الثلاثاء.. انطلاق المؤتمر العام السادس لنقابة الصحفيين    النائب أحمد صبور: تنمية قطاع ريادة الأعمال يساهم في تسريع نمو الاقتصاد    النائب أحمد فرغلي: الحكومة تتخلى عن مسئوليتها في إدارة المستشفيات.. ووزير المجالس النيابية: نقدم كل خير للشعب    وزارة الإسكان تخطط لإنشاء شركة بالشراكة مع القطاع الخاص لتنشيط الإيجارات    محافظ المنيا: توريد 244 ألف طن قمح إلى الصوامع منذ بداية موسم الحصاد    تفاصيل تنفيذ مشروع القطار الكهربائي الخفيف «الرحاب – العاصمة الإدارية»    حريصون على توفير تمويلات ميسرة من شركاء التنمية الدوليين للقطاع الخاص فى مصر    السيسي يهنئ نظيره التشادي هاتفيا بالفوز في انتخابات الرئاسة    الدفاعات الجوية الأوكرانية تسقط 37 طائرة مسيرة روسية    علم مصر فقط.. 4 إرشادات لجماهير الزمالك بنهائي الكونفدرالية    «تعليم المنوفية»: تصحيح العينة العشوائية للغة العربية يؤكد مراعاة مستوى الطلاب    «الأرصاد»: أجواء مائلة للحرارة ليلا.. والعظمى في الصعيد تسجل 45 درجة    «الداخلية»: تسهيلات للحالات الإنسانية في أقسام الجوازات على مستوى الجمهورية    تأييد براءة مصطفى كامل من سب وقذف سكرتير نقابة الموسيقيين السابق    فيلم عالماشي يحقق 40 ألف جنيه إيرادات في يوم واحد    النائبة أميرة العادلي: قانون تشغيل المنشآت الصحية يحقق معادلة صعبة    «الرعاية الصحية»: طفرة غير مسبوقة في منظومة التأمين الطبي الشامل    مصدر من نادي إينتراخت فرانكفورت يكشف ل في الجول مصير عملية مرموش الجراحية    طلاب الشهادة الإعدادية في البحيرة يؤدون امتحان العلوم    المجلس الأعلى للحوار الإجتماعي يستكمل جلساته برئاسة وزير العمل    أكبر مدن أمريكا تفتقد إلى الأمان .. 264 ألف قضية و4 آلاف اعتداء جسدى ضد النساء    بولتيكو: ترامب طرح فكرة الفترة الرئاسية الثالثة لو فاز فى نوفمبر    متى تبدأ العشر الأوائل من ذي الحجة 1445 وما الأعمال المستحبة بها؟    وصول 96 ألف طن قمح على متن سفينتين لصالح هيئة السلع التموينية والقطاع الخاص    «دراما الشحاذين» يستهل فعاليات المهرجان الختامي لنوادي المسرح ال31    خفة ظله «سر» شهرته.. ذكرى وفاة الفنان حسن مصطفى    أوزيك يحسم نزال القرن أمام تايسون فيوري.. ويدخل التاريخ    وسام أبوعلي: سنقاتل للفوز بدوري أبطال أفريقيا    نصائح مهمة من «الصحة» بسبب الطقس الحار.. تجنبوا الخروج واغلقوا النوافذ    وزيرة التضامن تلتقي بنظيرها البحريني لبحث موضوعات ريادة الأعمال الاجتماعية    رئيس النواب: القطاع الخاص لن يؤثر على تقديم الخدمة للمواطن أو سعرها    ولي العهد السعودى يبحث مع مستشار الأمن القومى الأمريكى الأوضاع فى غزة    وزيرة التضامن الاجتماعي تشهد إطلاق الدورة الثانية لملتقى تمكين المرأة بالفن    عماد الدين حسين: تعطيل دخول المساعدات الإنسانية لغزة فضح الرواية الإسرائيلية    توقعات الأبراج 2024.. «الثور والجوزاء والسرطان» فرص لتكوين العلاقات العاطفية الناجحة    المصرين الأحرار عن غزة: الأطراف المتصارعة جميعها خاسرة ولن يخرج منها فائز في هذه الحرب    مدينة مصر توقع عقد رعاية أبطال فريق الماسترز لكرة اليد    ضبط 100 مخالفة متنوعة خلال حملات رقابية على المخابز والأسواق فى المنيا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 19-5-2024    صور| باسم سمرة ينشر كواليس فيلمه الجديد «اللعب مع