الصيادلة: آثار مدمرة لأدوية »الكيف» ولا نملك رفض بيعها نقيب الصيادلة : 14 ألف دواء بالأسواق يمكن تحويل بعضها لمواد مخدرة عضو لجنه قانون التأمين الصحي : نفتقر إلي نظام صحي متكامل »مكافحة الإدمان»: الاستخدام السيئ للعقاقير يضعف الجهاز المناعي مليارات الجنيهات تنفقها الدولة لحماية الشباب من مخاطر الإدمان، وتجفيف منابع المخدرات.. وجهود كبيرة تبذلها العديد من مؤسسات الدولة من أجل التصدي لمافيا الكيف، وتجار السموم الذين يغتالون عقول الشباب ببضاعتهم القاتلة، لكن تلك الجهود تواجه تحديا جديدا يتمثل فيما تقوم به »مافيا المخدرات» بطرق غير شرعية، بعد أن أخفقت مراراً وتكراراً في تهريبها، لتحول العقاقير الطبية إلي سموم قاتلة بديلة لتصبح البوابة الخلفية لتدمير الشباب بالإدمان عبر طرق غير مجرمة قانونا، ومن خلال استغلال الأدوية الموجودة بالصيدليات خلطها بطرق معينة لتتحول إلي مخدرات قاتلة. »الأخبار» اقتحمت العالم السري لهذه المافيا الجديدة، وحاولت كشف ألاعيبه في السطور التالية. لم تعد مافيا المخدرات في حاجة إلي التهريب، والمخاطرة بأن ينكشف أمرها للأجهزة الأمنية، فكل ما بات عليها فعله أن تتوصل إلي »خلطة جهنمية» لاستخدام مجموعة من الأدوية الموجودة بالصيدليات، لتتحول الأدوية إلي مخدرات. في البداية يقول محمد مهدي، »متعاف من الإدمان»: »إن المدمن لا ييأس ويسعي بكل ما أوتي من قوة لتوفير المخدر الذي اعتاد الحصول عليه». وأضاف أن السبب في ظهور هذه الابتكارات من الأدوية هو بعض الصيادلة الذين يستغلون معرفتهم بالتأثيرات الجانبية لكثير من الأدوية ويقومون بالتجارب ومن ثم يتم الترويج لها في سوق مدمني المخدرات. وأشار إلي أن أبرز هذه الاختراعات هو إحدي قطرات العين »الميدراسيل» والتي يتم خلطها مع بعض الأدوية الأخري وتقوم بتخدير الجسد إلا أنها تتسبب بعد ذلك في تدمير غشاء القلب، وأيضا »الايفانول» والذي من المفترض أنه علاج للحساسية، إلا أن مدمني المخدرات يتناولون شريط الأقراص كاملا ويستخدمونه كبديل »للباركينول» أو حبوب »الصراصير» كما يطلق عليها مروجو المخدرات. ابتكارات المدمنين! يقول بدري محمود، »متعاف من الإدمان»، إنه لا حيلة لمنع مدمن من الوصول للمخدر الذي يريده سوي بعلاجه وتخلصه من حاجته الدائمة للمخدر. وأضاف أن المدمن دائم الابتكار للوصول لما يرضي حالته المزاجية وأبرز هذه الابتكارات هو أن المدمن يحقن نفسه بحقن تصرف للنساء أثناء الولادة لتساعد في عملية »الطلق» بعد أن يخلطها بنصف ليمونة. وأشار إلي أن هذه ليست آخر الاختراعات للمدمنين، حيث يقومون الآن بطحن حبوب منع الحمل وخلطها بنصف ليمونة أيضا ثم تسخينها علي نار هادئة وفي المرحلة الأخيرة يتم حقن هذا الخليط في الوريد. الاستخدام الخاطئ ويؤكد د. باسم حليم، مدير صيدلية، أن المشكلة ليست في سوق الدواء وأن هذه الأدوية متاحة للجميع، ولا نملك رفض بيعها، ولكن المشكلة تكون في الاستخدام الخاطئ لها وتجارب المدمن المستمرة علي نفسه