هل حقا سيكون إصدار قانون موحد لبناء دور العبادة نهاية الأحزان وقضاء مبرما علي الفتن الطائفية المتعلقة ببناء الكنائس كما يعتقد بعض المسيحيين، وكما يحلو للبعض دائما رفع هذا المطلب في اعتصامات الشباب المسيحي سواء أمام ماسبيرو او في أي مكان آخر؟. إجابتي هي بالنفي وهذا النفي ليس مبنيا علي أسس طائفية، ولا تحيزات سياسية، ولكن علي المصلحة القومية العليا للشعب كله بمسيحييه ومسلميه.. وقبل ان أدخل في تفصيل موقفي أود التأكيد ان العقلاء المسيحيين وكثير من قادة الكنيسة ليسو متحمسين فعليا لهذا المشروع لأسباب يقدرونها، وقد يأتي ذكر بعض منها في ثنايا هذا الرد، كما أود التأكيد أن مثل هذا القانون ينبغي طرحه للنقاش العام وإلإنتظار حتي تكوين مجلس نيابي لإقراره لأن ذلك سيمنحه قوة ومصداقية لن تتوفر له في الظروف الانتقالية الحالية. أنا واثق أن الذين يتحمسون بشدة للقانون سواء من بعض رجال الدين أو الشباب المسيحي، هم في الأغلب يريدون شيئا محددا وهو تيسير بناء الكنائس أسوة بالمساجد، وليس بالضرورة قانون موحد لدور العبادة، الذي قد يكون بمثابة فخ أوقعهم فيه بعض العلمانيين المسلمين والمسيحيين بوهم أنه الحل الوحيد لمشكلة بناء الكنائس.. حين نتحدث عن قانون موحد فإننا نتحدث عن قواعد وشروط موضوعية موحدة تطبق علي الجميع سواء مساجد أو كنائس أو حتي معابد يهودية، ومن هذه المقاييس التعدادات البشرية والمساحات المحددة من الأممالمتحدة وهي بين 46 سم بحد أدني و100 سم بحد أقصي لكل فرد، وحين نسعي لتطبيق هذه المعايير يلزم أولا كشف أعداد المسلمين والمسيحيين وفقا للتعداد السكاني الرسمي، أو إجراء تعداد جديد إذا لم يكن التعداد الحالي متضمنا للحالة الدينية كما أوضح من قبل رئيس الجهاز المركزي للإحصاء، وإذا توفرت التعدادات المعتمدة فلكل واحد ان يتخيل بطريقته الخاصة كم سيكون عدد المساجد وكم سيكون عدد الكنائس، وتفاصيل ذلك بالنسبة لكل طائفة مسيحية بما فيها الطوائف الجديدة التي سيصبح من حقها رسميا المطالبة بكنائسها مثل الأنبا مكسيموس. وعند تطبيق مبدأ المساحة المحددة لكل مصل فسيدخل في الحساب كل مساحات دور العبادة سواء كانت مساجد أو كنائس او أديرة، يتسع بعضها مثل دير الأنبا مقار فقط لما بين 11- 23 مليون حيث تبلغ مساحته 2700 فدان أي 11340000متر مربع تقريبا، وبخلاف دير الأنبا مقار هناك دير أبوفانا بالمنيا ومساحته 600 فدان، ودير ماري مينا 600 فدان أيضا، أي أن الأديرة الثلاثة فقط تقام علي مساحة 3900 فدان أي ما يعادل 16 مليون متر مربع تكفي ل 16 مليون مصل في الحد الأدني و 35 مليون مصل كحد أقصي، ناهيك عن العديد من الأديرة الأخري في المحافظات المختلفة (من دراسة للباحث المستشار حسين أبو عيسي). قد يقول قائل نحن لانتحدث عن النسبة والتناسب في الأعداد والمساحات، ولكننا نتحدث عن شروط البناء وطرق التعامل الإداري، إذن دعونا نتجاوز هذه النقطة التي تزيد التوتر في المجتمع، ولكن النقطة القادمة صادمة أيضا، فالقانون الموحد يلزم لتنفيذه جهة موحدة أيضا، وهي هنا ستكون وزارة الأوقاف والتي قد يتغير اسمها إلي " الأوقاف والشئون الدينية" لتصبح هي المشرفة علي بناء المساجد والكنائس وعلي ترميمها وعلي تعيين الأئمة والقساوسة وترقيتهم وفصلهم إن لزم الأمر، وسينشأ في وزارة الأوقاف مجلس أعلي للشئون الإسلامية، ومجلس أعلي للشئون المسيحية، وستعود كل الأوقاف سواء كانت إسلامية او مسيحية لإدارة وإشراف الوزارة، وهذا يعني تلقائيا سحب الأوقاف المسيحية من الكنيسة وهي التي استردتها قبل سنوات قليلة من الوزارة بينما ظلت الأوقاف الإسلامية خاضعة للوزارة، وهنا سيصبح دور الكنيسة مشابها لدور الأزهر مركزا علي النواحي العلمية والثقافية والروحية، ولن يكون لها أي ولاية علي الكنائس فيما يخص البناء والترميم وتعيين الكهنة.