العيال»    طريقة عمل الكمونية المصرية.. وصفة مناسبة للعزومات    جبالى يحيل 10 مشروعات قانون للجان النوعية بالبرلمان    افتتاح دورة تدريبية عن تطبيقات تقنيات تشتت النيوترونات    ضبط 34 قضية فى حملة أمنية تستهدف حائزي المخدرات بالقناطر الخيرية    بيت الأمة.. متحف يوثق كفاح وتضحيات المصريين من أجل استقلال وتحرير بلادهم    الأمور تشتعل.. التفاصيل الكاملة للخلافات داخل مجلس الحرب الإسرائيلي    رفع اسم محمد أبو تريكة من قوائم الإرهاب    منها «تناول الفلفل الحار والبطيخ».. نصائح لمواجهة ارتفاع درجات الحرارة    «البحوث الإسلامية» يوضح أعمال المتمتع بالعمرة إلى الحج.. «لبيك اللهم لبيك»    أسعار الدولار اليوم الأحد 19 مايو 2024    إقبال الأطفال على النشاط الصيفي بمساجد الإسكندرية لحفظ القرآن (صور)    حقيقة فيديو حركات إستعراضية بموكب زفاف بطريق إسماعيلية الصحراوى    إصابات مباشرة.. حزب الله ينشر تفاصيل عملياته ضد القوات الإسرائيلية عند الحدود اللبنانية    الحكم الشرعي لتوريث شقق الإيجار القديم.. دار الإفتاء حسمت الأمر    تعليق غريب من مدرب الأهلي السابق بعد التعادل مع الترجي التونسي    مدرب نهضة بركان: نستطيع التسجيل في القاهرة مثلما فعل الزمالك بالمغرب    عماد النحاس: وسام أبو علي قدم مجهود متميز.. ولم نشعر بغياب علي معلول    الأزهر يوضح أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات الأخبار
«مصر» و«الأكراد»
نشر في الأخبار يوم 27 - 09 - 2015

تعرض التاريخ المصري لعمليات تشويه وتحريف في كل العصور لأن الذين كتبوه لم يكونوا مجردين عن الهوي النفسي ولا بعيدين عن الغرض الشخصي والمصلحة الذاتية
لم تفتح دولة «شرق أوسطية» أو «عربية» أو «إسلامية» أبوابها ل»الأكراد» مثلما فعلت «مصر» فقد صدرت أول صحيفة «كردية» في «القاهرة» مع بداية النصف الثاني من القرن التاسع عشر ونزحت عائلات من المناطق الكردية واستوطنت «مصر» منذ عدة قرون حتي أصبحنا نردد أن أمير شعراء العربية «أحمد شوقي» هو كردي الأصل وأن بيوت عريقة وعائلات قديمة مثل «بدرخان» وغيره هي ذات أصول كردية أيضاً، بل إن عملاق الفكر العربي «عباس محمود العقاد» تجري في عروقه هو الآخر دماء كردية، وقيل ذلك أيضاً عن «سندريلا» السينما المصرية «سعاد حسني»، وفوق هؤلاء جميعاً وقبلهم فإن الناصر «صلاح الدين» محرر «القدس» الذي يرتبط اسمه بعزة «الدولة الإسلامية» هو «كردي» أيضاً والحقيقة أن دماء «الكرد» «والعرب» قد اختلطت تحت رايات الإسلام وامتزجت عبر مراحل التاريخ المختلفة، ومازلت أتذكر علاقتي الطويلة بالسيد «جلال الدين طالباني» الذي كان رئيساً ل»الجمهورية العراقية» لعدة سنوات بعد الغزو الأمريكي لبلاده وهو صاحب شخصية رائعة ونفسية نقية وحين جاء إلي «مصر» زائراً رسمياً كرئيس ل»العراق» اتصل بي ودعاني لزيارته في «الفندق» وجلست معه وقتاً طويلاً نتسامر في ذكريات بعيدة وبدأ يتلو لي أبياتاً من الشعر العربي عن «مصر» ومكانتها ودورها في حفظ النسيج الإسلامي بغض النظر عن الأصول والأعراق وهو يحفظ أشعاراً عربية كثيرة وله ذكريات غالية في أرض «الكنانة» وعاصمة «المعز»، وقد حرص الرئيس الراحل «جمال عبد الناصر» علي أن يقيم جسور اتصال ب»الأكراد» ممثلين في «الملا مصطفي البارزاني» واستقبله ب»القاهرة» وأظهر «عبد الناصر» دائماً أن القومية العربية لا تعادي «الأكراد» ولكنها تلتحم بهم