وكيل كلية الإعلام جامعة القاهرة مدخل .. لا يمكن لأحد أن ينكر أن هناك روحا جديدة بدأت تسري في الإعلام القومي (أو الحكومي) المصري ، وأن روح 25 يناير قد بدأت تنطلق. ولكن يبقي الطريق إلي تحقيق أحد مطالب الثورة المهمة وهو تحرير الإعلام والاتصالات طريقا طويلا وصعبا ، نظرا للبيئة الحاكمة للإعلام المصري(القومي ) داخليا وخارجيا طوال ثلاثين عاما ، تلك البيئة التي خلقت حولها غابة من المشكلات والتحديات التي لا يمكن مواجهتها بين يوم وليلة ، بتغيير قيادات واستبدالها بقيادات جديدة ، أو بالتوجه نحو سياسات إعلامية جديدة ، فهناك حاجة لتعامل مع واقع الإعلام المصري ومستقبله بشكل جذري يضعه علي الطريق نحو إعلام تعددي ، حر ، مهني ، تتحقق فيه الشفافية والمصداقية وقبل ذلك كله العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص والأمان المهني والوظيفي. وعلي المدي القريب والبعيد هناك تصوران للتعامل مع الإعلام المصري يشكلان في رأيي خريطة طريق لمنظومة الإعلام المصري بعامة، والإعلام الحكومي أو القومي بصفة خاصة. تكون الأساس لسياسة إعلامية جديدة للإعلام الحكومي (إعلام الدولة) تستهدف الوصول إلي خطاب اعلامي قومي جديد يتناسب مع المتغيرات الجديدة التي أفرزتها ثورة 25 يناير. أولا:تصور لاستيعاب الوضع الراهن ومواجهة مشكلاته: هناك مجموعة المشكلات العاجلة المطلوب مواجهتها فورا وبحلول حاسمة لأنها تؤثر بل وتعوق العملية الإعلامية ، وتغطي أربعة جوانب الجانب الأول: يتعلق بالخطاب الاعلامي لمؤسسات الإعلام القومي (الحكومي) وضرورة تغييره ليستوعب المتغيرات والمعطيات الجديدة ، وبالنسبة للمؤسسات الصحفية بدأت في إدراك ذلك ، ونلمس ذلك في تلك الصحف ، ولكن الأمر شديد الصعوبة بالنسبة للخدمات الإذاعية والتليفزيونية لأنه يتطلب تغييرا في الرؤية أولا ، ثم في الخريطة البرامجية وصولا إلي سياسة إعلامية جديدة ،فضلا عن تغيير الوجوه وهذا الأمر يقتضي البدء في تغيير خريطة الإذاعة والتليفزيون من خلال سياسة برامجية جديدة في ظل منافسة حادة من قنوات خاصة حالية وأخري قادمة في الطريق ، وفي ظل تراجع لايمكن إنكاره لمصداقية المشاهدين لخدمات الإعلام الحكومي الإذاعية والتليفزيونية.. الجانب الثاني: يتعلق باستكمال النظر في أوضاع عدد من القيادات المثار حولها الجدل في عدد من المؤسسات الإعلامية الحكومية. الجانب الثالث: يتعلق بالأزمة المالية الطاحنة التي تمر بها المؤسسات الإعلامية القومية(الحكومية) وهي أزمة سيولة في المقام تعكس حقيقة أوضاعها الاقتصادية المرتبكة ، ينبغي دراستها الآن وبشكل عاجل وأحد أدوات مواجهة الموقف المالي الراهن ، تسديد المؤسسات الحكومية لبعض ديونها للمؤسسات الإعلامية ، تأجيل مديونيات المؤسسات الإعلامية ، و ضخ تمويل في شرايين المؤسسات الإعلامية المصرية من خلال اتفاقات وعقود إعلانات ورعاية من عدد من المؤسسات المالية والاقتصادية المصرية الكبري. الجانب الرابع:ويتعلق بالفراغ القانوني والاداري الناتج عن إلغاء وزارة الإعلام، و غياب للمجلس الأعلي للصحافة بعد حل مجلس الشوري، إضافة إلي حالة الفوران والسخط داخل المؤسسات الإعلامية الحكومية والمطالبات بتغيير القيادات، وإصلاح السياسات الإعلامية والأوضاع.الاقتصادية وفي مقدمتها الأجور والحوافز، في ظل ما يعلن وما يتردد عن التفاوت الرهيب في الدخول داخل تلك المؤسسات. وفي هذا الصدد طرحت فكرة أن يتم إنشاء كيان قانوني وأداري-يمكن أن يتمثل في هيئة قومية مصرية للإعلام-- يتولي شئون الإعلام الحكومي خلال الفترة القادمة الانتقالية ، وذلك لحل مشكلة الفراغ الحالي و حل القضايا المتعلقة الخاصة بالقيادات وتسيير أمور هيئات الإعلام الحكومي وإدارة عملية التحول إلي نظام اعلامي جديد ، أي أنه كيان (انتقالي مؤقت ) يحدد له مدة زمنه لانجاز مهامه كمسئول فقط عن (تسيير ) وإدارة ملف الإعلام الحكومي أو القومي ، وليس كيانا دائما . وهذا الكيان المقترح أو الهيئة القومية يتم إنشاؤها بقرار من المجلس العسكري، وتتبع مجلس الوزراء ، ينقل إلي مسئوليتها الإشراف علي القطاعات التالية المرتبطة بالصحافة والإذاعة والتليفزيون، وذلك لحين الانتهاء من إعادة تنظيم قطاع الإعلام الحكومي ، وهي 1)المجلس الأعلي للصحافة ( الذي يملك ويدير المؤسسات الصحفية القومية) 2)اتحاد الإذاعة والتليفزيون 3)الشركة المصرية للأقمار الصناعية 4)الشركة المصرية لمدينة الإنتاج الاعلامي ( وداخلها جهاز السينما) 5)شركة صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات 6)الهيئة العامة للاستعلامات