علي منصة الاحتفال في الضفة الشرقية لقناة السويس جلسنا ننتظر ان يعطي الرئيس السيسي إشارة البدء لكي تدب الحياة في قناة السويس الجديدة، وتبدأ السفن في العبور، وتتكلل بالنجاح جهود شعب مصر في انجاز هذه الخطوة الهامة في تاريخه الحديث الذي ارتبط علي الدوام بهذه القناة.. حربا وسلاما، وجهدا وبناء، وانتصارا للكرامة الوطنية والاستقلال الحقيقي الذي جاء بنا الي هذه اللحظة التاريخية. تعود بي الذاكرة الي أيام فارقة في مصير الوطن اراد الله أن أعيشها كما أعيش اللحظة علي الممشي المطل علي قناة السويس في بورسعيد طفل يستطيع الوصول الي هناك فور سماع عبدالناصر وهو يعلن قرار التأميم واستعادة قناة السويس لاحضان الوطن. تتدافع وراءه عشرات الألوف تريد ان تلقي نظرة علي القناة التي تعيش علي ضفافها من سنوات ولكنها الآن تبدو وكأنها تراها لأول مرة. لم أكن أعرف يومها أن تاريخا جديدا يولد لمصر وللعالم كله من هذه اللحظة الفارقة. ولكني كنت أشعر فقط أن كابوسا قد انزاح عن صدر الوطن، وأن الدنيا أصبحت اجمل، والبشر تحولوا الي كعكة من الفرح والكبرياء. تمر الايام، وتتوالي الاحداث.. وأدرك كم كنت محظوظا بأن أكون شاهدا علي ميلاد عصر جديد يكتب فيه شعب مصر كلمة النهاية لامبراطوريات استعبدت العالم، ويفتح الباب امام الشعوب المقهورة لكي تستعيد ثرواتها وتكتب معنا سطور كتاب جديد عنوانه : حرية الشعوب واستقلال عالم كان يخضع لمنطق القوة وحده. عشنا سنوات بعد ذلك تأرجحنا فيها بين استقلال وطن وكرامة انسانية، وبين تبعية وانكسارات أليمة.. وفي كل الاحوال كانت القناة شاهدا علي كل العصور تكتب بدماء ابنائنا اصدق الشهادات علي شعب يعرف الصمود في الشدائد.. كما يعرف كيف يستولد النصر من قلب الانكسار. يبدأ الاحتفال الرسمي، يطلق الرئيس السيسي اشارة البدء لتشغيل القناة الجديدة، تمر السفن العملاقة في نفس اللحظة لتعلن انتصار الارادة الوطنية التي اتخذت القرار والتي شقت القناة الجديدة بأموال المصريين وبسواعدهم وانجزت الوعد وانهت العمل الذي يتطلب سنوات عديدة في عام واحد. يقول الرئيس السيسي انها الخطوة الأولي في طريق مازالت فيه ألف خطوة. مايهمني أن تكون الخطوات القادمة بنفس الاسلوب الذي يعتمد علي الجهد الوطني قبل أي شيء آخر. نعم نرحب بالاستثمار الاجنبي «وخاصة العربي» ونحتاجه بشدة، لكن الاولوية ينبغي ان تكون للاستثمار الوطني، والقرار ينبغي ان يظل في ايدينا، وقناة السويس الجديدة ينبغي ان تظل النموذج الذي يحتذي في كل المشروعات التي تقام في هذه المنطقة الحيوية والاستراتيجية. الخرفان «علشان خرفان !!» لايتعلمون أبدا.. ولهذا تجد وسط شلال الفرح لدي شعب مصر والشعوب العربية بما يحقق في مشروع قناة السويس ان الخرفان « في الجماعة او في قنوات التليفزيون القطرية او التركية» مازالوا يحاولون الانتقاص من الانجاز الوطني الكبير لشعب مصر. ومازالوا يرددون ماقالوه علي لسان احد المهاويس من خرفانهم بأن القناة الجديدة اقل من «طشت» السيدة أمه!! بالقطع لايمكن ان يكون «طشت» امه بهذا الاتساع، لكن يبدوأن الجماعة تستعد للانتقال لمرحلة جديدة توفق فيها اوضاعها باعتبارها جماعة «الطشت قاللي» مع الاخذ في الاعتبار انها لاتستحم، بل تحتفظ بأوساخها باعتبارها مصدرا للفخار، او تأكيدا لعدائهم الأبدي لكل ماهو وطني ونافع للدين والبشر.