.. تحدث نفسك بأنك سوف تراه بعد دقائق.. .. تتسارع خطواتك عندما تراه بقامته المديدة من بعيد... .. تقترب منه.. .. تتسارع مع خطواتك دقات قلبك.. .. نشوان أنت بالطبع عندما تجيء اللحظة وتمر بين يديه!!.. .. ها أنت تحاذيه.. .. تتجه إليه مباشرة وكأنه يناديك ويشدك من أصابع قدميك!!.. .. تحت أقدامه تقف في ميدانه الكبير!!.. .. تبص إلي فوق.. تشرب تفصيلاته الصلبة داخل روحك العطشي لرؤيته وتخال نفسك تزداد صلابة!!.. .. تلف حوله.. .. تبتعد خطوات وتعود فتقترب حتي تلامسه بيديك وتمسح بهما علي قاعدته الرخامية!!.. ...... تطل الشمس من خلف سحابة رمادية -تغطي وجهها- فتنير جوانبه عن ذي قبل!!.. ... تقف بعينيك علي منظاره المقرب.. يحمله بيده اليسري والذي بدا وكأنه كان ينظر فيه للتو.. هذا ما قدرته أنت عندما تدور بعينيك وتقف علي نظراته المصوبة إلي الشاطيء الآخر ينتظر اليوم يأتي!!.. .. تخلع عينيك مؤقتا عن رؤيته ويلفكما صمت المكان علي الرغم من ضجيجه المتزايد وتعود سحابة رمادية تغطي المكان من جديد!!.. ............... .. تعود الريح الآتية من مكان بعيد خلف الجبل الكبير.. تضرب في طريقها ما تصادفه واقفا علي سوقه!!.. .. تتطاير الأغطية من فوق دشمة الذخيرة فتجري تثبتها بالأحجار الثقيلة وتغطي مدفعك ال م/ط مؤقتا!!.. .. تستعيد قول زميلك.. »جاء أمشير أبوالزعابير!«.. .. تحكم خوذتك الحديدية فوق رأسك وتبص في منظارك المقرب تبحث عن هدف معاد يأتيك من الشرق في هذا الوقت بالذات. .. تتواصل الريح تعوي وتثور الرمال الناعمة من كل جانب.. .. تجري تحضر نظارتك العسكرية فتسبقك حبة رمل مسننة -تأتي مع ريح أمشير- تنغرس في عينك اليمني!!.. .. تدمع عيناك وتحاول مضطربا قلع حبة الرمل بأناملك لكنك تفشل أخيرا.. .. تنادي علي زميلك القريب والذي قدرت انه يعرف كيف يساعدك في قلعها!!.. .. يجري يحضر سمبكين من شنطة العدة وبهما يقلع حبة الرمل التي في عينك اليمني!!.. .. تجري دموعك تنزف مع خبر استشهاد البطل الذي أعلن عبر أجهزة اللاسلكي. ولا تدمع عيناك أنت فقط بل تسيل الدموع في مآقي الجميع علي جبهة القتال!!.. .. بيدك اليمني تكتب علي غنداق مدفعك ال م/ط »استشهد البطل يوم...... .. تشطبها.. .. تكتبها من جديد »ولد البطل يوم 9/3/9691!!.... ............... .. تعاود النظر إليه من جديد.. .. تجري لحالك تغادر المكان وأنت تحدث نفسك بأنك يقينا سوف تراه كل يوم يقف صلبا في مكانه القديم!!.. .. تتابع سيرك تقودك خطواتك إلي نهر النفق القريب.. تسلكه حيث الشاطيء الشرقي من الطريق!!.. .. تندفع وحيدا حتي نهايته!!.. .. تلتفت إلي الخلف وأنت تواصل سيرك للأمام فتراه وكأنه قرص شمس يهل بازغا عند نهاية النفق علي الجانب الآخر!!..