هل تقف البشرية علي عتبة مرحلة جديدة في علاقتها بالتقنية؟ منذ بدأ الانسان رحلته علي كوكب الأرض، والعلاقة مع الآلة هي رديف حياته! العلاقة مع الآلة، ومن ثم مع التقنية، مثيرة غريبة، بدأت بحالة من التوحد بين قوة الانسان ومفهوم الآلة، فكانت عضلاته نقطة الانطلاق، والمدهش ان اصابع اليدين كانت بالنسبة للانسان أول آلة يلجأ اليها! ثم ما لبث ان جال ببصره فيما حوله، سعيا للاستعانة بالطبيعة لاستنباط آلاته البدائية.. انها المرحلة الجنينية في عالم التقنية! دار الزمن دورات عديدة، شهدت قفزات، كما واكبت احباطات، برزت قفزات كما وقعت انتكاسات، ودشن عصر النهضة علاقة جديدة بين الانسان والآلة، فكانت الميكنة، والمصانع وخطوط الانتاج، ثم مزيد من الأتمتة وانزوي الجهد البشري والاعتماد علي قوة الانسان المباشرة، ومع ظهور الروبوت بدأت صفحة مختلفة تماما عن كل ما سبقها في علاقة البشر بالتقنية. البداية متواضعة اعقبتها طفرات، فاذا بالروبوت يقتحم كل المجالات، ولا يترك حقلا الا كان له اسهامه فيه، من المصنع الي الخدمة المنزلية، مرورا بارتياد الفضاء وغرف العمليات الجراحية، وصولا لانجاز المهام العسكرية الصعبة وحتي غزو الملاعب! اصبح الروبوت الذي يعمل عن بعد لا يثير الدهشة، وامتد طموح العلماء لتصميم روبوت يعيد بناء نفسه، وتغيير شكله لاداء مهام متعددة، ولم يخل الامر من مفاجآت غير سعيدة فثمة فوضي يثيرها الروبوت، واحيانا تصل الحكاية الي حدود التمرد! لكن ذلك لم يمنع من التفكير في تغذية الروبوت بكل مقومات الاستقلال وجرعات هائلة من الذكاء الاصطناعي، حتي عبر البعض عن مخاوفه من ان تصبح الروبوتات خطرا علي الانسان، وربما امتلكت طموح منافسته في السيادة علي الارض! ومع تقدم ابحاث بناء مخ اصطناعي، وشبكات تضم ملايين الخلايا العصبية، كخطوة ضرورية لميلاد روبوت يشعر بوجوده، ويمتلك عواطفه، ويستطيع التعبير عنها، بل والرهان علي ان تكون له ارادة حرة، جاءت الفتوحات الهائلة في مجال النانو تكنولوچي، والسوبر كمبيوتر لتدشن تحالفا مع تقنيات الروبوت الفائقة ايذانا بثورة غير مسبوقة في دنيا الروبوت، مدعومة بخبراء وعلماء في تخصصات عدة بينها علم الاعصاب وعلم النفس! من ثم لم يعد التطلع لإنتاج روبوت قادر علي بناء الروبوتات الا مسألة وقت، فلم يعد يفصلنا عن الروبوت القادر علي التعلم الا خطوة حين يستغني الروبوت عن البرمجة المسبقة! هكذا تقترب البشرية من عصر الروبوتية او الروبتة- علي غرار الأتمتة-، اذا استطاع الروبوت القادر علي التعلم ان يكتسب خاصية التكيف الذاتي مع ما يحيط به من متغيرات ثم تنمية مهاراته. وعندما يصبح الانسان قادرا علي انتاج الروبوت الذي يستطيع ان يبني روبوتات، فان ذلك يذكر بسيرة الانسان الأولي حين كان ثمة توحد بين قوته ومفهوم الآلة، كما اشرنا البداية! إلي اين تنتهي رحلة الانسان، المدفوعة بالتطور العلمي المتسارع، والظمأ المتواصل للمعرفة؟ هل يخرج الامر عن سيطرة الانسان وينقلب »السحر التقني« علي الساحر المفتون بنفسه وبما تصنع يداه؟ هل ينازع الروبوت -حين يصبح قادرا علي التعلم والنمو والتكيف- الانسان في مملكته؟!