وسط غابات الأسمنت التي تتزاحم في شوارع الإسكندرية يثور حاليا جدل واسع، فقد أعلنت المحافظة ان هناك تنسيقا مع القوات المسلحة لإزالة العقارات المخالفة تباعا. كما شدد المحافظ علي انه سيتم تحويل المخالفين للنيابة العامة، هناك من أيد الإجراءات المرتقبة، باعتبارها مواجهة مطلوبة لمافيا المخالفات، وهناك من شكك في قدرة الأجهزة التنفيذية علي نقل هذه التصريحات إلي أرض الواقع، خاصة مع وجود 26 ألف عقار مخالف. ووسط الجانبين يري سكان الطوابق المخالفة ان تنفيذ ذلك يعتبر بمثابة عقاب للضحايا، لكنه لا يمتد إلي مرتكبي المخالفات، واتهموا أجهزة المحافظة بالمشاركة في المسئولية عنها، بعد ان تركت البنايات ترتفع دون رادع. وأكدوا ان المخالف لن ينال جزاءه، خاصة في وجود الكاحول.. ذلك الشريك الخفي الذي يعتبر العامل المشترك في غالبية المخالفات. وتوضح هناء عارف طالبة الإعلام بجامعة «فاروس» ان «الكاحول» هو شخص مجهول يستخدمه المقاول الأصلي لارتكاب جريمته، حيث يقوم ببيع سطح آخر طابق مرخص به لأسماء مجهولة ثم يبني طوابق مخالفة قد تصل إلي 10 أو 15 طابقا، باستخدام هذه الأسماء وهكذا يتهرب المقاول من أي مساءلة قانونية، ليقع «الكاحول» في الفخ مقابل مبالغ مالية زهيدة. لهذا تري أن العقاب لن يصل إلي «مستحقيه»! ويشير المهندس أحمد السدودي «مقاول» أن المحافظ اعترف بالعدد الهائل للعقارات المخالفة، لهذا فان حملات إزالتها سوف تستغرق سنوات عديدة، وتساءل: لو افترضنا خروج حملة كل يوم لإزالة عقار أو عقارين، فمتي يمكن الانتهاء من إزالة مخالفات 26 ألف عقار؟ هذا مع افتراض عدم ارتكاب مخالفات جديدة، وهو أمر مستبعد لأن المقاول المخالف قد يعيد بناء ما تم هدمه جزئيا وتسكينه. ويؤكد خميس محمد «مدير مبيعات» انه يقطن في عقار مخالف بمنطقة كليوباترا، ويستنكر تحذيرات المحافظة لأنها جاءت بعد فوات الأوان، فالمخالفات العقارية فاقت بكثافتها قدرة المرافق وتسببت في انقطاع المياه والكهرباء عن المباني المرخصة وطفح الصرف الصحي بالشوارع وزيادة كميات القمامة وتنامي أزمة المرور بالمدينة، ويعلن علي صدور تعليمات بحظر توصيل أي مرافق للعقارات المخالفة متسائلا: أين كانت هذه القرارات الصارمة منذ سنوات وسنوات؟ لقد قامت مافيا المقاولات المدعومة بفساد المحليات بتشويه معالم الثغر.. وهدم التراث المعماري والعقاري وبناء أبراج وناطحات سحاب في كل أزقة وحواري الإسكندرية القديمة والتاريخية بالإضافة إلي الأحياء العشوائية.. توقع أن تكون تلك التحذيرات شكلية غير قابلة للتنفيذ علي أرض الواقع لوجود حيل وألاعيب عديدة يتم تمريرها عن طريق الأبواب الخلفية لتوصيل المرافق للعقارات المخالفة.. فقد يحصل المقاول علي ترخيص ببناء 4 أدوار مثلا ويحصل علي التراخيص القانونية ويتم توصيل المرافق لتلك الأدوار ثم يقوم ببناء 20 طابقا مخالفا، ثم يستخدم عدادات مجمعة يقوم بتقسيم فواتيرها علي سكان الأدوار المخالفة. الإسكندرية - أشرف شرف