علي مدي ثماني سنوات مضت، لم أستمتع بمباراة في كرة القدم بالدوري المصري، إلا في لقاء الأهلي والزمالك أول أمس. آخر مرة كانت في مباراة الأهلي والإسماعيلي في موسم 2002. انتهت المباراة بتعادل الفريقين 4/4 وحصول الدراويش علي درع الدوري واعتبرت الأفضل في تاريخ الكرة المصرية. ولعلكم تذكرون أن لاعبي الإسماعيلي الفائزين بالبطولة ارتدوا الفانلات الحمراء بعدها، ونجحوا علي مدار المواسم الخمسة الماضية في الحصول علي الدوري.. لكن باسم النادي الأهلي! ما علينا! شعرت بمتعة حقيقية وأنا أتابع لقاء القمة الرائع الليلة قبل الماضية، بين عواجيز الأهلي الذين كانوا يتمسكون بأهداب أمجاد تزول ، وبقايا مهارات لا تسعفها لياقة ، وشباب الزمالك الذين تسيدوا الملعب وأراقوا ماء وجه منافسيهم ثلاث مرات ، وكادوا يكسبون المباراة لولا رحمة السماء بنجوم الأهلي الذين تخبو أضواؤهم وتتلاشي! كانت الأقدار عطوفة حقا، وكان الحظ في قمة عطائه، وهو يحالف الجهاز الفني للنادي الأهلي ولاعبيه، فيمنع عنهم هزيمة مذلة، كانت لتطيح بحسام البدري ومعاونيه رغم فوزهم المتوقع ببطولة الدوري، وكانت لتحرم نجوم الأهلي الكبار الذين طالما أسعدونا بأدائهم منذ كانوا يلعبون في صفوف الإسماعيلي والترسانة والمحلة من ختام كريم لا يخدش مسيرتهم مع القلعة الحمراء وإنجازاتهم الهائلة مع المنتخب الوطني. شاءت المقادير ألا يخسر الأهلي النتيجة بعد أن انهزم في الملعب، فتنطفئ فرحة نحو عشرة ملايين مصري بفوز فريقهم المرتقب بدرع الدوري للمرة السادسة علي التوالي وغالبا الأخيرة وينقلب العُرس إلي مأتم حزين. ورغم ان الحظ عاند حسام حسن المدير الفني للزمالك وكأنما استكثر عليه الخروج بفوز محقق ومستحق علي الأهلي ، ورغم حملة القصف الفضائي الأحمر التي تعرض لها حسام طوال الليل في برامج التحليل التليفزيونية، لمجرد أنه رفع قميصه الأبيض محييا جماهير الزمالك في المدرجات، ولأنه تجاسر فأعلن أن فريق الزمالك قادم في المواسم المقبلة ولن يفرط في بطولة.. رغم هذا وذاك ، فإنني أظنه الفائز الحقيقي باللقاء، وأري أنه توج بهذه المباراة مشواره الرائع مع الزمالك الذي بدأ منذ 6 شهور، فانتشل الفريق من المركز الرابع عشر وقفز به إلي المركز الثاني. وربما لو لم يتخل عنه الحظ ولو تحلي الحكام بالعدل والإنصاف ، لظلت بطولة الدوري دون حسم حتي آخر مباراة. يكفي حسام حسن أنه جدد شباب فريق الزمالك ، أنه اقترب من اللاعبين، بث روح القتال في نفوسهم، أشعل طموحهم، استنهض هممهم ، فاستطاع بهم ومعهم أن يعيد افتتاح مدرسة الفن والهندسة بعد أن ظلت 7 سنوات مغلقة للتحسينات! وصفة حسام في ملاعب الكرة ، صالحة للعلاج في ساحات أخري غيرها!