انزعجت كثيراً من تحول الصديق عادل حمودة والزميلة رشا عزب إلي القضاء العسكري. عندما عرفت بخبر الاستدعاء. تصورت أن الأمر لن يخرج عن شرب القهوة والدردشة والانصراف. ولكن الأمر تطور سريعاً وأصبحنا أمام تحويل صحفيين للمحاكم العسكرية. إن هذا ما لم أكن أتمني حدوثه. ولو عرفت زمان ومكان المحاكمة. لذهبت إلي هناك حيث منطقة القضاء العسكري عند آخر الحي العاشر وأول حي الزهراء. ليس دفاعاً عن عادل حمودة ولا عن رشا عزب. ولكن دفاعاً عن حرية الكلمة. وعن جريدة الفجر التي أحرص علي قراءتها صباح الخميس من كل أسبوع. والأهم من ذلك دفاعاً عن المجلس العسكري. الذي أحلم أنه لا بد وأن يبقي الحائط الأخير أمام المصريين جميعاً.. لكن تبقي في هذه القصة حكاية حسن الرويني الذي أعرفه ولا أعرفه. جمعتني به جلسات سابقة في الصالون الثقافي الشهري لصديقنا الدكتور أحمد العزبي. حضر عادل حمودة إحداها. وحسن الرويني مصري صميم. يحاول أن يقيم جسوراً من المودة بين أهلنا من العسكريين المصريين وبين النخبة المصرية. أو رموزها التي يحدث أن يتواصل معها. صريح ومباشر ومحدد. لا يعرف اللف أو الدوران. ولا يدعي المعرفة أو الثقافة. لا يخجل من السؤال عما لا يعرفه. وعندما يكتشف أن ما لا يدركه كثير. يعلنها بصراحة رجولية أنه سيأخذ دروساً خصوصية في أمور كثيرة. لم يمكنه واجبه العسكري من الاهتمام سابقاً بها. من المؤكد أن حسن النية متوفرة عند الطرفين. جريدة الفجر وحسن الرويني. فالذهاب إليه بعدد من الحقائق التي تمس الأداء العسكري المصري الآن مسألة مهمة في هذه الظروف الدقيقة والصعبة التي تمر بها البلاد. ربما فات حسن الرويني أمام ضخامة العدد الذي ذهب إليه من المدنيين إدراك إسم وحجم روائية مصرية مثل أهداف سويف صاحبة أكثر من رواية مصرية مكتوبة بالإنجليزية. ومنشورة في أهم دور النشر البريطانية. وكونها كاتبة مقال في الجارديان البريطانية. ربما لم يمكن الزحام حسن الرويني من إدراك دلالة وجود واحد من أجمل أبناء النخبة المصرية مثل ممدوح حمزة في مكتبه. والأمر كله كان يمكن معالجته من خلال عملية تصحيح لأية تجاوزات تمت في النشر. لأن الجريدة ما دامت قد ذهبت إليه. وهو استمع إلي ما عندهم. إذن كان يمكن تدارك الأمور. وما زلت أعتقد أن العثور علي الحلول الوسط ما زال متاحاً وممكناً لأن الأطراف الثلاثة: جريدة الفجر. ومن ذهبوا معها من رموز المجتمع المدني. واللواء حسن الرويني قائد المنطقة العسكرية المركزية وعضو المجلس العسكري. أقول أن هذه الأطراف الثلاثة يجمع بينها الحرص علي مصر وعلي عبور مصر هذه المنطقة الخطرة بأقل الخسائر الممكنة. إيضاحات وزير الداخلية صباح الأحد الماضي اتصل بي اللواء منصور العيسوي وزير الداخلية. بعد نشر مقال الأسبوع الماضي: القاتل في مكتب الوزير. دخل في الموضوع الذي كتبت فيه دوغري. قال لي: نعم قابلته كجزء من حرصي علي مقابلة كل أطياف المجتمع المصري. لا حساسية