تمتد ثورة 52 يناير 1102 بحماس وارادة واصرار وعزيمة بشكل غير مسبوق في تاريخ مصر ثورة اختزل فيها الشباب تراكمات أكثر من نصف قرن وكأن الاجيال علي مساحة هذا الزمن لم تتمكن من إحداث تحولات ايجابية حتي تكللت الشجاعة وتلاشت الجسارة وتردت العزيمة وتوارت المبادرات، واكتفت الحكومات والاحزاب بالتعايش وفرض سطوة السلطة حتي انهارت العدالة في كل شيء وانتشر وتفشي الفساد لدرجة تجمد السلطة والنظام وكل منهما وجه لعملة واحدة، وهي تتفتت الان أمام الشعب، وتتكشف يوما بعد يوم وبدأ ظهور أعمدة الفساد التي طالت الكثيرين وما خفي كان أعظم.. والثورة الطاهرة التي يقودها شباب مصر هي التي أدت وفرضت بقوة الارادة كل ملامح التغيير الذي بدأ الان ومن هنا اضم صوتي لثورة الشباب وتحقيق جميع المطالب من أجل مصر ومستقبل ابنائها الذين تحملوا وتألموا وافتقروا بفعل الحكومات السابقة وغياب الرؤية وتهميش حلم الشباب وقد تناسوا ان الشباب هم صانعو التقدم وهم الثوار ومستقبل مصر وهم الذين حققوا انتصار أكتوبر 3791، ذهبت الي ميدان التحرير ظهر الثلاثاء الماضي مترجلا من الزمالك وخلال هذه المسافة وأنا أتأمل وجوه الناس ذاهبين أو قادمين واقتربت من مبني التليفزيون وشاهدت عشرات المدرعات والعربات المدرعة مرصوصين جنبا الي جنب مع ترك حوالي 08 سم متر علي الكورنيش للمشاه.. لماذا كل هذا؟ سألت نفسي دفاعا أو حماية لمبني الاذاعة والتليفزيون من منْ؟ من العدو القادم ومن هو العدو القادم؟ تواترت الافكار مع استمراري في السير وطفََتْ علي ذاكرتي زمن حرب الاستنزاف والتي تُوِّجت بالعبور وانتصار الجيش في 3791 وتذكرت مشاهد الخطط التدميرية للمدرعات والصواريخ المصرية لخط بارليف.. والذاكرة اعادت لي هذا المشهد الذي اعيد بناؤه ذهنيا بأن هذه الدبابات والمدرعات في وضع مواجه للعدو الصهيوني وليس لابطال الثورة الخالصة النابضة التي جاءت لتطهير مصر وبناء مستقبل حضاري جديد لها ينعم ابناؤها بخيراتها، وليس نهبها، وتذكرت عندما أُخْترْت للالتحاق بسلاح القناصة وكم من التدريب الشاق لاحتواء هذا السلاح حتي اتمكن أنا وزملائي من اقتناص افراد العدو الصهيوني القابع علي الشاطيء الشرقي لقناة السويس والذي احتل سيناء، وعندما شاهدت وتابعت علي الهواء قتل الشباب واقتناصهم في رؤوسهم بسلاح وقناصة وزارة الداخلية شعرت بانقباض وارتباك وثورة بداخلي كيف يدرب مواطن مصري علي سلاح شديد الحساسية والدقة في الاصابة من أجل قنص مواطن مصري قد يكون اخاه أو أحد اقربائه أو صديقا أو مواطنا مصريا اصيلا؟! كارثة بكل المقاييس، ونحن جميعا امام الشاشات الفضية لمشاهدة هذه المشاهد الكارثة كأننا نشاهد أحد الافلام.. اخرجت وزارة الداخلية نفسها من اطار الوطنية وتحولت خلال مواجهتها للثورة الي عدو مع سبق الاصرار والترصد، وقد وضع قياداتها موضع الخيانة العظمي.. ويجب المحاكمة وعقاب المسئولين عن قتل اكثر من ثلاثمائة شاب واكثر من ثلاث آلاف شاب جريح.. ولم تكتف وزارة الداخلية بالقنص واستخدام سيارات الشرطة المصفحة في دهس الشباب وهذه مشاهد علي الشاشة الفضية ودالة علي الجريمة، لابد من توجيه اقصي عقوبة علي المسئولين.. ومن قتل شابا يُعْدَمْ ومن جرح شابا يُسْجنْ، ظلت الشرطة عقودا في خدمة السلطة وهمشت الشعب وتعالت عليه وتعجرفت عليه، وتم الصرف عليها مليارات من الجنيهات لم تصرف علي الجيش اثناء الحرب، عشت اربع ساعات بين شباب الثورة بميدان التحرير وحناجرهم تنتفض بأجمل الاغاني الوطنية القديمة الرائعة التي تحرك المشاعر الوطنية، شعرت من شدة الزحام كأنني اطوف الحرم المكي.. لطهارة ونبل الشباب.. تحقيق المطالب ليس للشباب ولكن لمصر، وشهداء الثورة استشهدوا ليعيش شعب مصر بكرامة وعزة، ضرورة ابداع نصب تذكاري بميدان التحرير يعبر عن هذه الثورة التي أصبحت علامة فارقة في تاريخ مصر.