وقعت عيناي بدون قصد علي صحيفة من صحف مصر قبل 52 يناير.. وعدت اقرأ عناوين ومانشيتات تمجد في الرئيس السابق وأركان نظامه.. وعناوين تؤكد الفتوحات الرائدة للسيدة حرم رئيس الجمهورية والمناخ الديمقراطي الذي تعيشه المرأة المصرية.. بل ان الصحيفة تمجد في المحافظين ودورهم البارز في نهضة مجتمعاتهم المحلية.. ولمحت بأم عيني موضوعا عن جهود فتحي سرور في البرلمانات المصرية والعربية والاقليمية والإسلامية والدولية.. وآخر عن ريادة صفوت الشريف لنهضة الصحافة والإعلام في مصر!! وتذكرت الحوار الجماهيري الرائع للسيد نجل الرئيس (جمال) مع الشباب حول مستقبل مصر في برنامج حواري من اعداد وتنفيذ رئيس قطاع الاخبار السابق المناوي.. وقد سرد لنا كيف خرجت مصر من عنق الزجاجة الاقتصادية إلي الآفاق الرحبة في عالم التنمية والتقدم.. والدليل أن كل واحد معه الآن موبايل.. ولدينا أكثر من 54 مليون مستخدم للانترنت.. ولدينا ولدينا.. الخ. هكذا كانت تدار مصر.. هكذا كانت الحقائق التي يجب أن يعرفها الناس من خلال إعلام موجه.. وضع لبناته صفوت الشريف وأعوانه من رؤساء وقيادات الصحف والمجلس الأعلي للصحافة.. وقيادات الإعلام المرئي والمسموع.. التي كان يختارها بعناية أنس الفقي. كل هؤلاء خدعوا الشعب المصري.. وما هي عقوبة الخداع؟! ولا حاجة!! مازالوا يعيشون بيننا.. بنفس الأسماء.. أو بأسماء أخري.. هم بعيدون عن الملاحقة.. لأن أسيادهم وقعوا.. وأصبحوا في السجون.. هم طلقاء.. مازالوا يتمتعون بأموال حرام.. اكتسبوها من مص دماء الشعب الكادح المغيب.. ولازالت اردد قول الله في كتابه الحكيم »يمهل ولا يهمل«. الفرق في الهاء التي تقدمت في الكلمة مع »الاهمال«.. وتأخرت مع »الامهال«! الحمد لله الذي منَ علي الشعب المصري بالصبر والرضا.. كنت أري البؤس ومازلت في عيون الكادحين من الآباء والأمهات.. والشباب والأطفال الذين يعولون أسرا جائعة.. لا حول لها ولا قوة.. كنت أراهم في الشارع والميكروباص والاتوبيس.. بينما أولاد الأكابر يركبون البي ام.. والمرسيدس والكابورليه ويطيحون بالغلابة في الهواء.. كنت أراهم في ابنة ضالة أو ابن سيس كما يقول الشاعر الحلمنتيشي (عمرو قطامش). وأقول في نفسي ما كل هذا الرضا.. والسكوت لهؤلاء الناس.. وينهبون وهم صابرون.. يمصون دماءهم وهم صامتون.. لقد وصل الشعب إلي درجة الخنوع.. وكنت أقول في نفسي.. هل يمكن أن تقوم لهذا الشعب قائمة.. وكان الأقرب إلي التصديق أنها لن تقوم.. وأن الخنوع أغرق الشعب إلي الحلقوم.. فلم يعد قادرا علي الحركة.. حتي جاءت لحظة، لم يكن يصدقها أحد، وتحرك الشباب السيس.. الذي لم يكن يفهم إلا في الشات والتهييس وفجأة قامت الثورة من »الفيس بوك«! لقد أعمي الله قلوب وعقول وعيون الرئيس السابق وأعوانه وأركان نظامه.. وتصورا أنها لعب عيال.. لم تفلح محاولات رجل مريض أكل منه الدهر ومنحه الله بطانة السوء ليضله عن الصواب.. وخرجت الثورة من ميدان التحرير لتغرد في سماء مصر كلها.. ويخرج الشعب الصامت.. ويملأ الطرقات والشوارع.. وفي لحظات ينتهي نظام فاسد.. فضح نفسه بنفسه.. ولأول مرة يحكم الشعب.. ويأتي إلي سدة الحكم من يستحقها وباختيار الناس. ولكن مازال هناك طابور خامس.. يضم الآكلين علي كل الموائد.. الذين يعملون كالحرباء.. تتلون بلون المكان والزمان.. وهل يلدغ المؤمن من جحر مرتين.. الله سبحانه وتعالي ورسوله صلي الله عليه وسلم علمنا أنه لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين.. ونحن شعب مؤمن.. صابر.. لم نعد نقبل الخداع.. ولن نتنازل عن مكتسبات ثورتنا أبدا. أما النظام الفاسد فمصيره أمام القضاء.. الذي للأسف الشديد هو بطيء.. بسير كالسلحفاة في وقت نحتاج فيه إلي الصاروخ.. وللأسف فإنه تجمعت لدينا 3 جهات يستفيد من بطئها الطابور الخامس الذي يمثل فلول النظام السابق.. هذه الجهات هي القضاء.. والمجلس الأعلي للقوات المسلحة.. والحكومة.. القرارات الثورية تحتاج إلي شجاعة.. خاصة أن الأبيض واضح والأسود واضح.. من حق الشعب أن ينعم بثورته.. وأن يجني ثمارها وأن يبدأ عهدا من الكفاف ثم يتجه إلي الرضا الاقتصادي حتي يصل إلي الرخاء.. للأسف مع البطء الشديد مازال الشعب هو الكادح.. مازال الشعب هو الذي يعاني ويقاسي من المعيشة وارتفاع الأسعار وقلة المرتبات.. والشباب مازال عاطلا لا يجد الوظيفة الموعودة.. والأراضي والشقق لاتزال تحت تصرف أولاد الإيه.. والسؤال: ماذا فعل وزير الاسكان والشباب يلهث يريد أن يتزوج ويبدأ حياته في ربوع مصر.. من يملك ربوع مصر الآن هم الطابور الخامس الذي مازال طليقا.. يأكل علي كل الموائد. الحكومة تسير ببطء.. وتضم بعض عواجيز الفرح الذين يوقفون سير المراكب.. وزراء تقدموا في السن.. وخرجوا من العصر.. اعادهم د. شرف.. ووجدوا ضالتهم في حوارات نسوية يفضلونها عن الحوارات الرجولة.. فلم يعد في العمر بقية!! ويباركها المجلس الأعلي للقوات المسلحة.. ويسير علي نغمتها النيابة العامة والمحاكم.. أحيانا أتصور ان سكان مزرعة طرة طلقاء.. والشعب هو المسجون في بلد لا ينعم برخائها! أرجو أن أكون مخطئا.