مستغلا الآثار الجانبية لكثير من هذه الأدوية ليصل لما يعوض المخدر الذي اعتاد عليه وتم منعه من السوق وإضافته لجدول المخدرات. وأضاف أن الصيادلة كل يوم يفاجأون بجديد في سوق المخدرات وأبرز هذه المفاجآت هو أن تناول نصف شريط من أحد الأدوية المتاحة يعادل تأثيره زجاجة خمر، علي الرغم من أنه دواء لعلاج تقلصات المعدة. وأضاف أن أبرز الاكتشافات التي توصل إليها المدمنون ولاحظها بالصدفة عندما وجد زيادة الطلب علي دواء يبلغ سعره 35 جنيهاً ويستخدم في علاج التهاب الأعصاب والصرع ليصدم فيما بعد أن هؤلاء المدمنين من ضعاف النفوس يستخدمونه كبديل للترامادول لاحتوائه علي مادة البريجابالين والتي تم حظرها في جميع الدول العربية عدا مصر. وأشار إلي أن الحل يكون ببرامج التوعية التي يجب أن يتبناها الإعلام لتوعية المواطنين بخطورة هذه الممنوعات التي تدمر الجهاز المناعي للجسم وتجعله عرضة لجميع الأمراض. ضوابط صارمة من جانبه، يؤكد د. منير صادق، مدير صيدلية، أن الثغرة التي يستغلها المدمن هو أن كثيراً من الصيدليات تقوم ببيع الدواء بدون توافر »روشتة» مع المريض وعلي إثرها يتم شراء الدواء الذي من آثاره الجانبية أنه تتوافر به مادة مخدرة. وأشار إلي أنه في إحدي المرات أتت إليه فتاة وأعطته »روشتة» لشراء الدواء ولم تحدد سوي دواء »الاكبيتون» والذي من المفترض أنه علاج باسط للعضلات ويتم أخذ نصف قرص منه فقط إلا أنه مع الاستخدام السلبي وزيادة الجرعة يتحول إلي مخدر، وبعدها بثوانٍ آتت شابة أخري بنفس »الروشتة» وطلبت نفس الدواء حينها تيقن بأمر مريب ولم يعطها الدواء. وأوضح أن الحل يكون بوضع ضوابط صارمة في عمليات بيع الأدوية بالإضافة إلي تشديد الرقابة علي الصيدليات وخاصة التي تتواجد بالمناطق العشوائية. المخدرات المبتكرة وأكد د. محيي عبيد، نقيب الصيادلة، أن العلم والعلماء والأطباء والشركات المنتجة تتفاجأ يوميا بالاختراعات التي يبتكرها المدمنون ولم يكن يخطر ببالهم يوما أن يتحول الدواء الذي يعالج البشر إلي إدمان تتم محاربته. وقال: » إننا نتعامل مع مواد كيماوية وأن في مصر 14 ألف نوع من الدواء، ومن الوارد أن يتم تحويرها بالتجارب لمواد مخدرة وهذا ما يقوم به المدمن مستغلا ذكاءه بطريقة سلبية. وأشار إلي أن هذا الخليط الذي يقوم به المدمن يختلف في تأثيره عن المخدرات بل ما يتم هو عملية تخدير للجسد بعد حقن الجسم بمواد مسممة تصنع أنواعاً من الرعشة والتنميل حينها يتوهم المدمن أن هذا الخليط هو نوع من المخدرات المبتكرة. التأهيل النفسي بدوره، قال د.