وظائف هيئة المحطات النووية.. فرص عمل بالتعيين أو التعاقد    سعر الدولار أمام الجنيه في البنوك صباح اليوم السبت    أسعار اللحوم البلدي والكندوز اليوم السبت 23-8-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    سعر السبيكة الذهب (جميع الأوزان) وعيار 21 الآن ببداية تعاملات السبت 23 أغسطس 2025    أسعار طبق البيض اليوم السبت 23-8-2025 في قنا    الجمبري الچامبو ب880 جنيه.. قائمة أسعار الأسماك بسوق العبور اليوم السبت    23 شهيدًا جراء عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ فجر اليوم    إعلام إسرائيلي: 3 انفجارات ضخمة تهز وسط إسرائيل ومصابون نتيجة التدافع للملاجئ    موعد مباراة ريال مايوركا ضد سيلتا فيجو اليوم في الدوري الإسباني والقنوات الناقلة    حالة الطقس اليوم السبت 23-8-2025 في محافظة قنا    تجديد حبس 13 فتاة بتهمة ممارسة الأعمال المنافية للآداب في النزهة    إصابة 3 أشخاص في حادث سير بوسط سيناء    ريم بسيوني تتحدث عن عبد السلام بن مشيش في ندوة ببيت السناري    نوال الزغبي: "المرأة ركن المجتمع الأساسي بالحياة"    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 23-8-2025 في محافظة قنا    تنسيق الجامعات 2025| مواعيد فتح موقع التنسيق لطلاب الشهادات المعادلة    مهاجر التيك توك «الأفغاني» يقدم نصائح لقتل الزوجات وتجنب العقوبة    ثوانٍ فارقة أنقذت شابًا من دهس القطار.. وعامل مزلقان السادات يروي التفاصيل    هل يحق لمكتسبي الجنسية المصرية مباشرة الحقوق السياسية؟ القانون يجيب    60 دقيقة تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. السبت 23 أغسطس 2025    45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. السبت 23 أغسطس 2025    قطع المياه 6 ساعات ببعض مناطق الجيزة لتحويل خط رئيسي    سيف الإسلام القذافي يعلن دعمه لتشكيل حكومة جديدة في ليبيا    ضبط 50 محلًا بدون ترخيص وتنفيذ 40 حكمًا قضائيًا بحملة أمنية بالفيوم    لمحبي الآكلات الجديدة.. حضري «الفاصوليا البيضاء» على الطريقة التونسية (الخطوات والمكونات)    إنقاذ حياة مريض بعمل شق حنجري بمستشفى الجامعي بالمنوفية    جامعة أسوان تهنئ البروفيسور مجدي يعقوب لتكريمه من جمعية القلب الأمريكية    كأس السوبر السعودي.. هونج كونج ترغب في استضافة النسخة المقبلة    الأمم المتحدة تعلن المجاعة رسميًا.. ماذا يحدث في غزة؟    شريف حافظ: الحب هو المعنى في حد ذاته ولا يقبل التفسير... والنجاح مسؤولية يجب أن أكون مستعدًا لها    أهداف إنشاء صندوق دعم العمالة غير المنتظمة بقانون العمل الجديد    فيفي عبده تعلن وفاة الراقصة المعتزلة سهير مجدي    عميد تجارة القاهرة الأسبق: الجامعات الحكومية ما زالت الأفضل.. وهذه أسباب تفضيل البعض للخاصة    تنسيق دبلوم التجارة 2025.. قائمة الكليات والمعاهد المتاحة لطلاب 3 سنوات «رابط وموعد التسجيل»    «ميستحقوش يلعبوا في الزمالك».. إكرامي يفتح النار على ألفينا وشيكو بانزا    سهير جودة عن شيرين عبدالوهاب وحسام حبيب: «انفصال وعودة مزمنة.. متى تعود إلينا؟»    «الأستانلس أم التيفال»: هل نوع حلة الطبخ يغير طعم أكلك؟    