مبدئيا اسمحوا لي ان أرفض بالقطع تعبير »الثورة المضادة« لأن المتآمرين ضد أعظم ثورة شعبية في تاريخنا الحديث. ويقال الأعظم في تاريخ العالم، ثورة 52 يناير، ليسوا جديرين إطلاقا بمصطلح »الثورة« سواء كانت ثورة مضادة أو غير مضادة!، وهم -بالتأكيد- أقل بكثير جدا -من حيث العدد والقيمة- من عشرات الملايين الذين انتظمتهم ثورتنا الشبابية الشعبية، ومبدئيا أيضا أرجو ان أوضح ان العنوان الذي اخترته لمقالي لا يحمل أية استهانة بمن يرتدون »الجلابية« فكثيرون منهم أهلنا واخوتنا، لكنها -للأسف- صارت رمزا للموقعة الرهيبة المؤسفة التي أتحدث عنها، والتي خطط لها أعداء الثورة الذين يعملون في الظلام كثيرا، وفي النور قليلا، ولقد كان من الممكن حصرهم، وحصارهم منذ ان حققت الثورة أول أهدافها باسقاط رأس النظام، وهم أنفسهم الذين أداروا من قبل »موقعة الجمل«، وهم أنفسهم من رتبوا الهجوم علي أقسام الشرطة والسجون، ومقار أمن الدولة لاثارة الفوضي، وترويع المواطنين، وهم أنفسهم من خططوا لتهريب مليارات الدولارات والجنيهات المنهوبة، وهم أنفسهم من حاولوا ويحاولون تفجير الفتنة الطائفية، وهم أنفسهم من يشعلون ويشجعون المظاهرات الفئوية. أقول قولي هذا وقد شاهدت وفجعت مما حدث في الدقائق الأخيرة من »مباراة الزمالك والافريقي التونسي«، هذه المباراة التي بدأت بروح رياضية رائعة ووعي قومي رائع جسدته اللافتات التي ترحب بالاخوة التونسيين، وتشيد بلقاء الثورتين التونسية والمصرية، إلي ان جاءت الدقائق الأخيرة من المباراة لتقع الواقعة حيث ظهر فجأة مخطط المتآمرين باقتحام عدد من البلطجية وخلفهم مئات من الفوضويين لأرض الملعب، لكي يفسدوا اللقاء الأخوي الجميل، ويعتدوا علي اللاعبين الأشقاء وأيضا الاعتداء علي لاعبي الزمالك وجهازهم الفني الذين احتضنوا اللاعبين التونسيين بأجسادهم دفاعا عنهم وحماية لهم، ثم امتد التخريب المدبر إلي منشآت الاستاد، ولم يكن المشاهد للأحداث الأليمة بحاجة إلي أي جهد لاكتشاف عناصر وأبعاد المخطط، فقد كشفتهم كاميرات التليفزيون والصحف والمجلات وهم يحملون الخناجر والسيوف والسنج والعصي، ويتقدمهم من يرتدي »الجلابية« وفي يده سيف يحاول اخفاءه، ولسهولة الاستنتاج سارع مذيعو ومحللو المباراة »أمثال طاهر أبوزيد وعلي أبوجريشة ومحسن صالح« إلي ادانة ما حدث كإحدي جرائم أعداء الثورة، وكذلك فعل »مدحت شلبي ومصطفي يونس وإبراهيم يوسف«، كلهم اجمعوا علي انه عمل اجرامي مضاد للثورة، ويستهدف إظهار مصر وقد عمتها الفوضي وانهار فيها الاستقرار بسبب الثورة.. ثم تبين دليلان آخر ان لا يقبلان الشك، أولهما ما أعلنه احد مديري الاستاد عن دخول عشرات من البلطجية حاملين السيوف والعصي والسنج إلي أحد مدرجات الاستاد منذ العاشرة صباحا »أي قبل المباراة بحوالي ثماني ساعات«، ثم جاء الدليل الآخر وهو ان الأبواب التي تفصل بين المدرجات وأرض الملعب كانت مفتوحة علي مصراعيها، بالرغم من انها تكون مغلقة بإحكام في جميع المباريات. لماذا حدث ذلك؟ سؤال آخر جوابه لا يخفي علي أحد.. تلك -يا حضرات- هي أركان الجريمة وقد اكتملت وكشفت بالتالي عن الوجه القبيح المخيف لمخططات أعداء الثورة الذين صار شغلهم الشاغل هو حرمان مصر من أعظم انجازاتها الشعبية، حتي لو كان ذلك علي حساب ضرب السياحة والبورصة والانتاج والاستثمار، .