»البيتكوين» يقفز من 750 دولاراً إلي 17 ألفاً خلال عام.. و»الربيل» يدخل مارثون المنافسة خبراء ومصرفيون ستار لغسل الأموال.. والمنظمات الإرهابية تستغلها في تجارتي »السلاح والأعضاء البشرية» اللجنة الاقتصادية بالبرلمان انتشارها في الوطن العربي له بعد سياسي وخطر علي الدول النامية »تداولات وربح وخسارة وعملاء تتضاعف أعدادهم يوماً بعد آخر من مختلف البلدان».. عالم متكامل لا يخرج عن حيز تلك الشبكة العنكبوتية المُعقدة .. إنها السوق الخفية للعملات الإلكترونية التي أصبح لها تأثير كبير في مجريات الأمور المالية في العالم وتأتي في مقدمة تلك العملات »البيتكوين» التي ذاع صيتها في الآونة الأخيرة رغم تحذير العديد من البنوك المركزية علي مستوي دول العالم المختلفة، إلا ان الإقبال علي التعامل بهذه العملة لاقي رواجًا عالميًا فاق كل التوقعات، وتخطي كل التحذيرات بعد أن وصلت إلي أعلي سعر لها، متخطية حاجز ال17 ألف دولار ل »البيتكوين» الواحدة، كما ظهرت أيضاً علي الساحة العالمية مؤخراً عملة جديدة يُطلق عليها »الربيل» لتدخل هي الأخري في ماراثون العملات الافتراضية. تُعد العملات الإلكترونية سلاحا ذا حدين فهي الوسيلة الأسرع والأكثر توفيراً للوقت والجهد لعملائها ولكن يُعيبها انها مُشفرة ولا يمكن تتبع عمليات البيع والشراء التي تتم بها أو حتي معرفة صاحب تلك العملات، حيث تتميز بعنصر السرية وعدم القدرة علي تتبعها أو تتبع أصحابها، إذ أن كل شخص يملك محفظة مالية ب »البيتكوين» أو غيرها يكون له اسم سري وكلمة سر علي أحد المواقع الإلكترونية »بنوك» ل »البيتكوين»، ولا يعرف أحد غيره الاسم أو كلمة السّر، مما يجعلها مصدر قلق لكونها قد تُستخدم كستار لبعض التجارات غير المشروعة أو تمويل العمليات الإرهابية، وتتباين التشريعات والقواعد المنظمة لتداول ل »بيتكوين» حول العالم وكان قد أعلن البنك المركزي المصري موقفًا قاطعًا من التعامل بالعملات الافتراضية، مؤكدًا عدم وجود نية للتعامل بها حاليًا، بينما بدأت بعض الدول تعيد النظر في استخدام تقنيات مشابهة لل »البيتكوين» بعد أن سبقت وحذرت من التعامل بتلك العملات الرقمية وهو ما أكده محافظ مصرف الإمارات المركزي، مبارك راشد المنصوري، خلال تصريحاته التي أوضح من خلالها أن بلاده تعمل مع مؤسسة النقد السعودية »البنك المركزي» علي إصدار عملة رقمية ستكون مقبولة في المعاملات عبر الحدود بين البلدين، كما أعلنت روسيا إنها تدرس بالفعل تقنين تداول »البيتكوين» بينما بدأت ألمانيا في التعامل بها في بعض المؤسسات ووفقاً لما نشرته صحيفة » الجارديان » البريطانية ان هناك شركات يابانية قررت أن تدفع رواتب موظفيها من خلال »البيتكوين». محاولة شراء وكانت »الأخبار» قد قامت منذ عدة أشهر برصد بدء انتشار »البيتكوين» في مصر والدول العربية وحذرت خلاله من استغلال تلك العملة كغطاء للتجارات غير المشروعة.. لذلك قررت أن تخترق السوق الخفية للعملات الإلكترونية وبدأت تبُحر في صفحات مواقع التواصل الاجتماعي »فيس بوك» وبعض المواقع الخاصة بتداول تلك العملات وقامت بتجربة حية في محاولة لشراء قدر من هذه العملة عبر الإنترنت لتكشف المزيد من الأسرار.. وبالفعل قمنا بعمل أكونت علي إحدي مواقع تداول العملات الإلكترونية ولم نكن نتصور أن سعر العملة التي بدأ تداولها مطلع عام 2009 مقابل 1 دولار، بإمكانها القفز بهذه السرعات الجنونية، حيث أكدت المؤشرات أنها ارتفعت خلال 52 أسبوعا أي خلال العام المالي الجاري من 750 دولارا إلي 17.688 ألف دولار، وهذا يعني أن من اقتني هذه العملة مطلع العام حقق أرباحًا بنسبة فاقت 2000%، وهي أرباح لا يمكن أن تحققها تجارة