مقالان في اسبوع واحد نشرتهما الصحافة الإسرائيلية يحذران من السعي العربي لامتلاك قدرات نووية حتي لو كانت للأغراض المدنية. المقالان يكشفان قلقاً متنامياً لدي خبراء الدولة العبرية من هذا السعي وقلقاً أكبر من مشاركة الولاياتالمتحدة تحديدا تحت رئاسة ترامپ في هذا السعي العربي، علي الرغم من اعتراف احدهما بأن السباق العربي علي امتلاك قدرات نووية ليس موجها ضد اسرائيل إنما لمواجهة القدرات النووية الإيرانية التي تشكل خطرا مشتركا علي العرب واسرائيل في آن واحد. الشرق الأوسط في مقال بعنوان: »الشرق الأوسط يمضي نحو سيناريو الكابوس النووي الإسرائيلي» سخر البروفيسور تشك فريليش -نائب مستشار الأمن القومي في اسرائيل سابقا ويعمل الآن بجامعة هارڤارد الأمريكية- من انشغال كل من نتانياهو وترامپ بأمورهما الخاصة فبينما يحتسي نتانياهو الشامبانيا »إشارة لقضايا الفساد وتلقي الهدايا المتورط فيها» ويصدح ترامپ بتغريداته الإلكترونية يمضي الشرق الأوسط نحوالسيناريو الكابوس لمنطقة متعددة اللاعبين النوويين. يقول الكاتب الإسرائيلي: »هذه المرة لا يتعلق الأمر بإيران وحدها إنما بالانتشار السريع للبرامج النووية السلمية حولنا». ويمضي الخبير الأمني بالقول إن البرامج المتنوعة تعكس مشروعية احتياجات الطاقة لكن البرامج النووية السلمية في الشرق الأوسط لها ميول »قميئة» نحو التحول إلي برامج عسكرية او علي الأقل إلي تحقيق الأساس التكنولوچي لهذا. محيط عربي نووي ويستعرض الكاتب محاولات بعض الدول العربية لامتلاك قدرات نووية فيذكر ان السعودية تحتاج للطاقة ومعرضة لنضوب البترول ولذلك اعلنت عن مزايدة علي أول مفاعلين للطاقة النووية من بين ال16 مفاعل المخطط لها. فضلا عن احتياجات الطاقة فإن البرنامج السعودي مدفوع بالخوف من ايران مع شكوك متنامية في امكانية الوثوق بضمانات الأمن الأمريكية مع رغبة تالية في ضمان امتلاك المملكة البنية التحتية لبرنامج عسكري. في 2015 اعترف الاتفاق النووي مع ايران بحقها في تخصيب اليورانيوم ومع انه حدد مستويات دنيا الا ان هذا الاعتراف يجعل من الصعب علي واشنطن مطالبة السعودية بالتخلي عن تخصيب اليورانيوم وقد يشجع كلا من مصر والإمارات علي تقديم مطالب مماثلة. ما يقلق الكاتب ان الولاياتالمتحدة لا تستطيع التشدد مع السعودية لأنها تخشي لجوء المملكة إلي أطراف اخري للحصول علي الطاقة النووية كروسيا والصين، ويستشهد الخبير الإسرائيلي بالتعاون الروسي مع مصر في بناء وتمويل اربعة مفاعلات نووية بحلول 2028، وباقتراب تشغيل اول مفاعل اماراتي مع نهاية العام الجاري وبتشغيل المفاعل الأردني في العام الماضي. مشكلة إسرائيل في رأي فلايشر انها محاطة بمحيط عربي يسعي لامتلاك القوة النووية لا تملك ازاءه الخيار العسكري في حين تربطها اتفاقيات سلام أو علي الأقل علاقات طيبة مع غالبية دول هذا المحيط العربي ومن ثم فإنها مقيدة بعدم الدخول معهم في حرب الا اذا استنفدت كل السبل الدبلوماسية علي عكس الوضع مع ايران حيث تمتلك اسرائيل حرية الردع والرد والدخول معها في مواجهة عسكرية في ظل العداء السافر بينهما. كيف تتصرف إسرائيل؟ في ظل هذه الرؤية يري الكاتب ان علي اسرائيل حث الولاياتالمتحدة للضغط علي السعودية للتخلي عن تخصيب اليورانيوم، وانه حتي في هذه اللحظة الفارقة التي تسعي فيها تل ابيب لإحداث انفراجة في علاقاتها مع الرياض فإن علي الأولي ان تعارض اي قرار من شأنه اشعال سباق تسلح نووي في المنطقة. ثمة إمكانية أخري - وفق الكاتب- هي أن تتوصل واشنطن إلي تسوية مع الرياض تقصر مدة الاتفاق بينهما علي 15 سنة قابلة للتجديد بناء علي طلب أمريكا، أو أن تسن الإدارة الأمريكية عرفا دوليا جديداً بين الدول الست التي تقوم بتصنيع المفاعلات بحيث تقصر مبيعاتها علي الدول التي تبدي استعدادها للتخلي عن تخصيب اليورانيوم، وتقبل شراء الطاقة النووية من الدولة المصنعة طيلة دورة حياة المفاعل. يشاطر يوئيل جوزانسكي كبير باحثين بمعهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب الرأي مع البروفيسور فريلش حول ما يجب علي اسرائيل فعله إزاء سعي السعودية للحصول علي برنامج نووي فيكتب في مقاله الذي نشرته هاآرتس بعنوان:» هل تقتدي السعودية بإيران وتسعي نحو النووي؟» انه ينبغي علي اسرائيل حتي وهي تشترك في المصالح مع السعودية أن تطالب الولاياتالمتحدة بتقنين القدرات النووية السعودية. يأتي المقال بمناسبة استئناف المفاوضات بين الرياضوواشنطن بعد توقف بسبب رفض السعودية التخلي عن حقها في تخصيب اليورانيوم، وما يبدو من ميل ادارة ترامپ الحالية تليين موقفها والمضي نحو عقد اتفاق معها. الكاتب يري أن مثل هذا الاتفاق سيمثل مشكلة لإسرائيل فمن ناحية اي سماح للسعودية بامتلاك قدرات التخصيب سوف يؤدي إلي انتشار اقليمي للنووي في ظل مطالبات بحق مماثل من دول بالمنطقة كالأردن ومصر وتركيا، وسيحق للإمارات ان تتحلل من التزامها بالاتفاق الحالي وقد سبق ان ألمحت إلي ذلك، وسيصعب علي الولاياتالمتحدة تسويغ أي ضوابط وقيود إضافية علي تطوير البرنامج النووي الإيراني.كذلك اذا قررت السعودية مستقبلا احتياجها للسلاح النوي فسيكون لديها ما يتيح لها التحول السريع. مصلحة إسرائيل من ناحية أخري من مصلحة اسرائيل -حسب الكاتب- أن تكون الصدارة للولايات المتحدة في السوق النووي السعودي، إذ يمكنها آنذاك ان تكون واعية لتطورات الصناعة النووية السعودية وتفتح لنفسها مجالا جديدا للهيمنة، كما يمكنها تخفيض القدرات السعودية ودوافعها لتطوير قدراتها النووية سراً.ويختم الباحث مقاله بأنه علي الرغم من التعاون الاستراتيجي الإسرائيلي مع الرياض وتشارك المصالح، إلا انه يظل علي تل أبيب ان تعمل في الولاياتالمتحدة من اجل الحيلولة دون اطلاق القدرات النووية السعودية.