وتعتز بوجودهم، وعندما شاعت أراجيف كاذبة وروايات مغلوطة عن اتصالات «كردية إسرائيلية» فإن «مصر» كانت علي ثقة بأن «الأكراد» لا يتعاونون ضد «الشعب الفلسطيني» الشقيق الذي تربطه بهم أقوي الوثائق وأشد الصلات، ولقد وطنت نفسي في كل موقع علي أن استقبل أشقاءنا «الأكراد» من منطلق قومي وديني وإنساني ومصري خصوصاً وأن محنتهم جعلتهم يعيشون في شتات موزعين بين «العراق» و»إيران» و»سوريا» و»تركيا» وأطراف «الدولة الروسية» فضلاً عن الانتشار في عدد من «الدول الإسلامية» سواء في «وسط آسيا» أو في غربها فهم أصحاب قضية يناضلون في سبيلها ويدفعون ثمناً غالياً من أجلها، وهم إذ حصلوا علي الحكم الذاتي في «شمال العراق» فإنهم يتطلعون إلي أوضاع مثيلة في دول أخري تضم أعداداً منهم لأن دولة «كردستان» الكبري هي أمل يراود أحلام كل كردي في بلاد الشتات، ومازالت مأساة الزعيم الكردي التركي «عبد الله أوجلان» ماثلة أمام الجميع منذ اختطافه من إحدي عواصم «شرق إفريقيا» إلي حيث سجنه الأتراك في جزيرة منعزلة وأصدروا عليه حكماً بالإعدام لم يتمكنوا من تنفيذه بسبب تطلعهم لعضوية «الاتحاد الأوروبي» وهو الذي يجرم تنفيذ عقوبة الإعدام ومازالت المفاوضات جارية بين «أوجلان» الحبيس وبين حكومة «تركيا» للوصول إلي صيغة للتعايش المشترك خصوصاً بعد أن ظهرت كفاءة المقاتلين «الأكراد» الذين رفضوا الاستسلام لمجموعات «داعش» الإرهابية وأخواتها من التنظيمات المشبوهة التي ظهرت مؤخراً، ومازلنا نتذكر أن قرينة الرئيس الفرنسي الراحل «فرانسوا ميتران» كانت شديدة الاهتمام بالقضية الكردية دائمة الحرص علي دعمها في المحافل الدولية والدوائر الفرنسية، وسوف نكتشف دائماً أن ل»الكرد» أنصاراً يتعاطفون مع قضيتهم في مختلف أنحاء العالم لذلك فهم ضيوف مقبولون في «القاهرة» دائماً وقد اهتممت شخصياً بقضيتهم لعدة سنوات واستقبلت وفودهم القادمة إلي إلينا في كل حين وأبديت إعجاباً بقدرتهم علي تحرير بعض المناطق «الكردية» من أيدي «داعش» وتوابعها وما أبلاه «الأكراد» في القتال دفاعاً عن أوطانهم في «العراق» و»سوريا» وهو أمر يحسب لهم في كل الظروف، والحقيقة أن «مصر» كانت دائماً داعمة للحركات القومية والنداءات الوطنية ما لم يتعارض ذلك الأمر مع مصلحتها وحرية أفرادها عند اللزوم، ولن اختتم الحديث عن «الأكراد» دون أن أشير إلي صديق عزيز علي نفسي قريب إلي قلبي هو السيد «هوشيار زيباري» وزير خارجية «العراق» السابق الذي يرصد الأشخاص زماناً ومكاناً ويدرك أبعاد الوظيفة الدبلوماسية ببراعة واقتدار وأتذكر الآن أنني زرته في «الفندق» ب»واشنطن» وأصر علي أن يصنع لي قدح الشاي بيديه وقد كان من أكثر وزراء الخارجية العرب فهماً لطبيعة عمله وإدراكاً لمسئوليته مع إحساس عميق بأنه وزير خارجية «العراق» بكل طوائفه وأعراقه وأصوله ودياناته دون تفرقة أو تمييز، ولقد لاحظت أنه غير موتور من أحد رغم سنوات المنفي التي قضاها في «أوروبا»، لقد حان الوقت ليتطلع «العربي» في وجه الآخر بمودة وإخاء، كما أن الأبوية العربية تجاه القوميات الأخري يجب أن تتسم بالمشاعر الصادقة والجوار الجغرافي التاريخي، ولا شك أن وقوف الكثيرين من مناصري القضية الكردية بدعمهم الدائم لها هو استجابة لحقوق الشعوب في تقرير المصير واحترام اختياراتها عند اللزوم.. تحية للشعب الكردي الشقيق الذي تربطه بنا وحدة التاريخ والجغرافيا والعقيدة الدينية والتراث الثقافي.
