أهلنا الطيبون في »قنا« كانت لهم قضية، تحولت إلي أزمة تهدد بأفدح الأخطار للوطن كله، بعد ان دخلت جماعات التطرف علي الخط لتستغل سوء تقدير الحكومة ومشاعر أهلنا الطيبين في »قنا« الذين عانوا طويلا ومن حقهم أن يأملوا في ان يكونوا أول من يستفيد من الثورة ويقطف ثمار التغيير. قلنا من قبل ان سوء التقدير وليس سوء النية هو الذي كان وراء تعيين المحافظ الجديد ل»قنا« ليأتي وكأنه تثبيت لقاعدة تقول بتخصيص »قنا« لتكون حصة الاخوة »الأقباط« في المحافظين، وهو منطق خاطئ وتقييم مرفوض من الأقباط والمسلمين معا، ولا أظن ان الحكومة الجديدة كانت تقصد ما حدث، ولكنه -كما قلنا- سوء التقدير وسوء اعداد القرار الذي يحتاج حلا سريعا!! وقد كان التعامل السريع مع ردود الفعل الأولي لصدور القرار كافيا لإنهاء أزمة »قنا« ولكن الأمور تركت للحلول الأمنية وليست السياسية، بينما كانت خفافيش الظلام تتحرك وجماعات التطرف تقود الأحداث إلي منطقة الخطر. ولتصبح أمام مواجهة بين الدولة وهيبتها من ناحية وبين هؤلاء الذين يعيثون في أرض مصر فسادا باسم الاسلام الحنيف والبريء مما يفعلونه من اقتحام المساجد وهدم الاضرحة وقطع الآذان وتكفير كل من لا يدخل في طاعتهم حتي وهم يهدمون الدولة ويشعلون الفتنة ويقودون مصر إلي المجهول. لقد رفضت الحكومة التراجع عن موقفها ومعها الحق لان هذا يعني ضياع هيبة الدولة، ولكن هذا لا يكفي لمعالجة الموقف الخطير، ولا يعني أبدا ألا نسمع صوت أهلنا في »قنا« ونبعدهم عن خفافيش الظلام الذي ينشرون الفتنة ويهددون بحرق الوطن. ان الحوار علي أرضية سياسية ووطنية هو طريق الحل. والاقرار بحق أهلنا في »قنا« في الاحتجاج هو المدخل الطبيعي لهذا الحل.. ومعه الإقرار بان التجاوز في الاحتجاج مرفوض وقطع طريق القطارات وتعطيل العمل والتهديد بقطع المياه والكهرباء.. كلها أمور لا يمكن التسامح معها ولابد من التوقف عنها فورا. ان الإقرار بان سوء التقدير كان وراء تعيين المحافظ الجديد وإعلانه استعداده الاستقالة، ينبغي ان يقابله أهلنا في »قنا« بانهم سيفوتون الفرصة علي اعداء الثورة والمتآمرين علي وحدة الوطن، وانهم يقبلون التعاون مع المحافظ الجديد، مادامت الدولة قد أقرت بان »قنا« لن تكون هي حصة الاخوة الاقباط من المحافظين للأبد، وحتي لا يستغل البعض الموقف لإحراق الوطن. ما يحدث في »قنا« ليس معركة من أجل محافظ قبطي أو مسلم. انها معركة الوطن كله ضد خفافيش الظلام، ويا ويلنا جميعا إذا انتصرت الخفافيش!! جلال عارف