أكثر من 1300 كيلو متر قطعناها »رايح - جاي» إلي محافظة قنا للإجابة علي سؤال واحد وهو لماذا تلك المحافظة هي الوحيدة التي ضمت 15 متهما في حادثي تفجير كنيستي مارجرجس والمرقسية؟.. أسباب عديدة دارت في أذهاننا.. ربما يكون الفكر الديني المتشدد هو السبب الرئيسي وراء ارتفاع عدد المتهمين.. ذهبت تفكيرنا أيضا إلي عوامل البيئة المحيطة من انتشار الفقر والحياة الاقتصادية الصعبة.. أسباب وأسباب شرد إليها تفكيرنا إلي أن تم الوصول الي محافظة قنا أقصي جنوب مصر للإجابة علي هذا السؤال الشائك ومعرفة ماهية الأسباب التي دفعت هؤلاء إلي ارتكاب هاتين الجريمتين اللتين هزتا مشاعر المصريين بأكملهم وأودت بحياة أبرياء لا ذنب لهم إلا أنهم ذهبوا للاحتفال بأعيادهم أو ذهبوا لتأمين تلك الاحتفالات. »الأخبار» ترصد بالكلمة والصورة أوضاع قري محافظة قنا التي خرج منها المتهمون لنحاول الوقوف علي بعض الاسباب التي سبق الحديث عنها. البداية كانت في قرية »المعني» تلك القرية الهادئة التي أصبحت حديث الصباح والمساء بعد اعلان وزارة الداخلية عن اسماء المتهمين في حادثي تفجير الكنيستين..بمجرد دخولك إلي القرية تشاهد مباني مرتفعة وعقارات وعمارات فضلا عن انتشار المدارس الابتدائية والاعدادية والتي وصلت إلي 4 مدارس بالاضافة إلي معهد ازهري ابتدائي وتواجد مركز للشباب ، كما ان الطرق المؤدية إلي القرية والطرق الداخلية مرصوفة..ليبقي السؤال ما الذي دفع المتهم بالارهاب الذي ينتمي إلي تلك القرية إلي ارتكاب جريمته؟..فالمستوي التعليمي داخل القرية يبدو مرتفعا ، والخدمات تبدو متكاملة فضلا عن تواجد مركز يحتضن الشباب للتنفيس عن هواياتهم ورغباتهم توجد وحدة صحية تقدم الخدمات الطبية لابناء القرية..اذن ما السبب الذي قد يدفع إلي تواجد ارهابي وسط هذه البيئة شبه المتكاملة ؟ اقتصاد مترد اسراء يحيي 20 عاما اكدت ان اغلبية القرية تعاني من اوضاع اقتصادية متردية رغم انتشار الابنية والعمارات والسبب الرئيسي في ذلك يعود إلي انتشار البطالة بين شباب القرية ، فالقرية بها شباب كثير ينضم إلي طابور العاطلين ، ومن ثم يسهل علي أي من الاطراف التي تحمل افكارا متطرفة ان تستقطب بعضا من هؤلاء الشباب العاطل وتوظيفه لخدمه أهدافها وكشفت اسراء ان امام المسجد الكبير لا ينتمي إلي الازهر ولكنه ينتمي إلي احد الاهالي بالقرية وهو معروف بخطابه الوسطي وليس المتشدد. ووافقتها في الرأي فاطمة الزهراء ابنة القرية والعاملة في صيدلية ان الخدمات متوافرة بقرية » المعني » سواء من مياه او كهرباء او صرف صحي او وحدة صحية او حتي الغاز الطبيعي ولكن ما ينقص القرية هو فرص العمل ، فالبطالة تتفشي بشكل كبير بين ابناء القرية ، فهي حاصلة علي معهد خدمة اجتماعية ومع ذلك اضطرت للعمل في صيدلية من اجل كسب لقمة العيش واضافت الزهراء ان 90 % من شباب القرية يعملون في مجال الفواعلية البناء والعمارة والمحارة والزراعة والاهالي يشتكون من الارتفاع المستمر في الاسعار ذهبنا إلي رئيس الوحدة المحلية بالقرية ويدعي احمد عبد الراضي 58 سنة اكد ان 80 % من شباب القرية لا يعملون في وظائف حكومية بل يعملون كفواعلية رغم ان نسبة التعليم داخل القرية مرتفعة فنسبة التعليم الجامعي 90 % وما تحت الجامعي 40 % وللاسف » فيه ناس متفوقة بس مش معاها واسطة تشتغل في وظائف حكومية » ايضا مشكلة اخري يرصدها رئيس الوحدة المحلية وهي ازمة الاسكان ، فالقرية علي حسب قوله تعاني من ندرة في الشقق والوحدات السكنية و» اللي بيحصل علي شقق عدد قليل جدا من الشباب عبر المسابقات التي تتم » ويستطرد عبد الراضي في مشكلات القرية قائلا : للاسف المخدرات انتشرت بشكل كبير بين شباب القرية فضلا عن انتشار سرقات السايرات والدراجات البخارية مطالبا باستثمار ارض مجري السكة الحديد والتي تبلغ 150 فدانا في بناء مشروعات ووحدات سكنية لاهالي القرية. واوضح رئيس الوحدة المحلية ان الخطاب الديني في القرية يسيطر عليه أئمة الازهر ، حيث يبلغ عدد سكان القرية 50 الف نسمة معهم عدد قليل جدا من السلفيين ولا تواجد لجماعة الاخوان المسلمين اتجهنا إلي شباب القرية لنتأكد بالفعل ان البطالة متفشية ، فمحمود عوض شاب يبلغ من العمر 26 عاما وحاصل علي دبلوم صنايع ومع ذلك يعمل فواعلية بسبب ندرة فرص العمل وانتشار البطالة..احمد يبدي استغرابه قائلا : انا كنت أدرس في قسم الاعمال الصحية وبعد التخرج اصبحت فواعليا ! اما خالد رجب فهو يبلغ من العمر 27 عاما وخريج آداب قسم اعلام عام 2010 وحتي الان وفقا لقوله لم يعمل ، موضحا ان 75 % من شباب القرية يعاني من البطالة قائلا » كان نفسي اشتغل في مجالي بس للاسف معرفتش لانني معييش واسطة » ظروف صعبة مبروك عبد الوكيل..شيخ من شيوخ قرية »المعني»..كباقي أهل القرية يرفض ما قام به الشاب المتورط في تفجير الكنسيتين..في نفس الوقت يشفق علي شباب قريته التي تعاني من بطالة وظروف معيشية صعبة..عمل كحارس عقار 40 عاما في إحدي دول الخليج..عندما بلغ به العمر 63 عاما أراد ان يعود لأرض وطنه ليستقر به ويبحث عن فرصة عمل تناسب عمره..6 أشهر كاملة لم يجد هذه الفرصة ، »يجيرنا منهم ربنا الإرهابيين الكلاب» هكذا بدأ مبروك حديثه ل»الأخبار» مضيفا أن أهالي قرية المعني ترفض الإرهاب وأنهم من أفضل الناس خلقا واعتدالا لكنها تعاني من البطالة الشديدة وفقر الخدمات ،ويشير مبروك إلي انه عندما عاد من العمل في الخارج ظل 6 أشهر يبحث عن العمل ولم يجد فكيف الحال مع شباب بيده كارثة مثل »الفيسبوك» يستطيع ان يستغله الإرهاب ،مطالبا بسرعة التحرك لحل هذه المشاكل التي تتفحش في فئة الشباب الذي بجانب معاناته المادية يتأثر بسموم »السوشيال ميديا» والتي تعد سببا رئيسيا في نشر الإرهاب.