كتابة التاريخ
تعرض التاريخ المصري لعمليات تشويه وتحريف في كل العصور لأن الذين كتبوه لم يكونوا مجردين عن الهوي النفسي ولا بعيدين عن الغرض الشخصي والمصلحة الذاتية لذلك وجدنا تاريخنا الوطني مشوهاً إلي حد كبير، ظهر فيه أبطال وهميون وغاب عنه أبطال حقيقيون وضاعت في زوايا النسيان شخصيات أسهمت كثيراً في رفعة الوطن وتحقيق إنجازاته وبلوغ انتصاراته، وأنا أطالب الآن بأن نعيد كتابة تاريخنا في كل مرحلة من خلال الأوراق الموثقة والمعلومات المؤكدة والاستماع إلي الشهود الأحياء شريطة أن يكونوا معروفين بالتجرد والنزاهة مع إبعاد تأثير الخصومة الشخصية أو المنافع الذاتية، كما أنني أريد أن نسمي كل الأشياء بمسمياتها الأصلية فلا يمكن أن يأتي كل عهد ليمحو ما سبقه، ويطل كل زعيم باعتباره الأوحد وأن من كانوا قبله لا يستحقون الذكر فتلك مغالطة كبري لا يقع فيها إلا من لا يعرفون فلسفة التاريخ لأنه يتميز بالدهاء ولا يخلو من خبث ويكشف الأكاذيب والمغالطات ولو بعد حين، ولذلك فإنني ضد الهجمة التي قمنا بها في مرحلة معينة حين أزلنا التماثيل من أماكنها وغيرنا أسماء الشوارع الكبري وحاولنا محو فترات كاملة من تاريخنا رغم أن كل مرحلة نمر بها لها ما لها وعليها ما عليها ولكن يبقي التاريخ في النهاية شاهداً عنيداً يقاوم الزمن ويرفض الزيف ويأبي سرقة الحقيقة، إنني أطالب أيضاً بكتاب وثائقي لكل حاكم في تاريخنا الحديث وليكن ذلك من عصر «محمد علي» مؤسس الدولة العصرية - حتي الآن يكتبه مؤرخون محايدون وأساتذة متخصصون وكلهم مجردون عن الأهواء والميول حتي تقرأ الأجيال الجديدة تاريخ بلادها في تجرد وموضوعية علماً بأن التاريخ لا يقف عند الحكام وحدهم إذ أن تاريخ الشعوب هو الذي يبقي لذلك فإن ضمير المؤرخ يجب أن يستوعب حركة الجماهير وآمالها وآلامها مع متابعة أيضاً لتاريخ «الأفكار الهامة» لأنه هو المكون الرئيس لعقل الأمة في مرحلة معينة، وعلي سبيل المثال فإن ميلاد جماعة «الإخوان المسلمين» عام 1928 قد ارتبط بتحولات دولية وتغييرات إقليمية إذ أن سقوط «الخلافة الإسلامية» بعد نهاية «الحرب العالمية الأولي» قد غير ميزان القوي وترك فراغاً كبيراً في «العالم الإسلامي» فرأي الشيخ «حسن البنا» أن جماعته الوليدة يمكن أن تكون الوريث الشعبي ل«الخلافة الرسمية» التي سقطت قبل ذلك بسنوات قليلة، إنني أطالب أن يشارك في صياغة تاريخنا إلي جانب المؤرخين الكبار وأساتذة التاريخ أساتذة العلوم السياسية أيضاً من المتخصصين في نظم الحكومات وتاريخ الفكر السياسي بل وعلماء «النظرية