الرمال تتحول لإنتاج الخضراوات والفواكة واستزراع الأسماك سيناء، التي تشهد دورانا كبيرا لعجلة التنمية علي أرض الفيروز لتضعها في مكانها اللائق، والنهوض بالخدمات والمرافق لخدمة المواطنين والزائرين لها، سواء مدنها السياحية وعلي رأسها شرم الشيخ ودهب ونويبع وطابا وسانت كاترين ورأس سدر، أو مدنها التجارية والصناعية وعلي رأسها عاصمة المحافظة الطور تليها أبو زنيمة وأبو رديس.ووسط قسوة الصحراء يقف العمال والمهندسون في كل المشروعات التنموية، لا يثنيهم تعب أو إرهاق مادام هدفهم أمام أعينهم، يثقون في أن سواعدهم سوف تشق الصخور لتبني الأمل في غد أفضل، ليصنعوا تجارب فريدة بدءا من المزارع المتكاملة لخدمة البدو في التجمعات الصحراوية، والطفرة الهائلة في الطرق والإسكان ومحطات المياه والكهرباء، وتاج المشروعات القائمة حاليا هي جامعة الملك سلمان التي تهدف لتنمية سيناء بالكامل وربطها بالوادي.. كل يوم، يوجد جديد علي أرض جنوب وسط صحراء جنوبسيناء، ارتوت الرمال بعرق الرجال، وأنبتت تجربة فريدة، بدلت اللون الأصفر القاحل، إلي الأخضر النابض بالحياة، تضافرت فيها جهود القوات المسلحة وجهاز تعمير سيناء والأجهزة التنفيذية بمحافظة ومدن جنوبسيناء لتذليل كل العقبات بانشاء مزارع متكاملة لخدمة التجمعات البدوية وتوفير عمل لأبنائها، »الأخبار» شاهدة علي نجاح التجربة الرائدة بتنمية وخدمة القري والتجمعات البدوية خارج المدن الرئيسية، وخلق مجتمع يعمل وينتج، بإنشاء 12 مزرعة متكاملة »زراعية – سمكية – حيوانية» لإنتاج الخضراوات والفاكهة واستزراع الأسماك وتربية الأغنام ونخيل البلح، ومنح ثلثها بدون مقابل لسكان القري البدوية، والثلثين يباع في أسواق المحافظة بأقل من مثيلتها في الوادي والدلتا، ويبقي الهدف الرئيسي حاضرا بتوفير عمل للمواطنين من بدو التجمعات الصحراوية نظير 1500 جنيه شهريا. »الأخبار» قامت بزيارة عدد من المزارع المتكاملة بجنوبسيناء لرصد التجربة الفريدة والهامة لتنمية التجمعات والقري البدوية وسط الصحراء، ومدي استفادة البدو منها. البداية جاءت من جهاز تعمير سيناء بمدينة الطور، للتعرف علي عدد وأماكن المزارع المتكاملة، وأكد المهندس السيد فهمي رئيس منطقة تعمير جنوبسيناء، أن المزارع القائمة عددها 12 مزرعة منتجة، هي وادي ميعر، وشباب الوادي، ونسرين، ومكتب، وأبو غراقد 1 و2، و3، ومزرعة تال، وأبو صويرة، والرينة، والبدع، ومزرعة الشيخ عواد. ونبه رئيس منطقة تعمير جنوبسيناء إلي أهم هدف من إنشاء المزارع المتكاملة بأن كل العاملين في المزرعة من البدو المتواجدين في التجمعات الصحراوية القريبة من المزرعة التي أنشئت في الأساس لخدمتهم وخلق مجتمع منتج هم عماده، ويكون دور جهاز تعمير سيناء هو الإشراف عليهم، ويمنح كل فرد يعمل في المزرعة 1500 جنيه كمرتب شهري، بجانب مستلزماته من الخضراوات والفاكهة. انطلقنا بعد ذلك إلي أول مزرعة متكاملة وسط التجمعات البدوية، وهي »وادي مكتب»، لنشهد علي صرح تنموي هائل وسط دروب الصحراء، ملئ بالعمل والنشاط، حيث يجري زراعة الخضراوات داخل صوب، أما خارجها فتنتشر أشجار الفاكهة والنخيل، وتزين المزرعة أحواض تربية الأسماك التي يجري تغذيتها بأدق المواصفات. مشهد وقوف أبناء البدو يزرعون أشجار الفاكهة والخضراوات ويسهرون علي رعايتها، هو اللقطة الذهبية، التي لم نعتدها بسبب الصورة الذهنية غير الحقيقية »أن البدو لا يعملون»، ولكن الحقيقة أنهم يحتاجون لمن يفهم طبيعتهم الصحراوية، وهو مايدركه الجميع في جنوبسيناء ووصلوا إليهم في مناطق تجمعهم وسط الصحراء لتبدأ التنمية الحقيقية للمناطق البدوية. ووسط، أشجار الفاكهة جلس أحمد الشحات أحد البدو القائمين علي إدارة المزرعة، ومن سكان الوادي، يرعي أشجار التين، قائلا: »أهم إنجاز في المزارع المتكاملة أنها وفرت عملا لكل رجال المنطقة، سواء في رعاية أشجار الفاكهة والخضراوات وتربية الماعز ورعاية الأحواض السمكية، نظير 1500 جنيه شهريا، ويتم منح سكان القرية ثلث إنتاج المزرعة مجانا، وبيع الثلثين الآخرين في أسواق المحافظة». وأكد أنه تم تشكيل مجلس إدارة للقرية، وتم التبرع بأرض المزرعة لصالح جهاز تعمير سيناء بموافقة الأهالي والقبائل، والذي يعد أهم المشاريع منذ تحرير سيناء حتي الآن. ويقول الشيخ صبيح عبد الله، أكبر شيوخ المنطقة سنا، أن المزارع المتكاملة حققت أكبر اهدافها باستيعاب البدو، والمشاركة في إدارة المشروع، وهو مامنح المزارع الاستمرارية ودعم القبائل. وأكد عودة سليمان سالم، رئيس مجلس إدارة قرية وادي مكتب، التي توجد بها المزرعة، أن المشروع أدي لنهضة في القرية، وأصبح لدي أهلها عملا، ومتخصصين في ري الزراعات والعناية بها وخفراء، والأهم أن البدوي تعلم كيف يزرع ويروي الخضراوات وإنتاجها وبيعها. وبعدها انتقلنا لمزرعة وادي نسرين، ورصدنا العمل الذي جري علي قدم وساق لحصد الخضراوات الناضجة من الصوب الزراعية، والتواجد الكثيف للبدو في كل مراحل العمل، وتكررت المشاهد في مزرعة تال، نفس الوجوه المليئة بالاجتهاد في العمل، لصناعة الأمل وسط الصحراء، لخدمة التجمعات البدوية. وأوضح خالد شوقي مدير المزارع المتكاملة في جنوبسيناء، أن إنتاج الأسماك في المزرعة الواحدة يتراوح بين 20 إلي 25 طنا في الدورة الواحدة التي تأخذ 6 أشهر، وموسم الزراعة يبدأ من أكتوبر وحتي يونيو، وتظل المزرعة بعدها 4 أشهر يتم تجهيزها للعروة الزراعية الجديدة.