من الواضح اننا نشهد الآن اختلافا جوهريا في الرؤي بين فريقين يمثلان جموع القوي والاحزاب الفاعلة والنشطة علي الساحة السياسية والفكرية، حول مسارين علي طريق بناء الدولة المصرية الجديدة، ويري كل فريق منهما صحة وضرورة الأخذ بأحد المسارين دون الآخر، باعتباره الطريق الأكثر صوابا، والأكثر أمنا للوصول بمصر إلي المستقبل الأفضل، وفقا لرؤيته، وتوجهاته. واصبح معلوما، ان جماعة الاخوان المسلمين، تحبذ الأخذ بالمسار المتضمن لإجراء الانتخابات البرلمانية أولا، ثم إعداد وصياغة الدستور بعدها،...، في حين تري مجموعة الاحزاب والقوي الليبرالية، واليسار بأطيافه المختلفة، الأخذ بالمسار الآخر الذي يتضمن اعداد وصياعة الدستور أولا، ثم إجراء الانتخابات البرلمانية بعد ذلك. ويري كل فريق ان اختياره هو عين الصواب، ولديه من الأسباب ما يقدمه في هذا الشأن، لدعم موقفه،..، وكلها أسباب معلومة للعامة والخاصة من كثرة اعلانها وترديدها. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن،: هل هناك امكانية للتوفيق بين الرؤيتين؟! وللاجابة علي ذلك السؤال، لابد ان نقول اولا، ان الأمل يراود كل المهمومين بالشأن العام، والمهتمين بالمصالح العليا للوطن، في امكانية التوفيق بين الرؤيتين، ليس لأن الاختلاف في الرؤي مكروه أو مستنكر، بل علي العكس من ذلك فالكل يؤمن ونحن معهم، بأن الاختلاف في الرؤي حول القضايا السياسية والاجتماعية المهمة، مطلوب وطبيعي وصحي ايضا، خاصة اذا ما كنا نتحدث عما يتصل ببناء الوطن علي اسس سليمة وصحيحة. ولكننا نتحدث عن توافق اصبح ضرورة مجتمعية وسياسية، ينهي دائرة الجدل، التي اصبحنا ندور فيها، والتي اصبحت في نظر عموم الناس، اقرب شبها للأسف بإشكالية البيضة أولا، أم الدجاجة أولا،..، رغم الفارق الكبير، ورغم الاحترام الراسخ في وجداننا جميعا للدستور وايضا للانتخابات إذا ما سارت نزيهة وشفافة، وهو ما نأمله. وفي هذا الشأن هناك امران، لابد من وضعهما في الاعتبار، الأول: يخص المجلس الأعلي للقوات المسلحة ورغبته الواضحة والمعلنة في التخلي عن المهمة الثقيلة الملقاة علي عاتقه الآن، في تولي ادارة شئون البلاد،...، وإصراره الواضح والمعلن علي تسليم هذه الأمانة، إلي الرئيس المنتخب في نهاية هذا العام. ونواصل غدا إنشاء الله.