علاء غنام، عضو لجنة قانون التامين الصحي: »إن سبب انتشار هذه الممارسات الخاطئة هو عدم تواجد نظام صحي سليم متكامل الحلقات سواء في المجال التشريعي والحوكمة التي لابد أن تكون أساس القطاع الصحي، بالإضافة إلي الرقابة الجيدة التي يجب أن تكون علي جميع مؤسسات القطاع الصحي.. وشدد علي أنه طالما أن النظام الصحي غير متكامل الأركان فسيكون هناك ممارسات غير شرعية وثغرات يستغلها المدمن لتحوير هذه الأدوية لمخدر.. وأشار إلي أن الأدوية عموما مفيدة للمريض وغير مضرة ولكن الممارسات غير الطبية، والتي لا تقوم علي أساس علمي وتعتمد علي وصفة من الطبيب تحول الدواء من مادة مفيدة إلي مادة مضرة. وأوضح أن الحل يكون بوضع نظام للتأمين الصحي محكم بحيث يكون لكل شخص طبيبه الخاص الذي يتولي تشخيص مرضه ويسأل عن الدواء الذي يصرف له بحيث ينتهي بذلك دور الصيدلي في صرف الدواء دون وجود إذن من الطبيب بصرف هذا الدواء. وأشار إلي أنه لابد أن نتعامل مع المدمن علي أنه مريض وأن المجتمع مسئول عن علاجه لذا لابد من وجود مراكز لعلاج الإدمان وإعاده التأهيل النفسي بجانب مراكز للتوعية تقوم بنصح المدمن بخطورة ما يقوم به وأن هذه الممارسات الخاطئة قد تسبب له الوفاة وأمراضاً كالفشل الكلوي. ويقول د. تامر حسني، استشاري علم النفس بصندوق مكافحة الإدمان : »إن المدمن يبحث دائما عما يعوض المخدر الذي اعتاد عليه وعلي أثر ذلك يطلع علي النشرات الموجودة بداخل الأدوية ويركز علي التأثير الجانبي للدواء وبعدها يقوم بإجراء التجارب علي نفسه وإذا أحس بالنشوة والتخدير ينشر هذا في مجتمع مدمني المخدرات. وأضاف أن المشكلة ليست في الدواء بل في إساءة استعمال هذا الدواء وتحويرها لمخدر وهذا حدث مع كثير من الأدوية مثل البودرة التي كانت تستخدم لعلاج البرد إلا أن المدمن استطاع أن يحولها من دواء مفيد إلي مواد ضاره مخدرة. وأشار إلي أن هذه الاستخدامات لها تأثير ضار علي الصحة أبرزها ضعف الجهاز المناعي وجعله عرضة لكل الأمراض الجسدية وخاصة المرتبطة بالقلب والكبد بالإضافة إلي التهابات الرئة وعلي المستوي النفسي يتسبب في توتر وقلق دائم للمدمن بجانب معاناته من انفصام في الشخصية وأوضح أن منظمة الصحة العالمية أعلنت في عام 2013 أن هناك 200 ألف شخص يعانون من إدمان المواد المخدرة. وأكد أن الحل يكون ببرامج التوعية وألا يصرف الدواء إلا ب»روشتة» تكون بناء علي تشخيص دقيق من طبيب مختص وأن يكون لدي الأطباء ضمير مهني بأن تكون هذه الأدوية فعلا يحتاجها المريض بالإضافة أن يكون الذي يعمل داخل الصيدليات متخصصاً في مجال الصيدلة والدواء وأن يتم تشديد الرقابة علي جميع صيدليات مصر. وهم المخدرات ويقول د.مجدي مرشد، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب: »يسعي البعض لإدخال مواد مخدرة جديدة في سوق المخدرات». وأشار إلي أن العامل النفسي هو الأساس الدائم للعلاج أو الإصابة بالمرض والمشكلة أن هناك بعض الأدوية يُوهم المدمن نفسه بأنها مخدر رغم إنها ليس لها تأثير علي المخ.. وأوضح أن مجلس النواب يدرس تغليظ العقوبات في قانون ممارسة مهنة الصيدلة لمن يقوم بصرف الأدوية التي يمكن أن تستخدم كمخدر دون روشتة معتمدة من طبيب مختص. وطالب الإعلام بأن تتضافر جهوده مع وزارة الصحة لمكافحة هذه الظاهرة ومنع صرف أي علاج إلا ب »روشتة» من الطبيب وأيضا أن يقوم بتوضيح الأضرار وجميع المسائل المتعلقة بالاستخدام السيئ للأدوية.