اقتصاد بير السلم في مصر يهدر المليارات علي الخزينة العامة ويدمرالاقتصاد الرسمي للدولة، فأرباحه كاملة تدخل جيوب المنتفعين دون أن يعطوا للوطن حقه من ضرائب ورسوم تعود بالنفع علي المجتمع، ليبنوا بالفساد سداً علي أهم روافد دعم الاقتصاد المصري والانفاق علي المشروعات القومية والتنموية.. حيث كشف تقرير صادر من معهد التخطيط ان حجم التعاملات الاقتصادية غير الرسمية بين 1.2 و1.5 تريليون جنيه.. فالسوق السوداء ليست مرتبطة فقط بتجارة الدولار أو العملة، لكنها جميع عمليات التجارة التي تتم خارج الاقتصاد الرسمي.. فهي إهدار موارد الوطن تحت اسم »الفهلوة»في مقابلها تراخي قبضة أجهزة الدولة لمكافحتها وإهمال الرؤية لدراسة تقنين المشروعات المفيدة وتسهيل عملها في نور القانون بدلا من العمل في ظلام الفساد. أسواق كاملة خارج الاقتصاد الرسمي العتبة والموسكي الأقدم.. وسعد زغلول تجارة عشوائية أمام وزارة المالية التجارة السوداء التي تتم خارج الاقتصاد الرسمي للدولة لم تعد حالات فردية لبائع متجول او سيدة تجلس بحزمة جرجير، ولكنها تحولت إلي أسواق كاملة تعمل في الخفاء عن أعين القانون، وتجارة بمليارات الجنيهات حولت السوق السوادء إلي اقتصاد هائل يضر بالاقتصاد الرسمي للدولة.. الفهلوة والفساد كلمتا السر للعبور من بوابة الاقتصاد الأسود، فكل تاجر يهرب من واجباته تجاه الدولة من حيث استخراج التراخيص ودفع الضرائب تحت اسم »الفهلوة»، هناك موظف حكومي تستر وأهمل وشارك في الجريمة تحت مظلة »الفساد».. »الأخبار» قامت بجولة في شوارع وأسواق القاهرة لتكشف بالكلمة والصورة العالم السري للاقتصاد الأسود الذي تحول إلي أسواق كاملة وتجارة رابحة.لأصحابها ومليارات هاربة من خزينة الدولة. تجارة عشوائية تحولت معظم الأسواق إلي تجارة عشوائية احتلها البائعون الجائلون وأصبحت خارج رقابة الدولة، وتحولت الشوارع إلي أسواق كاملة للاقتصاد الأسود الهارب من خزينة الدولة خاصة بالمناطق الشعبية مثل العتبة والموسكي وهما من اقدم الأسواق بالإضافة إلي أسواق المطرية وحدائق القبة وسوق الاثنين بالسيدة زينب وغيرها من الأسواق إلا أن أشهرهم هو سوق محطة مترو سعد زغلول الذي يعمل في غياب الرقابة فالشارع تحول إلي فاترينات للباعة الجائلين لجميع السلع سواء الخضار والفاكهة أو الاسماك واللحوم والدواجن، الملابس والاحذية، منتجات المطبخ والبلاستيكات وغيرها من المنتجات التي أغلقت الشارع أمام حركة السيارات، الكوميديا التي هي سبب شهرته ان سوق مترو سعد زغلول الذي يهرب معظم البائعين فيه من دفع الضرائب يقع أمام مبني الخزانة العامة للدولة !. خلال الجولة بالسوق تجد عددا من البسطاء والغلابة يبيعون أشياء بسيطة مثل الجرجير والبيض الفلاحي والفطير وغيرها من المنتجات البسيطة، إلا ان الهيمنة والسيطرة علي السوق تقع في قبضة التجار الكبار الذين افترشوا الارصفة والشارع بل ووضعوا عربات ومظلات ثابتة في الأرض لبيع منتجاتهم، مثل البسكويتات والحلويات المستوردة بجميع أنواعها والملابس والاحذية ومستلزمات المطابخ من أطقم حلل وأطباق وأكواب والمنتجات البلاستيكية، بالإضافة إلي سوق الطعام من خضار وفاكهة وأسماك ولحوم ودواجن.. معظم البائعين في السوق لا يمتلكون محال تجارية اويدفعون الضرائب ولكنهم من أصحاب التجارة العشوائية، اللافت في الامر ان السوق يقع بالقرب من العديد من الوزارات مثل الداخلية ،الصحة، المالية ،الانتاج الحربي، التربية والتعليم بالإضافة إلي مجلس الوزراء إلا ان العشوائية تضرب المنطقة ولا تقوم أي جهة بدورها في تطبيق القانون والرقابة علي السوق من الناحية الأمنية او الصحية. ويقول محمد ربيع أحد الباعة الجائلين انهم يبحثون عن لقمة