شهدت خلال الأيام الماضية مشهدين عظيمين من قدرات الإنسان المصري وإمكانياته، وطاقاته ومواهبه، وقدرته علي اجتياز الأزمات وتوليد النجاح. كان المشهد الأول في محافظة سوهاج، حيث تلقيت دعوة كريمة لحضور احتفال المحافظة بأمهات شهداء الجيش والشرطة والقضاء في يوم عيد الأم، وحظيت بحفاوة كبيرة تستحق مني كل شكر وعرفان قابلني بها سيادة الوزير المحافظ الدكتور أيمن عبد المنعم محافظ سوهاج، وسيادة اللواء هشام لطفي مساعد السيد وزير الداخلية لقطاع وسط الصعيد، وسيادة اللواء مصطفي مقبل مساعد السيد وزير الداخلية مدير أمن سوهاج، وغيرهم من قيادات المحافظة، ورجال البرلمان الموقرين، وقيادات جمعية من أجل مصر: السيد المهندس محمد البنا، والسيد المهندس مدحت المدني، ومما لفت نظري وأثار دهشتي لافتات معلقة في شوارع سوهاج عليها شعار (صنع في سوهاج). ثم استمعت من سيادة المحافظ في مكتبه إلي قصة هذا الشعار، فذكر لي أنه منذ سنة تقريبا تعاون مع جمعية رجال الأعمال في سوهاج علي إطلاق هذا الشعار، وتخصيص مقر كبير في أرقي مناطق المحافظة لعرض كل السلع والمصنوعات التي يتم تصنيعها في قري ومدن محافظة سوهاج، وتمت الفكرة في موسمها الأول قبل سنة، فلقيت نجاحا منقطع النظير، وحقق المعرض أرباحا عالية، ولفت نظر أبناء سوهاج إلي ما تحت أيديهم من كنوز وثروات كانت مهدرة من قبل، من الفنون والحرف والصناعات المتقنة، في الأثاث، والأجهزة، والمنسوجات، وغير ذلك. والأهم من ذلك كله أن تسري إلي وجدان الإنسان لمحة من ثقته في ذاته، وفي مقدرته علي إنتاج مصنوعات عالية الجودة، تحظي بالرواج، ويتكرر الطلب عليها، مما ينعكس مباشرة علي تشغيل مصانع صغيرة في القري والمدن السوهاجية، وتشغيل عمالة، وفتح أبواب رزق، والانتقال إلي التجويد والتحسين والإتقان، والاستغناء عن كثير من المصنوعات التي نستوردها من الصين وغيرها ونحن قادرون علي صناعتها بجودة أعلي. ثم بدأ المحافظ وجمعية رجال الأعمال في التحضير للموسم الثاني للمعرض، وبدأ التحضير لنقله إلي أرض المعارض في القاهرة، وبدأ التحضير لدعوة المحافظات الأخري إلي جلب مصنوعاتها للعرض في سوهاج، ونقل مصنوعات سوهاج للعرض في المحافظات الأخري، وأنا أضيف هنا بعدا جديدا، وهو تعزيز هذا الشعار، حتي يتحول إلي عدوي حميدة، تنتقل إلي بقية محافظات مصر، لنري شعار صنع في أسيوط، وصنع في قنا، وصنع في دمياط، وصنع في مرسي مطروح، وغير ذلك، وفوق ذلك كله الشعار الكبير والجليل والجامع وهو (مصر). وبعد رجوعي من سوهاج بأيام توجهت إلي المنصورة، لحضور المؤتمر الأول للمبادرات الطلابية للجامعات المصرية، وفور وصولي لقيت السيد الوزير المحافظ الدكتور أحمد الشعراوي محافظ الدقهلية، فلقيني بترحيب وحفاوة كبيرة تستحق مني كل الشكر والعرفان، ومعه الأستاذ الدكتور رضا عبد السلام محافظ الشرقية السابق، والأستاذ الدكتور أشرف عبد الباسط نائب رئيس جامعة المنصورة، ومعهم عدد من رؤساء الجامعات، ونواب رؤساء