في البدء قد يكون السؤال: لماذا اسقطت في عنوان المقال حرف »الدال« فلم أقل: »حكومة الدكتور عصام«؟! والواقع أنني أردت أن أضع خطاً من البداية تحت الصفة الشعبية المباشرة لرئيس الحكومة، فقد شارك في »ثورة 52 يناير« بصفة المواطن العادي البسيط وليس بصفة » الاستاذ الدكتور الوزير السابق«. وهكذا رأينا وقد ذاب وسط الملايين الذين احتشدوا في ميدان التحرير رافعين لواء الثورة مطالبين بإسقاط النظام، وقد اضاف موقفه الثوري الي رصيده المحترم من العلم والبذل والعطاء واستقلالية الرأي والقرار حتي لو أدي ذلك إلي استقالته المعروفة من حكومة نظيف في ديسمبر 5002، ولذلك كان اختياره رئيسا لحكومة الثورة استجابة مباشرة من المجلس الاعلي للقوات المسلحة لمطالب ورغبات الشعب بمختلف فئاته وأطيافه، وبذلك يكون قد جاء نزولاً علي رغبة الجماهير، حتي أنني استطيع أن اقول بلا تردد إنه » أول رئيس وزراء يأتي بالانتخاب المباشر«، وقد تأكدت هذه الحقيقة النادرة في تاريخنا عند وصوله إلي ميدان التحرير عقب تكليفه بالمسئولية الكبيرة، حيث استقبله مئات الآلاف بفرحة وسعادة غامرة حتي أنهم طلبوا منه أن يؤدي القسم امامهم، وجاء البديل علي لسانه عندما خطب فيهم مؤكداً أنه يستمد شرعيته منهم، أي من الشارع الذي يعتبر مصدر السلطات، كذلك تجلّت صورة »الانتخاب المباشر« له عبر تعليقات الملايين من شباب »الفيس بوك«، ثم تجلّت مرة أخري في ترحيب رجال الفكر والسياسة من كافة التيارات السياسية والفكرية بتوليه المسئولية، وكم كان الدكتور عصام ذكياً عندما قال إنه بذهابه إلي ميدان التحرير لم يكن يميز فئة عن أخري، إذ أن ميدان التحرير »رمز للثورة« التي احتضنها الشعب كله، وكأنما أراد أن يؤكد ما ذكرته من أن التاريخ يسجل له أنه »أول رئيس وزراء بالانتخاب المباشر« في مصر ودول عديدة، كما يسجل له مكانته العلمية، وثقافته العريضة، وحسّه السياسي، ولعلني اشهد له شخصياً بهذه الصفات حيث اشتركت معه ونخبة ممتازة من المفكرين في إنشاء »مؤسسة زايد للإبداع العلمي والثقافي«، وكانت آراؤه تمثل إضافة محترمة للموضوعات التي كنا نبحثها، علماً بأن مشاركته في إنشاء هذه المؤسسة العلمية الثقافية لا تنفصل عن دوره في إنشاء جمعية »عصر العلم«.. وقد سألتني إحدي المذيعات في قناة فضائية عربية عن مدي ثقتي في قدرة الدكتور عصام شرف في التعامل مع التحديات الشرسة التي لا مناص من مواجهتها مثل حالة »الخلل الأمني«، »وخطورة الوضع الاقتصادي«، و »تصاعد المطالب الفئوية«، و »المحاولات المريبة لإشعال الفتنة الطائفية« إلي جانب حتمية اجتثاث جذورالفساد، وملاحقة بقايا النظام المنهار من المتآمرين، واسترداد الأموال المنهوبة، وأذكر أنني قلت لها علي الفور: إنني متفائل تماماً لما أعرفه عن الرجل، ولما يعرفه الجميع عن الدعم الجماهيري الواسع له فالذين انتخبوه رئيساً للحكومة، لن يترددوا في قبول أية قرارات صارمة وحاسمة لمواجهة تلك التحديات.