مسائل العقيدة لا يجب ان تناقش علي شاشات التليفزيون وإنما في قاعات العلم والدراسة وليس من حق أحد ان يكفر أحدا أو يزدري عقيدته.. هذا ما اتفق عليه العلماء والخبراء حول تصريحات الدكتور سالم عبد الجليل وكيل وزارة الاوقاف السابق في برنامج »المسلمون يتساءلون» حول تفسيره للنص القرآني في سورة آل عمران : »ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين» والتي أشار فيها إلي أن عقيدة بعض أهل الكتاب من اليهود والنصاري من الذين لا يؤمنون بأن الله واحد لا شريك له »فاسدة». في البداية قال الدكتور محمد مهنا مستشار شيخ الأزهر إنه من غير المناسب ان يكون الحوار بهذا الشكل في وسائل الإعلام فقضايا العقائد تناقش في قاعات الدراسة وليس من الحكمة أن يثير الإعلام مثل هذه القضايا ولدينا مسئولية نحن جميعا كرجال دين مسلمين ومسيحيين وإعلاميين وصحفيين ان ندرك خطورة الكلمة وما يجب ان يقال وما لا يقال. وأكد الدكتور عبد الفتاح العواري عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر انه لا يجوز بأي حال من الاحوال السماح بالحديث والحوارات الإعلامية حول العقائد خاصة وان المسلمين وغيرهم من الديانات الأخري كالأقباط مثلا بينهم قواسم مشتركة تقوم علي الوئام والسلام والتعايش المشترك مع الآخرين. مشيرا إلي مثل هذه الامور تهدم ولا تبني وتؤجج مشاعر الكراهية والغضب بين طرفي الشعب المصري المسلم والمسيحي.. وتابع : لا داعي للتلاعب بالعقائد فهي خط أحمر وعواقبها وخيمة ولا يحمد عواقبها. من جانبه شدد الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، إن الشيخ سالم عبد الجليل ليس له علاقة بالأوقاف من قريب أو بعيد فهو مستقيل، لافتاً إلي أنه لن يسمح له بصعود المنبر حتي يبدي اعتذارا واضحا وتصحيحا لما قال. وأضاف وزير الأوقاف أن من يثير فتنة وبلبلة لن يسمح له بصعود المنبر ويجب علي الفضائيات ألا تستضيفه أو تسمح له بمداخلة، مشيرًا إلي أنه ليس من الحكمة تناول عقائد الآخرين أياً كانت. وأكدت وزارة الأوقاف - في بيان صحفي- أن الدكتور سالم عبد الجليل، مستقيل ولا علاقة له بالأوقاف، وأنها قررت منعه من صعود المنبر ما لم يصحح ما أثارته تصريحاته من قلق وتوتر، ويتعهد صراحة بعدم التعرض لعقائد الآخرين. الأعلي للإعلام أعرب المجلس الأعلي لتنظيم الإعلام عن استيائه البالغ مما بثته إحدي القنوات الفضائية ويتضمن إساءة إلي وحدة الوطن وسلامة نسيج الأمة المصرية الواحد ويمس عقيدة الأقباط المصريين، مشيدا في هذا الصدد بالتحرك السريع لرئيس مجلس إدارة القناة. وأكد المجلس في بيان أمس عزمه اتخاذ كل الاجراءات القانونية تجاه أي وسيلة إعلامية تروج لمثل هذه الآراء والتي تمثل اعتداء علي حقوق المواطنة الكاملة للأقباط المصريين. وعبر المجلس عن بالغ استيائه من لجوء بعض الشخصيات الدينية وغير الدينية إلي اعتبار أقباط مصر كفارا، لأن الأقباط المصريين ليسوا كفارا بل يؤمنون برسالة سماوية يقرها الاسلام الذي يحترم حرية العقيدة ويعترف الدين الاسلامي بنبيهم عيسي بن مريم عليه السلام ويصف أمه السيدة العذراء بأنها أشرف نساء العالمين. اعتذار وأصدر الدكتور سالم عبدالجليل وكيل وزارة الأوقاف بيانا عقب حالة الجدل المثارة حول تصريحه الأخير عن الأقباط أوضح فيه »ما صدر مني في إحدي حلقات برنامجي اليومي المذاع علي قناة المحور الفضائية كان في سياق تفسيرنا لسورة آل عمران (ضمن تفسير للقرآن بدأ منذ أكثر من سنة) وتحديدا لقول الله تعالي في سورة آل عمران: »وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ (85)». وحيث إنّ البعض اعتبر فيه جرحا لمشاعر الأخوة المسيحيين فأنا عن جرح المشاعر أعتذر وأكرّر تأكيدي علي ما أكّدتُه في نفس الحلقة المشار إليها: الحكم الشرعي بفساد عقيدة غير المسلمين (في تصورنا)، كما أن عقيدتنا فاسدة في (تصورهم).. لا يعني استحلال الدم أو العرض أو المال (بأي حال من الأحوال)، وقلت هذا علي الهواء، وأكّدته بالفعل منذ أسابيع حين عزّيت علي الهواء قسيسا كان ضيفا علي القناة يوم التفجيرات الإرهابية الآثمة. وتابع: كما أنّ كلمة كفر الواردة في القرآن الكريم تعني المغايرة والتغطية وليس مقصودا بها من قريب أو من بعيد المعني المتداوَل في مصر حديثا من كون كافر وصفا مهينا واحتقار الشخص السيئ الخلق والفاجر في الظلم فهذا المعني لهذه الكلمة ليس في اللغة العربية ولم يكن حتي علي زمن نزول الوحي. وتساءل كيف يكون في القرآن إهانة لغير المسلمين وهو يجرّم عليّنا سبّ أصنام المشركين، فكيف بالعقل والمنطق سيستخدم كلمة فيها إهانة وسبّ لإنسان فضلا عن أنه من أهل الكتاب: (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ) إن للإنسان »في ديننا» حريته في اعتناق ما يشاء.. ولا يجوز إكراه أحد علي تغيير معتقده.. والحساب علي الله تعالي بدليل أنّ الإسلام يأمرنا بحماية كنائس المسيحيين ومعابد اليهود رغم أنه يقال فيها عن النبي محمد صلي الله عليه وسلم كلام هو عكس ما نعتقده تماما من كونه الصادق الأمين، وهذا أكبر دليل أنّ دين الله لا يبيح الظلم ولا القتل لهم أو لغيرهم، بل لقد أوصي النبي بأهل مصر خيرا فاحترامهم آكد وإكرامهم أوجب. وقال عبد الجليل: أما في دنيا الناس فنتعامل بالإخاء الإنساني والمحبة والبر.. ونتعايش بما تعنيه الكلمة من معني.. حتي إن الشريعة الغراء تبيح لنا أن نأكل من ذبائح أهل الكتاب ونتزوج من نسائهم »إذا توافق الأهل».