بعد إعلان الرئيس الأمريكي ترامب القدس عاصمةً أبديةً لإسرائيل، وعزمه نقل السفارة الأمريكية إلي القدس قامت الدنيا ولم تقعد، وحدثت ثورة غضب متوقعة، ومظاهرات صاخبة في جميع الدول العربية والإسلامية، بل وامتدت المظاهرات إلى عقر دار أمريكا نفسها. ومن المنتظر كما يراهن الأمريكان الذين درسوا الشعوب العربية والإفريقية جيداً ، أن تهدأ ثورة الغضب التي حدثت من قبل كثيراً منذ احتلال دولة إسرائيل للقدس وأن تهدأ الإدانات، وتُنسي كالعادة فلسطينوالقدس والمقدسات، بعد أن تستميل أمريكا عدداً من القادة العرب، الذين لديهم الاستعداد لبيع أي شيء من أجل أن ينالوا رضاء ساكني البيت الأبيض. والسؤال لماذا ننسي أو نتناسي؟ أقول ذلك رغم أن قلبي يعتصر حزناً علي القدس وعلي فلسطين وعلي شهدائها.. لكن ألا يسأل الإخوة الفلسطينيون أنفسهم، أنهم سبب ضياع القدس، بسبب التناحر فيما بينهم بدلاً من أن يوحدوا جهودهم لتحرير بلدهم من الاحتلال على مدى كل العقود السابقة؟!! ألم يسأل بعض القادة أنفسهم أين حُمرة الخجل وعلي رأسهم تميم وأردوغان وهم يدعمون بأموالهم وأسلحتهم الإرهاب والإرهابيين لإسقاط دول بدلاً من أن يوجهوا جهودهم لتحرير الأقصي؟!! هل مات بعض زعماء الحركات والأحزاب الدينية التي صدعتنا ب »الزحف بالملايين وعلي القدس رايحين« ولم نعد نسمع لهم حساً، ولم يطلقوا رصاصة واحدة إلي إسرائيل، لكنهم أمطرونا في سيناء بتمويل الإرهابيين، ووجهوا حشوداً من أبنائهم لتدمير سوريا ويفعلون نفس الشيء حالياً فى ليبيا واليمن؟!! أليس هؤلاء هم من دمروا الأمة العربية وارتكبوا جرائم في نظري أفظع من الجريمة التي ارتكبها ترامب؟!! أين حُمرة الخجل؟ هل كانت القدس ياسادة محررة وقرار ترامب تسبب في احتلالها؟!! الحقيقة التي يراها الأعمى، أن القدس محتلة، والسلطة الإسرائيلية موجودة في فلسطين علي الأرض وهي التي تتحكم في المسجد الأقصي، وموجودة علي أبواب كنيسة القيامة، ولم يتحرك أحد أيضاً؟!! قرار اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل اتخذه الكونجرس الأمريكي منذ ديسمبر عام 1995، ويتم تأجيله عاماً بعد عام حسب شخصية الرئيس الذي يجلس على عرش البيت الأبيض، فماذا فعل العرب والمسلمون لإلغاء هذا القرار منذ عام 1995؟!! الحقيقة التي لا تقبل الشك الآن أن أمريكا أصبحت وسيطاً غير نزيه في عملية السلام.. والحقيقة أن قرار ترامب وحد المسلمين وذكرهم بأن القدس محتلة، وأعاد قضية القدسوفلسطين إلي بؤرة الاهتمام، فهل يفيق العرب والمجتمع الدولي والرباعية الدولية ويتم إبعاد أمريكا عن هذا الملف؟ هل يقوم الثلاثة أضلاع الباقون في الرباعية الدولية وهم روسيا، والأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، بدورهم، لإزالة آثار العدوان الأمريكي باعتبار القدس عاصمة لاسرائيل؟ الحقيقة أيضا أن القدس لم ولن تكون إلا فلسطينية، عربية، إسلامية.