التجار: نحن أبرياء.. واسألوا أسعار الكتب الخارجية.. غرفة الطباعة: مصانع الورق تعمل بنصف طاقاتها لجنة التعليم بالبرلمان: إحياء الكتاب المدرسي.. المنقذ أزمة حقيقية تعانيها صناعة الورق خلال الأشهر الأخيرة، حيث ارتفع سعر الطن بنسبة 150%، إضافة إلي ارتفاع أسعار متطلبات الطباعة والأحبار عقب تعويم الجنيه، وكان لمستلزمات المدارس من كراسات وكتب خارجية النصيب الأكبر من الضرر نتيجة هذه الأزمة، فارتفعت الأسعار بشكل جنوني خاصة مع الاعتماد علي استيراد أوراق الأغلفة »الكوشيه» من الخارج، بعد اقتصار المصانع المصرية علي انتاج أوراق الكتب والكشاكيل والتي نستهلك منها نحو 500 ألف طن سنوياً، ليجد المصنعون أنفسهم مجبرين علي استيراد نحو 60% من الورق، وبالتحديد ورق الكتابة والطباعة، ولتتضاعف أسعار كافة مستلزمات المدارس، الأمر الذي سيمثل عبئا إضافيا علي الأهالي مع اقتراب انطلاق العام الدراسي الجديد. »الأخبار» ترصد في السطور التالية التبعات التي تسببت بها أزمة الورق هذا العام ابتداء بمطابع الورق مروراً بتجار الجملة فالتجزئة وانتهاءا بالأهالي الذين لم يجدوا أمامهم بديلاً عن الشراء بالرغم من ارتفاع الأسعار.. وبدايتنا كانت من منطقة القناطر الخيرية حيث تنتشر مطابع الورق، والتي تتولي سنوياً طباعة الآلاف من الكشاكيل والكراسات، بجانب الملازم المدرسية ودفاتر الشركات، فكان لنا عدة لقاءات مع أصحاب هذه المطابع والذين أكدوا أن »الحال واقف» مقارنة بالأعوام الماضية، يشير محمود أحمد صاحب مطبعة دار الفؤاد للكشكول والكراس، والتي تعمل في مجال الورق منذ سبعينيات القرن الماضي، إلي أن المطبعة في العادة كانت تنتج نحو 250 ألف كراسة وكشكول في كل موسم دراسي، إلا أنه الآن لم تتعد كافة المطبوعات 100 ألف ما بين الكراسة والكشكول والملزمة، وأكد محمود أن ارتفاع أسعار الورق المستورد وكذلك تكلفة الطباعة هي ما دفعت تجار الجملة إلي العزوف عن شراء الكميات التي اعتادوا عليها. 100% زيادة وأوضح محمود أن جميع الخامات التي تدخل في عملية الطباعة، بدءاً من الورق الكوشيه إلي الورق المكربن والأحبار قد ارتفع ثمنها ما بين 100% إلي 150%، حيث وصلت رزمة »الورق المكربن» والذي يدخل في صناعة الدفاتر إلي 700 جنيه مقارنة ب 400 جنيه قديماً، كما وصل الورق ال »A4» والذي يعتمد عليه في طباعة كافة الملازم طوال العام الدراسي، إلي 48 جنيهاً للرزمة بدلاً من 21 جنيها، بينما ارتفع ورق تجليد الكراس والكشكول بنسبة 100% بمختلف أنواعه، وأشار إلي أن كل هذه الأسعار الجديدة دفعتهم لرفع الثمن علي تجار الجملة والذين بدورهم يرفعونه علي تجار التجزئة وفي النهاية يجد الزبون نفسه أمام أسعار ارتفعت بقيمة 100%. الاستيراد وأزماته ومن جانبه يؤكد وائل مأمون، مدير مطبعة لورق الكشاكيل، أن أسعار كل الخامات الداخلة في الطباعة لم ترتفع بهذه القيمة بالدول التي يتم الاستيراد منها، إلا ان تراجع قيمة الجنيه مقابل الدولار هو السبب في ارتفاع قيمتها داخل مصر ومن هنا اصبح الحال من سيئ إلي أسوأ، ويضيف أنه حتي الأحبار ارتفع ثمنها بقيمة 75% خلال الفترة القصيرة الماضية.. ويتابع وائل القول أن العديد من المطابع اضطرت إلي غلق أبوابها خاصة الصغيرة منها، نظراً إلي عدم تحقيقها لربح كاف يغطي تكلفة الطباعة مع الصيانة، وأن ارتفاع فاتورة الكهرباء أيضاً كانت دافعا كبيرا لتحويلهم لنشاطهم خلال السنة الأخيرة، وأشار إلي أن الورق المحلي أيضاً ارتفع ثمنه بشكل كبير خلال الأشهر الأخيرة ليجد المصنعين أنفسهم في حصار من كافة الجهات ونتيجته قلة العمل وانخفاض الدخل وشكاوي من الجميع. كارثة بالجملة ولا يعاني أصحاب المطابع بمفردهم من تبعات أزمة الورق بل وصل الأمر إلي تجار الجملة، الذين أكدوا أن الأسعار هذا العام فاقت توقعات الجميع وأنهم اضطروا إلي رفع الأسعار علي تجار التجزئة، مع تقليل كمية الطلبيات من المصانع والمطابع، ويوضح محمد سعيد تاجر جملة بالفجالة، ان أزمة الورق تسببت في ارتفاع ثمن كافة أنواع الكشاكيل والكراسات إلا أن المفاجأة كانت بتقليل