في مقابلة أي مصري. ونفس هذا الكلام يقال عن الأمن الوطني. لماذا ركزت علي أن الأمن الوطني طلب من شخص بعينه أن يذهب إليه ويتكلم مع الضابط. يستمعون له ويستمع لما يقولونه. إنها بداية جديدة لجهاز أكثر من مهم. علينا التعامل بجدية مع دلالاتها ورموزها. نحن نتعامل مع المصريين جميعاً انطلاقاً من كونهم مصريين. وكنت قد كتبت منزعجاً من استقبال اللواء منصور العيسوي وزير الداخلية لعبود الزمر في مكتبه. ودعوة اللواء حامد عبد الله مدير الأمن الوطني لعبود الزمر لإلقاء محاضرة علي ضباط الأمن الوطني. ويبدو أن الوزير يقرأ الصحف بنفسه لأنه قال لي ضمن كلامه. أنه يبحث منذ الصباح الباكر عن الصديق محمد الغيطي. لأنه كتب منتقداً الوزير. بعد أن فهم من كلام منسوب له أنه ذ أي الوزير ذ يدافع عن حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق. وهو لم يدافع عن الوزير. ولكنه تكلم عن واقعة أن العادلي أصدر أوامره بفتح السجون. وأن هذا قرار أهبل لا يمكن صدوره بهذه الطريقة. وحتي لو صدر من المستحيل تنفيذه. ومن حيث التجاوزات التي حدثت داخل السجون. وحسب لائحة السجون فإنه من المستحيل وجود أسلحة داخل السجون. والأسلحة تكون موجودة خارج السجن بهدف الدفاع عن السجون ضد محاولة اقتحامها من الخارج. والأسلحة الخارجية تكون موجهة لمن يهاجم السجون وليست ضد المساجين أنفسهم. رؤية البرادعي الغائبة قرأت بعناية شديدة حديث الزميلة أماني ضرغام مع الدكتور محمد مصطفي البرادعي المرشح المحتمل للرئاسة. والحديث احتل صفحتين في الأخبار. وهي نفس المساحة التي خصصت بعد ذلك للدكتور محمد سليم العوا. وقد خرجت من القراءة بعدة انطباعات. الأولي: أن الرجل الذي يقول أنه يسافر كثيراً للخارج بسبب التضييق الإعلامي عليه في مصر. الآن لم يعد التضييق موجوداً. وها هو الإعلام المصري مفتوحاً أمامه. فهل سيتوقف عن السفر؟ الثاني: هذا رجل التفاصيل الصغيرة. حوار طويل لا توجد فيه رؤية شاملة لمصر الراهنة ولا مصر المستقبل. لا يوجد عنده مشروع. رجل آت من الخارج ليقود 85 مليون مصري. وغير قادر علي الحلم. ولا علي التحليق. مع أن القدرة علي الحلم الحقيقي المرتبط بآليات الواقع هي كلمة السر التي يمكن أن تخرج المصريين من الوضع الانتقالي الذي يمرون به الآن. الثالث: الدور الذي لعبه البرادعي في إخلاء التحرير من الشباب. علي أساس التخلص من شفيق. ليس من أجل مصر ولكن لأن شفيق سبق أن وصف البرادعي أنه مطلوب من الأمن. وبالتالي فإن البرادعي قد قام بهذا الدور كنوع من الانتقام الشخصي من شفيق وليس من أجل رؤية في نفسه. ورجال الانتقامات لا يصلحون لقيادة الوطن. هل لاحظت تكرار المجلس العسكري في كلامه؟ هل لاحظت تكرار هجومه علي عبد الناصر؟ غيري كثيرون ممن قرأوا الحوار قاموا بعملية ربط بين نشر الحديث هكذا واستفتاء القوات المسلحة. الذي جاء البرادعي هو الأول فيه. كان سؤالهم جميعاً: ما هي الحكاية بالضبط؟