وقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يشد علي يد الرئيس عبدالفتاح السيسي مودعاً وهو يقول: «أنت ضيف مرغوب فيه دائماً في روسيا، إنني سعيد بلقائك، وأكن لك محبة كبيرة علي المستوي الشخصي، وأنا في خدمتك وفي خدمة مصر، من أجل أن تواصل مهمتك الكبيرة في نهضتها، وسوف نواصل مشاوراتنا هاتفياً أو من خلال زيارات متبادلة في الفترة المقبلة». ساعة كاملة أمضاها السيسي مع بوتين في جلسة مباحثات بعد ظهر أمس بقصر الكرملين المهيب المطل علي الميدان الأحمر، أكبر ساحات العاصمة موسكو.. مقابلات الرئيس الروسي مع ضيوفه من زعماء دول العالم الذين حضروا احتفالات روسيا بالذكري السبعين للنصر علي النازية وانتهاء الحرب العالمية الثانية في أوروبا، كانت في معظمها لقاءات بروتوكولية للترحيب. ورغم مشاغل بوتين بالاحتفالات الهائلة ومراسمها، وبضيوفه وواجبات الاحتفاء بهم.. اختص الرئيس المصري بمباحثات مطولة لم تترك جانباً من أوجه التعاون المصري الروسي إلا وتناولته. وكان واضحاً للقادة المشاركين في الاحتفالات أن هناك وضعاً خاصاً لمصر وقائدها لدي روسيا وزعيمها.
اجتماعان عقدهما السيسي وبوتين في القاعة الرئيسية بقصر الكرملين الذي يعد درة قصور الحكم في العالم وأكثرها بهاء واحتفاظاً برونقه منذ عهد القياصرة من أسرة رومانوف. الاجتماع الأول كان موسعاً بحضور أعضاء الوفدين المصري والروسي، واستغرق 45 دقيقة، أما الثاني، فكان اجتماعاً مغلقاً اقتصر علي الرئيسين. فتح بوتين والسيسي كل ملفات التعاون، في مجالات الاقتصاد والتجارة والزراعة والسياحة والطاقة والعلاقات العسكرية. أبدي الرئيس السيسي ارتياحه لمسار التعاون بين البلدين، ووصفه بأنه إيجابي، وقال إننا في مصر ننظر لعلاقاتنا مع روسيا علي أنها استراتيجية، وتوجهنا هو دفعها قدماً إلي الأمام في الفترة المقبلة. وشدد الرئيس بوتين علي رغبة روسيا الكبيرة في تقديم كل عون ودعم لمصر في مسيرتها نحو النهوض باقتصادها. وأسفرت المباحثات عن الاتفاق علي عقد لجنة مشتركة قريباً علي المستوي الوزاري لتذليل العقبات أمام دخول المنتجات الزراعية المصرية إلي روسيا. وقال بوتين إن سبب تأخر انعقاد اللجنة هو تعيين وزير الزراعة الروسي مؤخراً في منصب مستشار الرئيس. وتم الاتفاق أيضاً علي زيادة نشاط الشركات الروسية في مصر والارتفاع بحجم استثماراتها. وطلب الرئيس السيسي إزالة أي معوقات أمام سفر السياح الروس إلي مصر، ووعد بوتين باتخاذ إجراءات عاجلة في هذا الشأن، وأشار إلي أن عدد السياح الروس الذين توافدوا إلي مصر بلغ 3 ملايين سائح في العام الماضي، وأن سبب نقص عددهم هذا العام يرجع إلي انخفاض قيمة العملة الروسية «الروبل» مما أثر سلباً علي حركة السياحة الخارجية للروس. وفيما يتعلق بالتعاون العسكري.. استعرض الرئيسان الزيارات المتبادلة بين القادة العسكريين في الفترة المقبلة، وأوجه التعاون التي تعكف علي تفاصيلها وزارتا الدفاع في البلدين.
كان يوم أمس استثنائياً لروسيا، عاشته وهي تجتر آلام حرب عالمية دفعت هي الثمن الأكبر من دماء ضحاياها، وأيضاً وهي تستعيد مجد أيام وسنوات صمدت فيها وهي تصد حصار النازيين لستالينجراد بعد أن احتلوا مساحات شاسعة من الأراضي السوفيتية، ثم استطاعت انتزاع زمام المبادأة، والاندفاع غرباً لتحرير الأراضي السوفيتية ودول شرق أوروبا، ثم اختراق الدفاعات الألمانية وبلوغ العاصمة برلين قبل أن تصلها طلائع قوات الحلفاء الغربيين. احتفلت روسيا في الميدان الأحمر بالذكري السبعين للنصر، وخطب بوتين في الضباط والجنود الروس المشاركين في العرض العسكري الهائل، الذي أقيم بهذه المناسبة التاريخية، وكان الرئيس السيسي في صدارة الحاضرين من رؤساء الدول. وعلي هامش الاحتفال، قابل السيسي رؤساء كازاخستان وطاچيكستان وفنزويلا والتشيك ومنغوليا وفلسطين والهند. ثم شارك الرئيس المصري مع بوتين ورؤساء الدول في الاحتفال بوضع أكاليل الزهور علي النصب التذكاري للجندي المجهول.
قبيل مأدبة الغداء التي أقامها الرئيس الروسي لضيوفه بقصر الكرملين.. التقي السيسي مع الرئيس الصيني شي چين بينج، الذي تناول مع الرئيس ما تم إنجازه علي صعيد تنفيذ اتفاقات التعاون الموقعة بين البلدين، خلال زيارة السيسي الأخيرة لبكين. قال بينج للسيسي: «إنني عازم علي القيام بزيارتي لمصر في أقرب وقت».. ورد السيسي قائلاً: ونحن نسعي لمزيد من التعاون والاحتفاظ بالتوهج الذي تشهده العلاقات المصرية الصينية. واختتم الرئيس الصيني اللقاء بتوجيه الدعوة إلي الرئيس لحضور احتفالات الصين بذكري انتصارها في شهر سبتمبر المقبل. .. اليوم يعود الرئيس السيسي إلي القاهرة.. وكعادته سيواصل متابعة نتائج مباحثاته في موسكو مع بوتين ورئيس الصين وقادة الدول الأخري في اجتماعات وزارية للاحتفاظ بقوة الدفع التي تحققها جولاته الخارجية واستثمارها لخدمة المشروع الوطني المصري.