالتوسع في استخدامه لحين اجراء الدراسات الكافية.. وإلي ان يحدث ذلك فالمهم الان هو توجيه كل الجهود لطرح اقتراحات جديدة لتمويل العلاج حتي لا يتوقف المشروع القومي الذي يعلق المرضي عليهم كل الامل وعلي المجتمع المدني ان يساهم بدور.. بالاضافة لمساهمة شركات الادوية المنتجة ومبادرتها بخفض الاسعار مقابل الزيادة الكبيرة في نسبة المبيعات.