ويجز يغنى الأيام من ألبومه الجديد.. والجمهور يغنى معه بحماس    بطريقة درامية، دوناروما يودع جماهير باريس سان جيرمان (فيديو وصور)    أطعمة تسبب الصداع النصفي لدى النساء ونصائح للسيطرة عليه    التعليم تطلق دورات تدريبية لمعلمي الابتدائي على المناهج المطورة عبر منصة (CPD)    رسميا.. جامعة الأزهر 2025 تفتتح أول كلية للبنات في مطروح وتعلن عن تخصصات جديدة    رسميا.. مدرسة صناعة الطائرات تعلن قوائم القبول للعام الدراسي الجديد 2025/ 2026    طارق فهمي: الإعلان الأممي عن تفشي المجاعة في غزة يعكس حجم الكارثة الإنسانية    بوتين: واثق أن خبرة ترامب ستسهم في استعادة العلاقات الثنائية بين بلدينا    حدث بالفن| أول تعليق من شيرين عبد الوهاب بعد أنباء عودتها ل حسام حبيب وفنان يرفض مصافحة معجبة ونجوم الفن في سهرة صيفية خاصة    3 أبراج على موعد مع التفاؤل اليوم: عالم جديد يفتح الباب أمامهم ويتلقون أخبارا مشجعة    إسرائيل تشن هجومًا على مخازن تابعة لحزب الله في لبنان    تشيلسي يقسو على وست هام بخماسية في الدوري الإنجليزي (فيديو)    رياضة ½ الليل| إيقاف تدريبات الزمالك.. كشف منشطات بالدوري.. تعديلات بالمباريات.. وتألق الفراعنة بالإمارات    مصدر ليلا كورة: كهربا وقع عقدا مع القادسية الكويتي    غزل المحلة يبدأ استعداداته لمواجهة الأهلي في الدوري.. صور    مراسل من دير البلح: المنطقة باتت مستباحة بالكامل تحت نيران الاحتلال    قدم لكلية الطب وسبقه القدر.. وفاة طالب أثناء تركيبه ميكروفون لمسجد في قنا    هل إفشاء السر بدون قصد خيانة أمانة وما حكمه؟ أمين الفتوى يجيب    هل يجوز شرعًا معاقبة تارك صلاة الجمعة بالسجن؟.. أحمد كريمة يجيب    خطيب الجامع الأزهر: أعداء الأمة يحاولون تزييف التاريخ ونشر اليأس    إمام مسجد بكفر الشيخ: لابد أن نقتدى بالرسول بلغة الحوار والتفكير المنضبط.. فيديو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بكل أدب
تكويعة أمام التليفزيون مهمة ليست سهلة!
نشر في الأخبار يوم 03 - 04 - 2011

يبدو التليفزيون وسلية سهلة للتواصل، لا يحتاج لقدرة علي القراءة، ولا لجلسة خاصة ولا يحتاج حتي لإضاءة النور عند المشاهدة.
كل ما عليك أن تستلقي أمامه وتترك رأسك أمانة في أيدي فلاسفة التليفزيون من المذيعين وضيوفهم، الذين يعرفون كل شيء ولديهم رأي جديد في قضية جديدة كل ليلة!
هذه البساطة الغدارة هي التي تسرق وعي المشاهد، ولن يخرج أحد منها سليمًا إلا إذا تسلح بالشك ووضع في اعتباره أن المتحدثين قد لا يعرفون الحقيقة أو قد لا يريدون قول الحقيقة أو قد لا يحسنون التعبير عن الحقيقة.
وهناك علماء اجتماع مرموقين اجتهدوا لكشف عمليات تضليل المشاهد، كما حدث مؤخرًا في التصويت علي تعديلات الدستور التي أصبحت تصويتًا مع الدين أو ضد الدين.
صناعة التزييف تبلغ الثمانين عامًا، حيث ابتدع أحد مفكري أمريكا في ثلاثينيات القرن الماضي مبدأ "هندسة الموافقة" وهو باختصار: "أن تترك الناس تختار بحرية، بعد أن تتأكد من أنهم لن يختاروا إلا من حدده لهم الإعلام".
في البدء كان الصحافة والراديو، ومنذ أصبح التليفزيون وسيلة جماهيرية في ستينيات القرن العشرين قام بدور حامل الراية أمام كتائب تلوين الحقائق. ومشكلة المواطن في المجتمع الرأسمالي كما يقول نعوم تشومسكي أنه لا يجد الوقت كي يسأل جاره إن كان ما يقوله التليفزيون صحيحًا أم لا!
وهناك عديد من الكتب المهمة في كشف الملعوب، من بينها "المتلاعبون بالعقول" للأمريكي هربرت أ.شيللر وقد صدر عام 1974 ويترجم إلي العربية عام 1999 في سلسلة عالم المعرفة الكويتية بترجمة الراحل عبدالسلام رضوان، وهناك أيضًا "التليفزيون وآليات التلاعب بالعقول" الذي أصدره الفرنسي بيير بورديو عام 1996 وهو متاح بالعربية كذلك في ترجمة درويش الحلوجي عن دار ميريت، وكلاهما يشرح كيف يقوم مروضو العقول بإغراق المواطن بآراء يتبناها باعتبارها وعيًا جاهزًا ويتخذ قراراته بناء عليها.
