في غرفة آمنة في منتجعه »مار-إيه-لاجو» بفلوريدا عرض كبار المستشارين العسكريين للرئيس دونالد ترامب عليه ثلاثة خيارات لمعاقبة الرئيس السوري بشار الأسد علي هجوم بغاز سام أودي بحياة عشرات المدنيين. كان ذلك عصر الخميس الماضي قبل ساعات قليلة فقط من انهمار 59 من صواريخ كروز »توماهوك» الأمريكية علي قاعدة جوية سورية ردا علي ما وصفته واشنطن بأنه »عار علي الإنسانية». وكان ترامب في منتجعه بفلوريدا لعقد أول قمة له مع نظيره الصيني شي جين بينج لكن مسؤولا أبلغ رويترز بأن القمة نحيت جانبا لإفادة بالغة السرية من مستشار الأمن القومي الأمريكي الجنرال ماكماستر ووزير الدفاع جيم ماتيس. وقال المسؤول إن ماكماستر وماتيس عرضا علي ترامب ثلاثة خيارات سرعان ما تقلصت إلي اثنين: قصف قواعد جوية عديدة أو قاعدة الشعيرات القريبة من مدينة حمص، حيث انطلقت الطائرات الحربية التي نفذت الهجوم بالغاز السام، فحسب. وأضاف المسؤول أن ترامب اختار بعد السماع إلي نقاش بأن من الأفضل التقليل لأدني حد من الخسائر البشرية الروسية والسورية وأمر بإطلاق سلسلة من صواريخ كروز علي قاعدة الشعيرات العسكرية. وتابع المسؤول أن ماتيس وماكماستر قالا إن اختيار ذلك الهدف سيوجد أوضح رابط بين استخدام الأسد لغاز الأعصاب والضربة الانتقامية. وبالإضافة إلي ذلك فإن أماكن إقامة المستشارين الروس والطيارين السوريين وبعض العمال المدنيين توجد في محيط القاعدة وهو ما يعني إنه يمكن تدميرها دون المجازفة بسقوط مئات الضحايا خاصة إذا وقع الهجوم في غير ساعات العمل الطبيعية للقاعدة. وقال مسؤول آخر مطلع علي المناقشات إن الإدارة لديها خطط طوارئ لضربات إضافية محتملة مع حلول اعتمادا علي كيفية رد الأسد علي الهجوم الأول. وأضاف هذا المسؤول »الرئيس من يحدد ما إذا كان ذلك _الضربات الجوية_ انتهي. لدينا خيارات إضافية جاهزة للتنفيذ». وقال ثلاثة مسؤولين شاركوا في المناقشات إن ترامب اعتمد في مواجهة أول أزمة له في مجال السياسة الخارجية إلي حد بعيد علي ضباط عسكريين متمرسين: ماتيس، الجنرال السابق بمشاة البحرية الأمريكية، وماكماستر، وهو لفتنانت جنرال بالجيش الأمريكي، وليس علي المسؤولين السياسيين الذين هيمنوا علي قراراته السياسية في الأسابيع الأولي لرئاسته. وقال مسؤولان كبيران شاركا في هذه الاجتماعات إنه فور ورود أنباء عن الهجوم بالغاز يوم الثلاثاء طلب ترامب قائمة خيارات لمعاقبة الأسد. وتحدث المسؤولون جميعا شريطة عدم الكشف عن هويتهم. وقال كبار مسؤولي الإدارة إنهم التقوا بترامب مساء الثلاثاء وقدموا خيارات منها عقوبات وضغوط دبلوماسية وخطط لمجموعة متنوعة من الضربات العسكرية علي سوريا، وجميعها كانت معدة قبل أن يتولي السلطة. وقال أحد المسؤولين إن أكثر الخيارات قوة يسمي بضربة »قطع الرأس» علي قصر الأسد الرئاسي الذي يقبع منفردا علي قمة تل إلي الغرب من وسط دمشق. وذكر مسؤول »كان لديه _ترامب_ كثير من الأسئلة وقال إنه أراد أن يفكر بشأنها لكنه كان لديه أيضا بعض الملاحظات.. أراد تنقية الخيارات.» وفي صباح الأربعاء قال مسؤولو المخابرات ومستشارو ترامب العسكريون إنهم تأكدوا من أن القاعدة الجوية السورية استخدمت لشن الهجوم الكيماوي وإنهم رصدوا مقاتلة طراز سوخوي-22 نفذته. وأبلغهم ترامب بالتركيز علي الطائرات العسكرية. وعصر الأربعاء ظهر ترامب في حديقة الورود بالبيت الأبيض وقال إن الهجوم »الذي يتعذر وصفه» ضد »حتي الأطفال الرضع» غير موقفه من الأسد. وسئل عما إذا كان بصدد صياغة سياسة جديدة بشأن سوريا فرد ترامب بالقول »سترون». وفي نحو الساعة 3:45 من عصر الثلاثاء بالتوقيت المحلي دعا الجنرال جوزيف دانفورد، رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة، إلي اجتماع طارئ لقادة أفرع القوات المسلحة في البنتاجون لوضع اللمسات الأخيرة علي خطة الضربات العسكرية. وقال البيت الأبيض إن ترامب وقع بعد قليل من الرابعة مساء علي أمر بشن الهجمات الصاروخية. وأطلقت السفينتان الحربيتان »بورتر» و»روس» 59 صاروخ كروز من شرق البحر المتوسط علي القاعدة الجوية المستهدفة. وبدأت الصواريخ في السقوط في نحو الساعة 8:40 بتوقيت شرق الولاياتالمتحدة (00:40 بتوقيت جرينتش) قبل أن يكمل الرئيسان الأمريكي والصيني عشاءهما.