أخري بالعالم. »الربيل» في المنافسة ! وفي نفس الدرب بدأت تدخل عملة »الربيل» أو xrp في ماراثون المنافسة وبدأت أعداد الإقبال عليها تزداد يوماً بعد آخر، وأكدت المؤشرات أن »الربيل» ارتفعت خلال 52 أسبوعا، أي خلال العام المالي الجاري 2017 بنسبة 7000%، حيث بلغت 47 سنتا بدلاً من 0.0068 دولار ، فيما أكد بعض رواد مواقع التداول الخاصة بها أنها من المتوقع أن تكون الأفضل في سوق العملات الرقمية خلال الفترة المقبلة خاصة انها مازالت قيمتها منخفضة أي يمكن شراؤها بسهولة وفي الوقت ذاته أسهمها ترتفع بسرعة. كما رصدنا خلال تصفحنا للمواقع العالمية الخاصة بتداول العملات الرقمية أن تلك المواقع بمثابة بورصة إلكترونية ولكنها لا تتوقف عن التداول وتعمل علي مدار 24 ساعة نظراً لاختلاف التوقيتات الزمنية لأن عملاءها من مختلف دول العالم، وبها أيضاً نظم للاقتراض أي انه يمكنك أن تقترض المبلغ المالي بفائدة وتسدده لشركة الوساطة المالية »السمسرة»، كما ان شركات »السمسرة» تحصل علي عمولة قدرها 0.40 دولار مقابل كل 10 آلاف دولار يتم استثمارهما في عمليات البيع والشراء . السوق الخفية ! حاولت »الأخبار» الاشتراك بإحدي المجموعات المتخصصة »جروبات مغلقة» في بيع وشراء »البيتكوين» عبر »الفيس بوك»، ولاحظنا انها تشترط جميعاً أن يكون هناك صديق مشترك بين »الأكونتات» وأن يعمل بتجارة هذه العملة مع ذكر اسمه للجروب، منعاً لتسريب أي معلومات أو التعرض لأي مساءلة قانونية.. وهنا تنشط التعاملات بين حائز ل »البيتكوين» يسعي لبيعه، ومشتر يبحث عن بائع، ويحدد كل بائع سعر »البيتكوين» الذي سيبيعه، ويبدأ الحوار بينذالبائع والمشتري والاتفاق علي طريقة السداد، التي إما تكون من خلال تحويل بنكي مباشر لأي من البنوك العاملة بالسوق المصرية، أو من خلال خدمة تحويل الأموال عبر الموبايل، أو حتي من خلال تحويل مالي عبر البريد، ولأن التحويلات المالية شخصية، أي من شخص لآخر، فلا يمكن لأي جهة تتبع عمليات بيع وشراء هذه العملة الافتراضية علي الإطلاق. وحين تحدثنا مع بعض العملاء داخل الصفحة حول أسباب تزايد الإقبال علي شرائها أخبرنا أحدهم بأنها تُعد تجارة مربحة ومشروعة وتوفر فرص عمل للشباب - حسب قوله - وتابع: »انا في البداية لم يكن لدي أي معلومات عنها ولكني سمعت عنها من خلال أصدقائي وبعدها بدأت اتصفح عبر منصات تدوالها عبر الإنترنت حتي بدأت أفهمها وقمت بعدها بشراء »بيتكوين» بمبلغ ألف دولار فقط منذ عام والحمد لله خلال عام فوجئت بارتفاع أسهمها وتربحت قرابة 18 ألف دولار ولدي صديق أيضاً اشتري حينها بمبلغ 500 دولار فقط وتربح خلال العام الجاري قرابة 9000 آلاف دولار». ومن جانبه يري متعامل بالعملة الافتراضية، رفض ذكر اسمه أن هناك إيجابيات للتعامل بها ويقول: »إن هناك بعدا سياسيا أيضاً بالأمر وهو أن العالم سيخرج من قبضة الدولار الذي تتحكم به أمريكا في جميع التداولات العالمية ولن تستطيع فرض عقوبات مالية علي الدول لأنه في حالة انتشار التعامل بالعملات الرقمية ستكون بديلاً عن الدولار».. وأضاف: »يوجد العديد من المنصات الدولية التي تجمع حائزي العملة الافتراضية، وراغبي البيع والشراء، والتي يمكن من خلالها التعرف علي بعضهم البعض، وتوضح تلك المنصات طرق الدفع وتحويل الأموال مقابل اقتناء »البيتكوين»، وأغلبها يتم من خلال تحويلات بنكية، بحسب البنك الذي يملك الشخص حسابا خاصا عليه، وهو ما يعني أن أموال السوق السوداء ل »البيتكوين» يتم تحويلها بطرق مشروعة تمامًا عبر البنوك العاملة في السوق المحلية». إنتاج »البيتكوين» انتشرت أجهزة تعدين وإنتاج عملة »البيتكوين» بمختلف بلدان العالم إلا انها مازالت