العيش الحلال من خلال العمل والتجارة إلا ان الدولة لا تقف بجوارهم وتشجعهم علي التجارة وتدعمهم لذلك يلجأون إلي التجارة في الشوارع فبدلاً من استخراج التراخيص الصعبة والتي يدفع فيها الرشاوي وتأجير محل وغيرها من التكاليف غير المتوفرة للغلابة، نجلس في الشارع ونعطي » اللي فيه النصيب » لبتاع الحي او الحملة اللي جاية تشلنا» حتي نستطيع العمل فمهما كان المبلغ الذي ندفعه للبقاء للشارع لا يمكنه مقارنته بالتكاليف الباهظة لاستخراج التراخيص والتي يدفع فيها ايضاً » من تحت الترابيزة». وطالب محمد الدولة بدعمهم وتوفير اماكن جيدة لهم وهو مستعدون للعمل فيها ولكن الدولة دائما تقترح اماكن بعيدة جدا عن الحيوية، كما طالب بدعم الشباب في مشروعاتهم سواء بتسهيل عملية استخراج التراخيص اللازمة او بمدهم بأفكار مشروعات ودعمهم مادياً. ويضيف ابراهيم الذي اكتفي بذكر اسمه الاول فقط، انه حاصل علي مؤهل فوق متوسط ومحاول أكثر من مرة ان يحصل علي مشروع من الصندوق الاجتماعي إلا ان هناك قيودا كثيرة لم تمكنه من تنفيذ مشروعه واضطر إلي العمل في الشارع لبيع الملابس حتي يحصل علي دخل لأسرته. وعن فكرة ان يقوم بدفع الضرائب قال »لو الدولة هتحترمني وهتحميني وتدعمني ضد الفساد اللي في المحليات والفلوس اللي بدفعها رشاوي يبقي البلد أحق بالفلوس دي من الفاسدين ». فول وكبدة وسط شوارع المحروسة وعلي ناصية معظم شوارعها حتي في ارقي الأماكن أصبحت عربات الفول مكوناً رئيسياً ثابتاً، لا يمكن للمواطن ان يذهب لعمله إلا قبل ان يمر علي عربة الفول للحصول علي افطاره سواء بالوقوف علي العربية والاستمتاع بوجبة متكاملة من فول وسلطة وبصل ومخلل وبطاطس او يكتفي بسندوتشات الفول اذا كان متأخراً عن عمله. عربات الفول أصبحت رمز الافطار عند المصريين وتحولت من عربات متجولة إلي عربات ثابتة تظل واقفة في شوارع بعينها وأصبحت أيقونة في تلك الشوارع ومنهم من ظل سنوات طويلة في نفس الشوارع، ورغم وجودها المستمر الا انه لا توجد رقابة صحية او مالية علي تلك العربات، ورغم تواجدها في الثقافة المصرية لسنوات طويلة لم تفكر حكومة واحدة في ترخيص عربات الفول وتحدد أماكن عملها والذي سيخدم البلد من عدة جوانب أولها سيتم الرقابة الصحية علي الاطعمة التي تقدم للشعب، ثانيا سيتم حصول الدولة علي رسوم وضرائب علي ممارسة العمل مما سيحول العربات علي مشروع قانوني يحصل صاحبه علي ارباح في ضوء القانون بدلاً من لجوئه إلي دفع مبالغ مالية لموظفي الأحياء حتي يتغاضوا عن مخالفته ولا يتم إزالته. عربات الفول ليست الوحيدة التي تنتشر في شوارع القاهرة ولكن هناك عربات الكبدة والسجق والتي تعد من أخطر العربات علي صحة المصريين. عربيات 5 نجوم ظهرت في الفترة الماضية الكثير من عربات الطعام غير التقليدية التي صممها ويعمل عليها شباب بفكر جديد حيث تنافسوا في تقديم الأكل غير التقليدي والذي لم يكن يقدم سابقاً علي عربات متجولة مثل الوفيل والبطاطا بالشيكولاته، كاب كيك، الذرة والمارشميلو وغيرها من الاطعمة الجديدة والمبتكرة، إلا ان الفكرة لاقت إقبالا كبيرا فالعربات تقدم خدمة 5 نجوم تراعي معايير الصحة والنظافة، إلا ان المشكلة الرئيسية ايضاً انها خارج رقابة الدولة وغير مرخصة وقد يضطر اصحابها لدفع أموال »من تحت الترابيزة» لموظفي الاحياء وغيرها من الجهات المعنية التي قد توقف عملهم وتزيل تلك العربات، المشروعات الجديدة قدمت نموذجاً أوروبياً لتقديم الطعام بشكل جيد وبجودة ونظافة عالية إلا ان الدولة لم تفكر في اصدار قانون يسمح بترخيص تلك العربات لممارسة مهنتها مما يفيد الشباب اصحاب المشاريع ويفيد الدولة يصبح هناك عائد مادي للخزينة العامة ويقلل البطالة في مصر.