انتهت فرحة سكان نيويورك بانتهاء أسطورة بن لادن بعد أن تمكنت قوة خاصة أمريكية من اقتحام مقر إقامته السري في باكستان وقتله وإلقاء جثمانه في البحر، وكانت مدينة نيويورك أكثر المدن الأمريكية فرحاً وسعادة بمقتل بن لادن، الذي كان وراء هجمات 11 سبتمبر 1002 التي راح ضحيتها أكثر من ثلاثة آلاف كانوا داخل برجي »التجارة العالمية« وتحتهما وحولهما، قبل وأثناء وبعد تفجيرهما بطائرتين مخطوفتين انتحاريتين! فرحة سكان نيويورك بالانتقام من »بن لادن« لم تستمر أكثر من أيام معدودة، ليعودوا بعدها حالياً إلي ما كانوا عليه طوال السنوات العشر الماضية من خوف، وفزع، وتوقع لهجمات إرهابية تالية مشابهة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر أو أفظع وأبشع منها! كانوا يأملون في انتهاء الإرهاب والحرب عليه بعد مقتل الإرهابي الأول أسامة بن لادن مؤسس، وممول، تنظيم القاعدة، ففوجئوا بأن الإرهاب ازداد وسيزداد تباعاً كما أقسم وهدد رعايا وورثة بن لادن انتقاماً له من قتلته وأعدائه. لم يتأخر الانتقام طويلاً. فها هي »القاعدة« تحتفل بعمليتها الانتقامية الأولي التي نفذتها يوم الجمعة الماضي في باكستان بتفجير انتحاريين فجَّرا معهما أكثر من سبعين شخصاً وتعلن أن العملية التالية ستكون أقوي وأعنف وفي مدن ودول أخري! التقط سكان نيويورك الرسالة. فهم أول المستهدفين بهذه العمليات الانتقامية، وأن وقوع هجمات جديدة في نيويورك سيكون أقوي دليل علي أن القاعدة لاتزال حية، وصامدة، وقادرة علي التصدي وتوجيه الضربات للولايات المتحدة في المكان والزمان المجهولين لعيونها وآذانها! من يزور نيويورك في هذه الأيام سيفاجأ بكثرة الطائرات التي ألغت رحلاتها، والقطارات التي توقفت، والمباني التي أخليت من سكانها، وتضاعف عدد البلاغات الكاذبة عن وجود قنابل ومتفجرات في طول المدينة وعرضها، إلي جانب حملات مراقبة المشبوهين والقبض والتحقيق مع كل من يشاع عنهم أنهم ربما يخططون لتفجير قنبلة أو اختطاف طائرة أو تفخيخ سيارة! عمدة المدينة مايكل بلومبرج أعلن عن إلقاء القبض علي رجلين »اعترفا بأنهما خططا لتفجير معبد يهودي كبير في منطقة مانهاتن« وبدأ في جمع بعض الأسلحة والمتفجرات! ورغم أن العمدة لم يكشف سبب التفجير، وهل هو كراهية لليهود، إلا أن غالبية الرأي العام أقنعت نفسها بأن السبب هو الانتقام لمقتل بن لادن قبل أي سبب آخر. الاتهام الجاهز يستند إلي ما قاله رئيس المخابرات المركزية الأمريكية ليون بانيتا بعد مقتل بن لادن: »حتي إن مات بن لادن فإن القاعدة لم تمت. وسيحاول الإرهابيون الانتقام منّا لموت زعيمهم، وعلينا أن نتصدي لهذه المحاولات«. إجراءات الأمن تضاعفت. الوجود الأمني تكثف داخل المطارات ومحطات السكك الحديدية والأتوبيسات ودور العبادة والمواقع المهمة مثل: مبني »إمباير ستيت«، وميدان »تايمز«، وغيرهما. هذه الاحتياطات كلها وغيرها، لمواجهة المجهول المرعب، ليست بالغريبة علي النيويوركيين، فقد تعودوا عليها من قبل عندما تعرضت مدينتهم لهجمات إرهابية قامت بها جماعات متطرفة جهادية في عامي 3991 و1002 وما تسببت فيه من ضحايا بالآلاف وخسائر بعشرات ومئات الملايين. وقرأت رأياً منشوراً لطالبة أمريكية تتردد علي محطة السكك الحديدية »جراند سنترال« التي تستقبل وتودع 057 ألف راكب، ومستقبل، وموزع، يومياً.. قالت فيه: »من السهل جداً وضع قنبلة في أي مكان هنا. ويمكن لأجهزة الأمن أن تؤمن كل شبر داخل المحطة، لكن أحداً لا يستطيع أن يوقف أو يمنع شخصاً من تفجير نفسه وكل من قرب منه أو بعد عنه«! ما قالته الطالبة »جوليا هولدن« هو لسان حال الغالبية العظمي من سكان مدينة كبري لا تنام!