السياسية» ذاتها لأن «مصر» ليست بلداً هيناً بل هي دولة ضخمة ومعقدة تتداخل فيها أحقاب متتالية وقيم متصارعة وتقاليد متجذرة، وإذا كتبنا التاريخ في تسلسل منطقي عادل وموضوعية كاملة نكون قد أسدينا للأجيال القادمة خدمة حقيقية وأصلحنا من الحاضر بالضرورة وقدمنا لمستقبل الوطن ما ينير الطريق ويضيء أمامه سبل النهوض ومقومات الرقي.. إن التاريخ الوطني الصادق هو رافعة الانطلاق إلي الأمام للتحليق في أجواء العصر وتحقيق غايات الأمة وأحلام شبابها.
بذل عناية أم تحقيق غاية؟
كثير ما يلجأ إلينا أصحاب المشكلات وذوو الحاجات يطلبون التوسط في أمر ما ربما لم يحاولوا هم أنفسهم أن يقوموا به دون وسيط والسبب ببساطة هو أن لدي المصريين إيماناً عميقاً أن كل شيء لا تحله إلا «الواسطة» حتي ولو كان المطلب قانونياً وعادلاً كما أن هناك الكثيرين ممن يسعون لرفع المظالم عنهم وإعطائهم الحق في الفرصة المتكافئة مثل غيرهم، ومعظم من يأتون إلينا هم من الشباب المحبط بسبب تراكمات كثيرة عبر العقود الأخيرة وأنا ممن يؤمنون بأن (خير الناس من يحاول قضاء حوائج الناس)، وكثيراً ما نشرح للبعض أن المطلب غير قانوني وأن الاستثناء مستحيل ولكنهم يرددون دائماً وبلا وعي (إن الوساطة تفعل كل شيء) فقد وقر في ضمير المصريين وأصبح جزءاً من سلوكهم أن «الوساطة» هي الطريق الأقصر لتحقيق الهدف وليس ذلك صحيحاً علي الإطلاق ولكنه العقل الجمعي لبسطاء المصريين وفقرائهم الذي استقر علي ذلك وأدمن الشعور بالقهر وأن اللجوء إلي الغير قد يرفع عن كاهلهم ذلك وقد يعطيهم ما يستحقون وما لا يستحقون أيضاً، ولأنني أعتقد أن (من يفعل الخير لا يعدم جوازيه) فإنني أسعي بمنطق بذل العناية ولكن ليس لدي ضمان بتحقيق الغاية! فأنا أقوم بعمل طوعي ولا أستطيع أن أرد من يقصدني إلا بالكلمة الطيبة ما استطعت، ومع ذلك فإن المصريين يعتقدون أن كل شيء ممكن وأنه لا توجد قوانين ولا لوائح ولا قواعد ولا شروط، «وصاحب الحاجة أرعن» كما يقولون ولا يري في الدنيا إلا ما يريده ويعتقد دائماً أنه مظلوم ومضطهد وصاحب حق وفي الغالب لا يكون ذلك صحيحاً ولكنه انحياز النفس البشرية لذاتها والمقارنة الدائمة بغيرها، وأمام إصرار البعض وشعورهم بأنه ما لم يتحقق مطلبهم فكأنني لم أفعل لهم شيئاً، وفي هذه الحالة أعود إلي المثل العامي المصري قائلاً (لست مغسلاً وضامن جنة) وعلي الجميع أن يدركوا أن أكثر ما أستطيع أن أفعله هو بذل العناية وهو أمر لا يؤدي بالضرورة إلي تحقيق الغاية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.