لم تدخل مصر، وتعمل تلك الأجهزة من خلال توصيلها بجهاز الحاسب الآلي عن طريق شفرات معينة.. وبعد وقت طويل من البحث استطعنا رصد خريطة الشركات والمصانع العالمية التي تصنع أجهزة تعدين »البيتكوين» في العالم، وجاءت في المركز الأول شركة »أنتيبول» الصينية ولديها 56% من السوق العالمي لتعدين البيكوين. بينما احتلت شركة »بيت فيري» المركز الثاني حيث انها تستحوذ علي 16.4 % من نسبة التعدين، وبعدها في المركز الثالث شركة »بتكوين شينا» الصينية أيضاً حيث تستحوذ علي 16.4 % من انتاج العملة، وفي المركز الرابع شركة »bw»، وتستحوذ علي 7.6 % من السوق، وفي المركز الخامس شركة »كي ان سي ماينر» بنسبة 4.2%، أما المركز السادس فاحتلته شركة »سلاش» بنسبة 4% علي الرغم من كونها أقدم شركة لإنتاج وتعدين »البيتكوين» في العالم، وأخيرًا تأتي شركة »21 إنش» ولديها 3.7 % من سوق تعدين البيتكوين برأس مال يبلغ 116 مليون دولار. أكد د. مدحت الشريف، وكيل اللجنة الاقتصادية بالبرلمان أن انتشار العملات الرقمية يُعد خطراً علي الدول النامية بالتحديد، كما أن هناك بعداً سياسياً وراء انتشارها بالدول العربية، مشيراً إلي أن الحرب الاقتصادية تُعد جزءياً من برنامج الشرق الأوسط الجديد الذي تهدف بعض الدول لتنفيذه. وأضاف »الشريف»: »العملة الافتراضية هي شكل من أشكال المقايضة بعملة وهمية لها قيمة وتعتبر فرصة للهروب من البنوك المركزية وهذا سيساعد بشكل كبير في عمليات غسل الأموال وتمويل العمليات الإرهابية، كما أن سلبياتها أكثر من إيجابياتها وحتي الآن مازالت الدراسات الخاصة بهذه العملة وتأثيراتها علي الاقتصاد غير واضحة وغير دقيقة لكي نبدأ مناقشتها في البرلمان». ناقوس الخطر رصدنا آراء الخبراء حول إمكانية تداول تلك العملة في مصر وما أضرارها، بداية يقول الدكتور رشاد عبده، رئيس المنتدي المصري للدرسات السياسية والإقتصادية: ان استخدام عُملة افتراضية مثل »البيتكوين» صعب تطبيقه في مصر لعدة عوامل علي رأسها أن معظم الدولة التي تعاني من مشكلات اقتصادية يصعب عليها استخدام مثل تلك العملات لأن بها نوعاً من المخاطرة. وأضاف خبير الاقتصاد الدولي: أن المستثمرين ثلاثة أنوع، النوع الأول يتمثل في المستثمر المتوازن الذي يشترط توافر مقدار مُعين من الأمان النسبي في تعاملاته، والنوع الثاني هو المستثمر المخاطر الذي يغامر بأموال أملاً في الربح الكثير، بينما النوع الثالث هو المستثمر المتحفظ الذي يميل دائماً إلي الاستقرار وعدم المغامرة وهو الذي يتطابق مع المصريين. تشريع أم تجريم ؟ ومن جانبها حذرت الخبيرة المصرفية د. بسنت فهمي، وعضو لجنة الشئون الإقتصادية بمجلس النواب من التعامل بأي عملة افتراضية وقالت: »الحاجة اللي مفيش وراها جهة رقابية منقربش منها» وتابعت: هذه العملة تُعد إحدي طرق غسيل الأموال وهي لا تعتبر تجارة بل أنها بمثابة لعبة »القمار» بحيث تعتمد أسسها علي جذب أكبر قدر من العملاء ثم بعد ذلك قد يربح الشخص مرة أو اثنتين ويخسر كل شيء في النهاية وخطر جداً علي الاقتصاد. وتوضح الدكتورة يمن الحماقي، أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس أن عملة »البيتكوين» غير مستحبة علي الاطلاق لأنها تفتح مجالاً للأنشطة غير الشرعية وتخرج عن إطار البنوك المركزية والتي بدورها تشرف علي السيولة النقدية وتحافظ علي قيمة العملة محلياًوذلك من خلال مكافحة التضخم وتحافظ علي العملة دولياً بتحقيق الاستقرار في سعر الصرف. و أضافت »خبيرة الاقتصاد» أن كل التقارير الدولية أكدت أن تلك العملة مرفوضة من قبل النظام النقدي العالمي والبنوك المركزية الدولية، لأنها تضر باقتصاد أي دولة تتعامل بها.