الصمت أبدًا ليس من ذهب، والسكوت - أبدًا- ليس علامة الرضا، وصم الآذان عما يحدث من الأقباط ولهم لن يطفئ الحريق، الكلمات الهاديات بردا وسلاما، العظات البليغات تنير السبيل، سبيل وطن نكب في نفر من أبنائه، مضروبون بالفتنة لعن الله من أيقظها وعمل عليها إلي يوم الدين، سبيل شعب تفرقت به السبل، تحسبهم جمعاء وهم قلوب شتي، فرق بينهم المغرضون والمرجفون، بأيكم المفتون الذي ينهي البابا إذا صلي في حب الوطن. فلتدق أجراس الكنائس ولترفع الصلوات، شعبي مبارك، مبارك في الأرض ومبارك في السماء، شعب مصر محفوف برعاية الله وأمنه، اسم مصر لن يحرقه المتهوسون، المشاءون بنميم، مصر اسم كريم محفوظ في اللوح المحفوظ، ادخلوها بسلام آمنين مطمئنين. تكلم قداسة البابا، هدئ من روع شعب الكنيسة، قل لهم وذكرّهم بأن مصر بلد يعيش فينا، ليس بلدا نعيش فيه، لا تصمت، لا تدعهم في حيرة من أمرهم، شعبك خائف حائر، بعضهم يفكر في الهجرة، في الرحيل عن الديار، وشبابهم صار قابعا في الكنائس، نفر منهم استولي عليه الخوف والجزع، وباءوا بغضب الجيران وهجروا الخلان، صاروا غرباء عن أوطانهم ، في ذويهم، فيمن يحبونهم، التمسوا الغربة في أوطانهم، كفروا بالمصرية والجيرة والمكان والزمان، خشوا علي نسائهم وأطفالهم، صاروا غرباء فيما بينهم. تكلم ولا تصمت حان وقت الكلم الطيب، لا تترك شعبك فريسة متهوسين يرفعون الصليب في وجه المصحف، لا تدعهم يحطمون، ويخربون، يقتلون ويقتلون، ما ينتظرنا كثير، حرب أهلية وقودها الأقباط والمسلمون، تحدث حتي نراك كما عهدناك مصريا حتي النخاع متسامحا مع المبغضين، نافيا طائفية المرجفين، ناعيا ضحايا الفتنة ، مبلسما الجراح، متوسطا جموع المسلمين، ولولا خشية من وهن صحتك لطلبت نزولك إلي إمبابة، تبلسم الجراح وتربت علي الظهور، وتنثر ماء الحب علي الزهور التي قطفها المجرمون. تكلم وقل لبناتك وشبابك هذه أرضي أنا وأبي ضحي هنا وأبي قال لنا مزقوا أعداءنا ليس جيراننا الأقربين، الأقربون أولي بالمعروف، أولي بحسن الجيرة، تكلم وقل لرهبانك وقساوستك، اخلع الخشبة التي في عينك لكي تنظر جيدا القذي التي في عين أخيك، اخلع ملابسك لتستر الفقراء، اخلع مافي قلبك، صف مافي نفسك، حب لأخيك المسلم ما تحب لنفسك. تكلم وقل لهم ماقاله المسيح عيسي عليه الصلاة والسلام، حِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَي مُبْغِضِيكُمْ. وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ، صل لمن أساء إلي الصليب، صلي لمن حرق الكنيس، صل لعل الله يهيئ لنا مخرجا ويرزقنا أمنا وسلاما. كيرياليسون.. يارب ارحم، يارب نجني، ارحم ناجي ويوسف وبطرس ومريم، ونج محمد وحسن وإبراهيم وعائشة، ارحمهم جميعا ونجهم من الخسران المبين، كيرياليسون .. ارحم مصر من المهالك، ونج مصر مما يمكرون، ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين، سيردهم علي أعقابهم خاسرين. " خرافي تسمع صوتي، وأنا أعرفها، فتتبعني،وأسترد المطرود، وأجبر الكسير، وأعصب الجريح، وأبيد السمين القوي، وأرعاها بعدلٍ" قداسة البابا خرافك تسمع صوتك، وتعرفها وتتبعك، استرد المطرود منها، الطريد منها، الخارج منها، الشارد عنها، واجبر الكسير، كسير الفؤاد أو كسير النفس وأعصب الجريح، جريح القلب، جريح البدن، وأبد المتهوس المتفلت المعتدي المغتصب النافخ في الكير، كير نار الفتنة، لا مكان له في كنيسة السلام والمحبة، علي الأرض السلام، وبالناس المسرة، هكذا تختم الصلوات وهكذا تكون الخواتيم، والعبرة- كما يقولون - بالخواتيم. شبابك يتبعك، فلا تتركه يضل السبيل، لا تتركه يعتصم ويحتجب ويحطم ويكسر، لا تذهب عنهم وتتركهم شاردين يقطعون الطريق، أو يشعلوا الحريق، لا تبتعد ولا يبتعد الإمام الأكبر فضيلة الأمام الأكبر الطيب أحمد الطيب ، لا تبتعدا عنا ولاتصمتا عنا ، حان وقت الفعل، حان وقت الكلم الطيب، حان وقت النزول إلي إمبابة، هناك من يلعب أدواركما، هناك من يقوض سلطانكما، هناك من يحل محلكما، هناك من يفتئت علي وجودكما، هناك من يلعب بأدواركما، هناك من يستبدلكما.. جهرة. تكلم قبل فوات الأوان، قبل أن يفلت الزمام، تكلم قبل أن تضيع الكلمات الطيبات في لجة الكراهية التي تغرق الوديان، تكلم قبل أن تفقد الكلمات معناها ويصير الاحتكام للسلاح، تكلم قبل أن يضيع العقل ويستولي الجنون ، فلاتعي ولاتفهم، تثيرها النار، تكلم قبل أن تشتعل النفوس فلا تهدأ بعدها أبدا، تكلم قبل أن تضيع الكلمات من علي الشفاه، ولاتجد لخطواتك ولا كلماتك ولا دعواتك ولا صلواتك ولا عظاتك مكاناً، لا مكان لعاقل لا مكان لحكيم لا مكان لرجل دين لا مكان لكبير، لا مكان إن لم تملأ الفراغ بالحكمة والموعظة الحسنة. تكلم حتي نراك كما كنا نراك دائما، تكلم حتي نعرف رؤاك فيما شجر بينهم، تكلم لتضع النقاط فوق الحروف، تكلم متجاوزا الآلام، تكلم فوق الأحزان، تكلم بلغة يفهمها الشبان، الأقباط غاضبون يهددون يتوعدون، هدئ من روعهم، لمهم تحت جناحك، لا تلق بهم إلي التهلكة، ردهم إلي الطريق، نجهم من المهالك، وَيَضْرِبُ الرَّبُّ مِصْرَ ضَارِبًا فَشَافِيًا، فَيَرْجِعُونَ إِلَي الرَّبِّ فَيَسْتَجِيبُ لَهُمْ وَيَشْفِيهِمْ" (سفر إشعياء 19: 22).