»السياسة تضر السياحة وتوقف نموها» .. هكذا يستند الكثير من المسئولين في تبريرهم للتراجع السياحي والأزمات منذ ثورة يناير.. قد تكون تلك المقولة صحيحة لبعض الوقت والمواقف.. لكن صحتها ليست مطلقة أو في العموم.. وفي الأزمة التي تعيشها السياحة منذ سقوط الطائرة الروسية وهي الأعنف في تاريخها.. قد تكون السياسة سببا في جزء من الموقفين الروسي والإنجليزي.. لكنها يجب أيضا أن تكون الحل الجذري للأزمة.. بشرط حسن استغلال السياسة وتسخيرها في مصلحة السياحة.. وأضع عشرات الخطوط الحمر تحت جملة إذا أحسن استغلالها !! ولتباين الموقفين الروسي والإنجليزي وظروفهما.. نستعرض كل منهما علي حدة. ونري هل أحسنا استغلال السياسة لصالح السياحة أم لا ؟.. ولنبدأ بالموقف الروسي لسبب قوي.. فقد علمت أن وفد رفيع سيزور موسكو قريبا.. وهي الزيارة غير المعلنة حتي الآن.. وإذا ربطنا الزيارة بتصريحات وزير الكهرباء بأن مجلس الدولة يراجع عقود الضبعة النووية تمهيدا لتوقيعها قريبا ندرك أهمية الزيارة وارتباطها بتوقيع عقود الضبعة.. وهنا من حقنا نتساءل.. أين السياحة من تلك الزيارة ومن مفاوضات الضبعة؟.. لا أدعي أن لديّ معلومة أن السياحة موجودة أو مستبعدة من جدول أعمال الزيارة.. وإن كان هناك رابط بين الزيارة الأخيرة للوفد الأمني الروسي للمطارات المصرية وزيارة الوفد المصري المرتقبة، إذن فلنتفاءل خيرا.. ولنناقش الاحتمالين.. الأول أن السياحة موجودة بالمفاوضات.. وسيعلن عودتها بالتزامن مع توقيع عقود الضبعة.. وهنا يجب ألا يكون هذا الأمر سريا.. علي الأقل لرجال السياحة.. فهذه ليست فكرة ترويجية أو تنموية نخشي الإعلان عنها حتي لا »يغشها» المنافسون.. لكن لا يمكن أن نفاجئ القطاع بعودة السياحة الروسية وهناك فنادق مغلقة.. والكثير من المنتجعات يحتاج لإعادة تأهيل بعد أن ترهلت وشاخت ولا تحتمل تدفق الروس المتعطشين لزيارة مصر.. وثانيا حتي تستعد الشركات والفنادق المصرية للتفاوض ووضع نقطة أساس للعودة المرتقبة. والاحتمال الثاني الكارثي أن تكون السياحة غائبة عن التفاوض وأن يتم توقيع عقود الضبعة دون عودة السياحة الروسية.. وهنا من حقنا نتساءل لماذا لم تدخل السياحة علي خط التفاوض؟.. وإذا لم تعد في صفقة بحجم الضبعة فمتي تعود ؟.. وللعلم فإن الجميع يعلم أن حجة الجانب الروسي بالأسباب الأمنية بالمطارات واهية.. والأدلة علي ذلك عديدة.. فهناك إشادات دولية بتحسن الوضع الأمني بالمطارات المصرية طبقا لتقارير جهات محايدة.. ثم إن الروس ليسوا أكثر خوفا علي سائحيهم من دول عديدة مثل ألمانيا ودول أوربية تشهد رحلاتهم زيادة مطردة.. ثم إن روسيا لم توقف الرحلات لدول مثل تركيا التي قتل السفير الروسي بها علي الملأ.. هنا يجب علي القطاع السياحي الرسمي والخاص أن ينسق فيما بينهم.. ويسرع بالتوجه إلي رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل لإيجاد وسيلة ضغط علي الحكومة الروسية.. عامة دعونا نتفاءل ونحلم أن السيناريو الأول هو الحقيقي وننتظر نتائجه. نصل للملف الإنجليزي وهنا لا توجد سيناريوهات علي الإطلاق.. إنما تقصير شديد كشفته واقعتان مهمتان.. أولاهما سماح لندن قبل أيام بإعادة السياحة الإنجليزية لتونس.. وثانيها ما أكده رئيس شركة توماس كوك الإنجليزية في تصريحات صحفية أنه يتوجه باللوم إلي الحكومة المصرية لأنها لم تمارس ضغوط من أي نوع علي بلاده لإعادة السياحة الإنجليزية إلي شرم.. وتصريحات مماثلة من رؤساء كبري الشركات الإنجليزية بأنهم يمارسون ضغوطا علي حكومتهم لإعادة السياحة لشرم لكنها لن تنجح إلا إذا ساعدتهم وزارة السياحة والحكومة المصرية ومارست ضغطا مماثلا.. وأكدوا ومعهم لوردات ونواب إنجليز أنه لا يوجد مبرر علي الإطلاق لوقف الرحلات لشرم.. وهذه التصريحات تتردد باستمرار من الجانب الإنجليزي.. أما في مصر فتوقفت التصريحات كما توقفت التحركات.. ولا أدري هل هناك أهم من هذا الملف نعمل عليه حاليا؟ قد تكون لقاءات القيادة السياسية والحكومة المصرية مع الجانب الإنجليزي سواء الرسمي أو الخاص لا توجد السياحة علي جدول أعمالها.. ولهم العذر لتعدد الملفات في تلك اللقاءات.. لكن بالطبع هذا دور أصيل لوزير السياحة يحيي راشد.. أن يلح علي المسئولين المصريين بإدراج السياحة علي ملف المباحثات.. أو حتي فتح قنوات اتصالات وضغوط من أجل السياحة لأنها تستحق.. بل الأكثر من ذلك نلجأ للدول المؤثرة في القرار الإنجليزي للمعاونة في هذا الأمر.. فلا يخفي علي أحد أن العلاقات المصرية الأمريكية في أحسن حالاتها.. وأمريكا صاحبت التأثير الأقوي علي بريطانيا.. ما المانع أن نضغط من الباب الأمريكي.. ثم إن هناك صفقات عديدة تمت مع شركات إنجليزية وفي مقدمتها »بريتش بتروليم» بمليارات.. وهذه الشركات صاحبت تأثيراً قوياً علي حكوماتها.. فلماذا لم نستغل تلك الورقة المهمة؟.. كل هذا ممكن وسهل لكن لابد من إلحاح وإصرار من وزارة السياحة.. الأمر لا يتعلق علي الإطلاق بالاستجداء.. لكنه مرتبط ارتباطا وثيقا بلغة المصالح التي لا تعرف العلاقات الدولية أهم منها. وقبل أن نغادر الملف الإنجليزي.. هناك نقطة مهمة لابد من الإشارة إليها.. فقد استلم عمرو العزبي منذ أمس مسئولية مكتب لندن مديرا جديدا له.. والعزبي يعرفه الجميع بالقطاع السياحي.. أهم رئيس تولي هيئة تنشيط السياحة.. وأحد الخبراء المعدودين بالقطاع المشهود لهم بالكفاءة والمهنية والإخلاص في العمل.. وصاحب أفضل نتائج علي الإطلاق بجميع المناصب التي تولاها خاصة في المكاتب الخارجية.. وأعتقد أن العزبي سيكون له دور عظيم أولا في زيادة أعداد السياحة الإنجليزية إلي المدن المسموح بها بمصر.. وثانيا في الدفع باتجاه فتح شرم الشيخ من جديد.. لكن المهم أن يكون هناك دعم مخلص لجهوده.