للأسف لم تنجح كلمة رئيس الوزراء الدكتور عصام شرف في التخفيف من غضب الجماهير المعتصمين في ميدان التحرير .. بل ازدادوا إصراراً علي تصعيد مواقفهم بطرق عديدة بعضها ينذر بتطورات من الصعب التكهن بنتائجها . تأخر رد فعل رئيس الحكومة القادم من التحرير الذي علم بالتأكيد بالإحباط الذي أصاب الشعب مع تأخر المحاكمات وإعداد القوانين في الغرف المغلقة وإعلانها دون طرحها للمناقشة المجتمعية. قد يلتمس الشعب العذر للدكتور شرف- الذي لانشك في وطنيته وحبه لمصر- لأن سلطاته منقوصة علي ما يبدو .. فنصف وزراء حكومته من العهد البائد ولما طلب استبعاد سبعة وزراء لم يستجب المجلس العسكري لطلبه و عندما قبل استقالة الدكتور يحيي الجمل رفضها المجلس! إن قراراته الثورية كان يجب أن يتخذها مع بداية توليه المسئولية لامتصاص غضب الجماهير مثل: إنهاء خدمة القيادات والضباط المتورطين في محاكمات الفاسدين وقتلة الثوار ، وصرف حقوق ضحايا الثورة دون إبطاء فهي مطالب إنسانية مرت عليها خمسة شهور ولم يستجب لها إلا تحت الضغط الشعبي ، وتكليف وزير الداخلية بالإسراع في تحقيق الأمن ومراعاة كرامة المواطن ، وقرار النائب العام بالطعن علي جميع أحكام البراءة في قضايا الفساد والقتل ، وتشكيل لجنة وزارية لتلبية مطالب الشعب في الأجور والمعاشات والعلاج والإسكان والتوظيف.لماذا تنتظرون حتي ينفد صبر الناس حتي تستمعوا لأنينهم؟ رسالة الشعب الثائر في مليونية التطهير واضحة الدلالة .. لقد فاض صبراً وضاق ذرعاً بمحاولات الإلتفاف حول مطالبه والإستهانة بذكائه وعدم مواجهة الأمور الخطيرة بالحسم الذي تستحقه .. لقد هاجت مشاعر أهالي الشهداء والمصريين جميعاً بإخلاء سبيل الضباط المتهمين بقتل الشهداء بالسويس والبطء في محاكمات وزير الداخلية السابق حبيب العادلي والضباط المسئولين عن جرائم قتل الشهداء .. وصدور أحكام البراءة في بعض قضايا الفساد والأكثر استفزازاً تأجيل محاكمة الرئيس السابق وبقائه بعيداً معززاً مكرماً في مستشفي شرم الشيخ وتضارب تقارير حالته الصحية مما يشكك الكثيرين في فكرة محاكمته من الأساس وإلا فلماذا هذا التسويف ؟ لم يتعظ الرئيس اليمني علي عبد الله صالح من محاولة القتل التي تعرض لها الشهر الماضي عندما انفجرت فيه عبوة ناسفة وتم نقله للسعودية فورا لإنقاذه .. لقد نجا من الموت بأعجوبة وتضاربت الأنباء عن صحته حتي ظهر منذ أيام بوجه مشوه من تأثير الحرق ولا زال أمامه ثماني عمليات جراحية اضافية .. وبصوت واهن لا يخلو من العناد خرج علي وسائل الإعلام ليعرض علي المعارضة إقتسام السلطة .. لازال طامعا في السلطة رغم انه رأي الموت بعينيه .. وبعد شهور من المعارك قتل فيها الآلاف من شعبه الرافض لحكمه لا زال متمسكا بالسلطة لآخر نفس في صدره .. لم يتعلم الدرس القاسي ولم يفهم الإشارة التي ارسلها له الله تعالي بنجاته من الموت وحصوله علي فرصة جديدة للحياة بعيداً عن المحاكمة والمساءلة لكن شيطان الحكم يعمي العيون .. وسيظل الشعب اليمني ماضياً في كفاحه حتي يسقط النظام الفاسد. أقيم احتفال عظيم بمناسبة استقلال جنوب السودان عن شماله لتكون عاصمتها جوبا ورفع رئيسها سيلفاكير يديه ملوحاً بالدستور الجديد ورفرف خلفه علم الدولة الجديدة التي وعد الرئيس البشير بدعمها واعترفت بها عدة بلاد منها مصر والولايات المتحدةالأمريكية .. وسط كل أجواء السعادة شعرت بغصة في حلقي لانقسام بلد عربي شقيق إلي بلدين وانقسام شعبه نتيجة لنجاح المؤامرات الأجنبية في إشعال نيران الحرب بين الشمال والجنوب لسنوات أريقت فيها الدماء البريئة .. ولم يبق حل إلا الإنفصال أو الإستقلال الذي يشبه حفلة طلاق علي المستوي الدولي !