الجامعات، والعمداء، ورؤساء الأقسام، ورجال البرلمان الموقرين، وقيادات جمعية من أجل مصر، وعدد من الرعاة لهذا الحفل، ووفود من طلاب عشرين جامعة من جامعات مصر. وقد احتشد هؤلاء جميعا احتفالا بالمبادرات الطلابية التي تقدم بها طلاب الجامعات، بعد تكوين لجنة تحكيم رفيعة للنظر في المبادرات المقدمة واختيار أجودها وأكثرها فاعلية وإجرائية، وكان لي شرف الحديث في أول جلسة عمل بعد جلسة الافتتاح، وكانت الجلسة بتقديم صديقي العزيز الإعلامي القدير الأستاذ شريف فؤاد، ودار الحديث حول الهوية المصرية، ويشرفني هنا أن أسجل لكم فقط عناوين مبادرات الطلاب، حتي نري جميعا مقدار التألق والأمل والطموح والهمة والإيمان بهذا الوطن الذي يظهر في تلك المبادرات، وأن شباب مصر في جامعاتها يمتلئون بمواهب وطاقات جليلة ومشرفة: جامعة حلوان: مبادرة (لمسة خير) وتهدف إلي أن يقوم شباب الجامعة بتقديم خدمات صحية وبيئية للمجتمع، جامعة دمياط: مبادرة (وعي أفضل، لحياة أفضل)، جامعة الفيوم: مبادرة (حياة إنسان)، جامعة قناةالسويس: مبادرة (وطن لا نحميه، لا نستحق أن نعيش فيه)، جامعة حلوان: مبادرة (فوِّلْها أخضر)، وتهدف إلي توعية مالكي السيارات بأهمية استخدام الوقود المستخرج من مصادر نباتية مثل الزيت النباتي، جامعة الأزهر: مبادرة (صحتنا في سياحتنا)، تهدف إلي تنشيط السياحة الداخلية والخارجية، وتوفير عملات صعبة، من خلال استغلال طاقات الشباب وحماسهم للعمل التطوعي والتسويق من خلال السوشيال ميديا، جامعة عين شمس: مبادرة (منطقتي) وتهدف إلي تفعيل دور الشباب بالتعاون مع المسئولين لتنظيف الأحياء والمناطق المختلفة وتجميلها والحد من انتشار القمامة فيها، جامعة بورسعيد: مبادرة (أفضل حياة) للحفاظ علي شوارعنا نظيفة، جامعة حلوان: مبادرة (التسويق السياحي الإلكتروني)، جامعة قناةالسويس: مبادرة (إعادة استخدام الموارد المهدرة)، جامعة المنيا: (دوق نجاة) وتهدف إلي توفير فرص عمل للشباب، جامعة المنوفية: مبادرة (المشروع القومي للنهوض بالثروة القومية) وتهدف إلي تحسين خدمات الزراعة المقدمة للفلاحين، جامعة أسوان: مبادرة (أنا موجود) وتهدف إلي الاهتمام والتضافر لعلاج مشكلة التوحد عند الأطفال، وغير ذلك كثير من المبادرات المبهرة، من بقية جامعات مصر الحكومية والخاصة، مما جعلني أنصرف من ذلك المؤتمر وأنا فخور بهذه الطاقات والأفكار، وقد طلبت منهم أثناء كلمتي أن يشرفوني بقبول كوني داعما ومشاركا في رعاية تلك المبادرات. وقد أحببت هنا أن أسجل هذين المشهدين المهمين من سوهاج ومن المنصورة، وأن أضع بين أيدي حضراتكم هذه المشاهد الجليلة من وطننا العظيم، وقد رأيت فيهما آمالا عظيمة، وعقولا مصرية كريمة، ابتداء من شباب مصر ووصولا إلي المسئولين الكبار، وبإذن الله ستنجح كل تلك الأعمال، وتتحول إلي إجراءات وبرامج عمل، وتكون حافزا لميلاد عشرات من الأطروحات الأخري، التي مازالت كامنة في صدور أبناء هذا الوطن، وسلام علي الصادقين.