وقد لا تقوم السيطرة بناء علي مخطط، بل تتم تلقائيًا لأسباب اقتصادية وسياسية غير مطروحة للنقاش، منها مثلاً نمط الملكية. في أمريكا تتحكم بالسوق شبكات عملاقة مصالحها متشابهة، ولذلك فالعدد الكبير من البرامج يوحي بالاختلاف لكن مضمون الرسالة واحد.
في مصر لدينا تليفزيون الحكومة وقنوات رجال الأعمال. وقد قامت الثورة ضد الزواج الباطل بين السلطة ورأس المال. وكل ما تمكنت منه الثورة حتي الآن أنها فرقت بينهما في المضاجع، لكن عقد النكاح لم يزل قائمًا. وكل كعبلة للثورة في صالح السياسيين ورجال الأعمال، لأن من لا يملك أعطي من لا يستحق الأرض والمصانع والامتيازات. وكلاهما (من أعطي ومن أخذ) ينتظرهما السجن.
هذه الشراكة لابد أن تكون في بال المشاهد عندما يستريح أمام التليفزيون. وعندما يضعها في حسابه سيفهم كيف عرضت قناة خاصة وليس تليفزيون الحكومة الثائرة المزيفة التي قالت إنها تلقت تمويلاً وتدريبًا أمريكيًا علي استخدام السلاح.
وتتشابه وسائل التزييف في كل تليفزيونات الدنيا، وأولها المغالطة في الأجندة بترحيل الأهم للخلف؛ فقد تشاهد مثلاً حلقة ممتازة عن كشف شبكة جاسوسية، لكن جهة التحقيق تسربها في هذا الوقت بالذات لخطف الأنظار بعيدًا عن تمرير تجديد الطواريء في ذات الليلة. والمذيع قد لا يكون متواطئًا لكن السباق علي الجديد هو العلف الشهي للكاميرا.
يعدد هربرت. أ. شيللر طرق للتلاعب، ومن بينها التجزيئية، بحيث تأتي الحلقات مثل طلقات مدافع مصوبة إلي كل اتجاه بلا رابط. ملف الشرطة في اتجاه، المرتبات في اتجاه، الدستور، الانتخابات الخ، مع أن عودة الشرطة مرتبطة بتحسين المرتبات وضمان نزاهة الممارسة الشرطية مرتبط بالدستور والقانون والانتخابات مرتبطة بالدستور وعودة الشرطة وتحسين المرتبات حتي لا يبيع الناخب صوته بسندويتش.
التجزيئية خطرة لأنها تمنع الحلول الجذرية، ومع ذلك تبدو علي العكس تمامًا، فهي توحي بالتنوع وتحقق الحرية الوهمية للمشاهد، وهذا يزيد من رضا المشاهد عن نفسه، ويوهمه بالاستقلال لأنه يختار، وبالنشاط لأنه بذل الجهد في تصويب الريموت لينتقل من قناة لأخري، لكن الحقيقة أنه نائم علي كنبته وأن ما يقال هنا هو نفسه هناك، وأن الهدف النهائي قد تحقق وهو إغراقه في السلبية من خلال تهميد جسده وعقله وتشتيته بين عشرات القضايا إلي حد اليأس: يا خرابي! من سيحل كل هذه المعضلات؟!
بورديو من جانبه ينبه إلي خطورة اللهاث لكسب الإقبال الجماهيري، مما يجعل القنوات لا تتردد في استضافة المحرضين علي العنف والأفكار العنصرية (حلقة عبود الزمر نموذجًا).
أما سمة ثبات الضيوف؛ فهي واحدة، من نراهم في تليفزيونات أية دولة لا يتعدون العشرين شخصًا، يتنقلون بين القنوات، ومن كثرة التلاقي يصبحون أصدقاء وشركاء في مسرحية تم تقسيم أدوارها والتضامن فيما بينهم ليستمر العرض ليلة بعد أخري.
وباختصار، هناك الكثير من الأسباب التي تجعل من واجبنا الشك فيما يقال، وإلا سيحشو التليفزيون أدمغتنا بمعلومات تجعلنا نتوهم أننا أصبحنا نعرف أكثر، بينما نكون في الحقيقة قد خرجنا من المشاهدة بوعي أقل مما كان لدينا قبلها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.