لا أظن أن عزومة عكاشة للسفير الإسرائيلي هي وحدها السبب في إثارة قضية «التطبيع» بعد أن ماتت وشبعت موتا! ولا أعتقد أن المحشي والمشويات و«اللازانيا» التي قدمها العضو المطرود من مجلس النواب لسفير الكيان الصهيوني لكي «يطفحها» في العشاء الملعون، هي التي فتحت الباب مرة أخري لكي نترك قضايانا الحيوية، ونتفرغ للحديث عن «التطبيع» مع الكيان الصهيوني! القضية أكبر من «العكش» ومن «اللازانيا».. القضية تثار في وقت يتم فيه إعداد المنطقة كلها لسيناريو جديد تم إعداده من سنوات لكي تشطب فيه نهائيا كلمة «العروبة» ولكي تكون مصر «مثل غيرها من الدول العربية» أجزاء في منطقة يطلقون عليها اسم «الشرق الأوسط الكبير» لكي تتسع لكل القوي غير العربية.. من إسرائيل إلي تركيا وإيران. مع ما يقتضيه الأمر من إعادة تقسيم الدول العربية لكي تتوافق الخريطة الجديدة مع المخطط الذي جري إشهاره علنا منذ سنوات ويجري تنفيذه علي قدم وساق! القضية ليست في تفاهة «العكش» و«اللازانيا» والمحاولات الخائبة للترويج لتطبيع يرفضه الشعب. وإنما في المخطط الكبير الذي يجري حولنا ويستهدف مصر والوطن العربي بكامله. فلم تكن عودة فريق «كوبنهاجن» لاستئناف دعوتهم للتطبيع في هذا الوقت بالذات مصادفة! ولم يكن فتح وسائل إعلامية مملوكة لرجال أعمال نافذين صحفاتها أمام دعاة التطبيع الآن مجرد فكرة طارئة! ولم يكن اقتران الدعوة لتطبيع العلاقات مع إسرائيل بالدعوة للمصالحة مع «الإخوان» الذين كادوا في سنة حكمهم المشئومة أن يبيعوا دماء شهدائنا ويتخلوا عن سيناء العزيزة للمشروع الإسرائيلي والأمريكي الذي كان ومازال يدعمهم ويجند عملاءه لإنقاذ ما يمكن إنقاذه منهم بعد أن أنهي الشعب جماعتهم الخائنة إلي الأبد! باختصار شديد.. نحن نقاتل إرهاب الإخوان والدواعش، مدركين أنه لا يختلف عن إرهاب العدو الإسرائيلي، وأن الاثنين جزء من مشروع واحد لتركيع العرب وإلغاء العروبة وتدمير قيادتها التاريخية في مصر. ونحن نقف ضد تدمير الدول العربية من حولنا لأن ذلك كله جزء من مؤامرة يتصور أصحابها أن مصر هي «الجائزة الكبري» التي كادوا يحصلون عليها حين حكمها الإخوان بكل عمالتهم وخيانتهم للوطن والدين. ونحن نقف مع إنقاذ سوريا والحل السلمي في اليمن وليبيا لأن الرابح الوحيد هو إسرائيل، وسنبذل المستحيل لمنع كارثة إشعال الفتنة بين السنة والشيعة العرب، ونأمل أن يكون ذلك في أولويات الأمن العام الجديد للجامعة العربية، مهما كانت الضغوط من أي طرف! ونحن حين نتابع جهود فرقة التطبيع الآن.. ندرك أنهم عامدين أو غافلين يعملون في خدمة هذا المخطط المعادي لكل المعاني الوطنية والقومية التي قاتل شعبنا من أجلها. ولهذا يقاوم شعب مصر التطبيع كما يقاوم الإرهاب، وكما يقاوم أيضا فسادا مازال ينخر في جسد الوطن، ويتصور أن مستقبله في التطبيع مع الصهاينة والتصالح مع الإرهاب.. وهذا هو مكمن الخطر الذي ينبغي مواجهته بكل حسم!