وفقاً لمصادر اقتصادية دولية موثوقة.. وخلافاً لما قد يتوقعه معظمنا في ضوء تداعيات الأزمة المالية العالمية.. فإن عدد الأثرياء في العالم قد ازداد خلال عام 2010 كما ازداد معه حجم ثروات معظم هؤلاء الأثرياء! وأما بخصوص الأثرياء العرب فقد قدّرت المصادر ذاتها حجم ثرواتهم ب170 مليار دولار فقط!!. الثراء ليس جريمة كما قد يتبادر إلي أذهان البعض.. بل هو امتياز وانجاز كبير يستحق الثناء والإعجاب.. خاصة إذا تحقق من خلال الجهود الذاتية والذكاء الشخصي والعصامية المتناهية والقدرة علي التوقع وقراءة الخريطة المالية والاقتصادية.. ولا يقلل من شأنه كونه متوارثاً أو عائلياً.. لكن هذا الثراء يمكن أن يتحول إلي كارثة حقيقية.. لا تحيق بشخص الثري أو عائلته فقط بل تمتد لتصيب كثيراً من أفراد المجتمع.. إذا تحقق عبر الإثراء غير المشروع استناداً إلي سلطة أو نفوذ أو حالة من الفساد العام.. لأن الثري في هذه الحالة وكل من يحيطون به أو يتصلون به يتحولون إلي حفنة من مصاصي دماء الشعوب الذين لا يرتوون ولا ييأسون من محاولة نقل عدواهم إلي كل مسؤول ضعيف فيفسدون الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.. وبينما يجب أن نتذكر حقيقة أن الحروب والكوارث والأزمات قد تمخضت دائماً عن إفراز طبقة جديدة من الأثرياء.. لأن هناك من يجيد ترجمة القول المأثور: مصائب قوم عند قوم فوائد.. فإن علينا أن نتذكر أيضاً حقيقة أن عدداً غير قليل من الأثرياء.. وخاصة في أوروبا والولايات المتحدةالأمريكية.. قد مثّلوا الروافع الحقيقية للنهوض السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي.. وحاربوا الفساد والاستبداد بكل ما أوتوا من إمكانات.. ويكفينا في هذا الصدد أن نشيرعلي سبيل المثال لا الحصر إلي أسطورة التكنولوجيا الناعمة بيل جيتس الذي ضرب مثلاً خارقاً في الكيفية التي يمكن وفقها لأي ثري أن يتسامي فوق منطق المال والملكية الفردية وأن يتحول إلي ناقد ومصلح سياسي واجتماعي وإلي رسول سلام بين الشعوب لا يمل من تذكير المجتمعات الغنية بواجبها الإنساني النبيل تجاه المجتمعات الفقيرة كما لا يمل من تذكير الأغنياء في كل مجتمع بواجبهم التاريخي تجاه الشرائح الفقيرة وتجاه الأطفال وطلبة العلم الفقراء.. في وطننا العربي.. وعلي الرغم من وجود العديد من الأثرياء الرياديين والنهضويين سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً.. فإن معظم الأثرياء العرب بعيدون تماماً عن الشأن العام وعن أي تفكير في استخدام إمكاناتهم المادية لتحسين الواقع أو تطويره.. وسلبية هؤلاء تهون ولا تكاد تذكر أمام تغوّل حفنة من الأثرياء الآخرين علي الحياة العامة إلي الحد الذي أدي إلي انفجار الثورة في مصر وسلسلة من الثورات في كل من تونس وليبيا واليمن وسوريا.. وإلي الحد الذي يمكن الزعم معه بأن التحالف غير المقدس الذي قام بين الأثرياء وبين السياسيين في هذه الأقطار مثل الدافع الأبرز الذي حدا بملايين المواطنين العرب إلي التظاهر والمطالبة بإسقاط الأنظمة.. مرة أخري نؤكد أن الثراء ليس عيباً ولا جريمة.. بل هو نعمة كبري لكل من أراد أن يحيا هو وغيره من الناس بكرامة.. ولعل العديد من أجراس الإنذار التي قرعت وما زالت تقرع في العالم بعامة وفي الوطن العربي بخاصة تمثل فرصة لمئات الأثرياء العرب كي يراجعوا أنفسهم ويعيدوا حساباتهم.. فينفتحوا علي مجتمعاتهم وينخرطوا في شؤونها العامة.. ويساهموا في تنميتها سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً.. فيكسبوا الحسنيين: الثراء الواسع والذكر الطيب بين الناس. [email protected]