العدد داخل كل »دستة»، فوصل عدد الكشكول ال 100 ورقة إلي 8 كشاكيل فقط بالدستة بدلاً من 10 العام الماضي مع وصول السعر إلي 30 جنيها هذا العام بالجملة بدلاً من 25 جنيها، كما وصلت دستة الكشكول ال 60 ورقة إلي 20 جنيهاً بدلاً من 14٫5 جنيه، وبلغ سعر دستة الكراس 22 جنيهاً بدلاً من 18 بالعام الماضي، بينما سجل »التكت» 9 جنيهات بدلاً من 5 جنيهات العام الماضي وذلك للجملة. أما محمد أحمد تاجر جملة فيؤكد أن أكثر ما واجهه هذا العام هو أن جميع تجار التجزئة فضلوا شراء كمية أقل من المعتاد هذا العام خاصة من الأنواع الفاخرة، ويضيف أن سعر الكشكول السلك الفاخر ال100 ورقة وصل هذا العام إلي 13.5 جنيه بالجملة بدلاً من 7 جنيهات، كما ارتفع سعر السلك ال80 ورقة إلي 8 جنيهات بدلاً من 5 جنيهات، وأكد أحمد أن أكثر ما تسبب في اندهاش الأهالي هو ارتفاع أسعار كراس »الرسم» والذي كان من أرخص الأنواع في الجملة فبلغ سعر الكراس الكبير داخل ال»دستة» 5 جنيهات بدلاً من 2 جنيه ونصف العام الماضي، بينما وصل الكراس صغير الحجم إلي جنيهين ونصف بدلاً من جنيه واحد العام الماضي، وأشار إلي أن الجميع لا يستوعب أن هذا الأمر نابع من أزمة الورق بشكل عام، وأن أصحاب المطابع هم من رفعوا الأسعار أولاً، بل يلجزون إلي اتهام التجار بالجشع. لم تسلم الكتب الخارجية أيضاً من ارتفاع الأسعار عقب أزمة الورق، ويوضح محمود محمد صاحب مكتبة لبيع الكتب الخارجية، أن الأسعار هذا العام ارتفعت لكافة المراحل الدراسية سواء لكتب المدارس الحكومية أو اللغات، إلا أنه أوضح ان الكارثة كانت بالمرحلة الابتدائية خاصة المدارس الحكومية، فقد تم فصل مادتي الرياضيات والعلوم في كتابين منفصلين بدلاً من كتاب واحد، ليرتفع ثمنه بعد هذا التعديل 16 جنيهاً فوصل سعرهما إلي 39 جنيهاً بدلاً من 23 العام الماضي. ويضيف محمود أن الزيادة تتراوح ما بين 3 إلي 5 جنيهات علي كافة الكتب الخارجية، فزادت جميع كتب الصف الثالث الابتدائي 4 جنيهات، بينما زادت كتب الصف الثاني الابتدائي 3 جنيهات، والمراحل الإعدادية 5 جنيهات، ويوضح ان هناك عدداً من الكتب الخاصة بالتعليم الخاص والتجريبي لم تصل من المطابع حتي الآن إلا أنه تم إبلاغهم أن أسعارها قد ارتفعت بالفعل. إعادة صياغة وتؤكد د. ماجدة نصر عضو لجنة التعليم بالبرلمان، أن أزمة الكتب الخارجية التي يلجأ إليها الطلاب وتكلف الأهالي مئات الجنيهات كل عام، أمر من الممكن حله إذا عزمت الوزارة علي ذلك بشكل يخدم مصلحتها ومصلحة الطالب في آن واحد، وأشارت إلي أن الطلاب لا يلجأون إلي مثل هذه الكتب إلا لتحصيل معلومات أكثر بأسلوب مختلف، ولحل ذلك الأمر علي الوزارة تطوير المناهج بشكل شيق وجذاب يضمن لها أن يفضل الطالب الكتاب المدرسي بكل معلوماته عن الكتاب الخارجي. وتضيف نصر أن الوزارة عليها الاستعانة بالكفاءات التي من الممكن أن تنافس بمجهودها ومعلوماتها الكتب الخارجية، فتعيد صياغة الكتب المدرسية حتي وإن كان الأمر يستدعي رفع ثمن الكتب المدرسية بشكل رمزي، إلا أنه في المقابل سيقلل من النفقات الخاصة بشراء الكتب الخارجية. مصانع جديدة أما أحمد جابر رئيس غرفة الطباعة والورق باتحاد الصناعات،فيؤكد أن التركيز علي الصناعة هو الحل الأمثل من أجل القضاء علي أزمة الورق في السوق ومواجهة ارتفاع الاسعار، فاستيراد الخامات من الخارج هو الذي يتسبب في رفع أسعار المنتجات التي تعتمد في صناعتها علي الورق، ويضيف أن مصر تنتج 40% من استهلاكها وتقوم باستيراد ال 60% المتبقية من الخارج مما يؤدي الي رفع الأسعار في السوق بسبب ارتباط سعر الدولار بالاستيراد. ويضيف جابر أن مصر تمتلك 3 مصانع ورق إلا أنها تعمل بنصف طاقتها، وعلينا بدء الاستفادة منها ورفع كفاءتها، وأن الفترة القادمة تحتاج وبشكل جدي انشاء مصانع جديدة وإدخال استثمارات في مجال صناعة الورق، فهي ضرورة حتمية من أجل القضاء علي مشكلة ارتفاع الاسعار وسد العجز، خاصة أن مصر الآن لا تمتلك عجزا في مشكلة انتاج الطاقة بكافة اشكالها، لذا لن نجد أزمة في توفير الطاقة للمصانع الجديدة.