الفريق محمود حجازى يصافح نبيل العربى قبل انطلاق الاجتماع العربي: شعوبنا تتطلع لتشكيل قوة تطمئننا علي الحاضر والمستقبل عقد رؤساء أركان الجيوش العربية اجتماعا أمس بمقر الجامعة العربية - بعد 51 عاما من أول اجتماع لهم منذ إنشاء الجامعة - وذلك لبحث تشكيل القوة العربية المشتركة التي أقرها القادة العرب خلال القمة العربية التي عقدت بشرم الشيخ 29 مارس الماضي.. رأس الاجتماع الفريق محمود حجازي رئيس أركان حرب القوات المسلحة وأكد خلال كلمته علي أن المواجهة الأحادية من جانب القوات المسلحة الوطنية داخل حدود البلد الواحد غير كافية في حالات عدة، الأمر الذي يعظم من الحاجة لإيجاد آلية جماعية من خلال تشكيل قوة عربية مشتركة تكون جاهزة للتدخل السريع إذا ما اقتضت الضرورة ذلك وبناء علي طلب من الدولة المعنية وبما لايمثل أي انتقاص من سيادتها واستقلالها اتساقا مع أحكام ميثاقي الأممالمتحدة والجامعة العربية. وأوضح الفريق حجازي أن القوة المشتركة المقترحة ليست موجهة ضد أي دولة ولا تمثل محورا أو تحالفا أو تهديدا لأحد وإنما تهدف إلي محاربة الإرهاب وحماية الأمن القومي العربي وهو ماجعلها محل تقدير من جانب الأطراف الاقليمية والدولية فضلا عن تفهم المنظمات الاقليمية والدولية والدول الفاعلة بالمجتمع الدولي لدوافع هذا الاجراء..وقال: «بروح من المصارحة والشفافية أو أن أشير إلي أننا كدول عربية قد تأخرنا كثيرا في تحقيق هذا الهدف الذي سبقتنا إليه منظمات إقليمية عديدة ومن باب الإنصاف يلزم أن أشير إلي أن الجامعة العربية قد تبنت مبادرات سابقة لإنشاء مثل هذه القوة إلا أن عوامل عديدة آنذاك حالت دون تحقيق هذا الأمر الذي أحبط آمال شعوبنا في القدرة علي تحقيق عمل عربي مشترك يهدف إلي حماية سيادتنا داخل أوطاننا ،ويحافظ علي مقدرات أمتنا العربية». وأضاف حجازي: «لا شك أننا نتفق علي ان مسئولية حماية الأمن القومي لكل دولة عربية يقع علي عاتق قواتها المسلحة داخل حدودها وهو واجب مقدس عاهدنا الله ألا ندخر جهدا في سبيل أدائه علي الوجه الأكمل دفاعا عن تراب ومقدرات دولنا العربية ولكني أثق في أنكم تشاركونني الرأي في أن التحديات التي تواجه الأمن القومي العربي الجماعي باتت متشابكة وتمتد عبر الحدود دون عائق فما يدور في أي بلد عربي من اقتتال داخلي أو افتئات علي السلطة الشرعية أو استفحال للتنظيمات الإرهابية بممارساتها اللاانسانية لا يمكن غض الطرف عنه تحت وطأة الاعتقاد الخاطئ بأن تأثير هذه الآفات علي اختلاف مسبباتها لن يطال بقية الدول العربية بشكل مباشر أو غير مباشر. واختتم حجازي كلمته بالتأكيد علي أن الروابط التي بين العرب وثيقة لاتنفصم قديمة تضرب بجذورها في أعماق التاريخ، وقال: «ولكن حاجتنا لوحدة الصف ولأن يشد بعضنا أزر بعض أصبحت أكثر إلحاحا من أي وقت مضي وقد أثبتت التجربة في كل المرات وعبر كل الظروف والعصور أن المصير واحد والسفينة واحدة متي وصلت إلي بر الأمان سلم الجميع ومتي انحرفت عن مسارها الطبيعي فنتائج ذلك ستلحق أيضا بالجميع». لمواجهة الإرهاب ومن جانبه أكد الدكتور نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية في كلمته أمام الجلسة الافتتاحية للإجتماع - أن تشكيل القوة لن تكون بأي حال من الأحوال حلفا عسكريا جديدا أو جيشا موجها ضد أي دولة بل إنها قوة تهدف إلي مواجهة الإرهاب وصيانة الأمن القومي العربي وحفظ السلام والاستقرار في المنطقة بحيث تصبح هذه القوة إحدي الآليات الهامة لتفعيل العمل العربي المشترك في المجالات العسكرية والأمنية في إطار الجامعة العربية وذلك وفقا لما نص عليه ميثاق الجامعة وميثاق الأممالمتحدة من التزامات في هذا الشأن. وأعرب العربي عن اعتقاده بأن أبرز مهام القوي العربية المشتركة أن تكون متعددة الوظائف وقادرة علي الاطلاع بما يعهد إليها من مهام في مجالات التدخل السريع لمكافحة الإرهاب وأنشطة المنظمات الإرهابية والمساعدة في عمليات حفظ السلام وبنائه وتأمين عملية الإغاثة والمساعدات الإنسانية وتوفير الحماية للمدنيين إضافة إلي التعاون في المجالات ذات الصلة بحفظ الأمن وتبادل المعلومات بين الدول العربية التي أصبح عدد منها في حاجة ماسة لمثل هذه الآلية لمساعدة حكوماتها علي صيانة الأمن والاستقرار وإعادة بناء قدراتها ومؤسساتها الوطنية..وخاطب العربي رؤساء أركان الجيوش العربية قائلا: «أمامكم عمل جاد يتطلب حكمة عميقة وخبرة واسعة وبصيرة ثاقبة لمعالجة قضايا الأمن القومي العربي والمسائل المتصلة بها، والمطلوب وضع تصور شامل للأمن القومي العربي»، مشيرا إلي أن الأمة بأسرها شاخصة أبصارها إليكم إلي حلم كان يراودها منذ زمن حلم تعثر تحقيقه في الماضي، وموضحا أن الشعوب العربية الآن يحدوها أمل كبير في أن تتوصلوا سويا إلي ما يطمئنها علي حاضرها ويضمن مستقبلها ويعيد إليها الثقة في منظومة العمل العربي المشترك في جميع المجالات، وقال «إنني علي ثقة بأنكم جديرون وقادرون علي تحقيق تطلعات الأمة». كما أكد العربي مجددا علي أن منظومة الأمن القومي العربي لا تقف عند حدود العمل العسكري والأمني فقط بل تتعداها لتشمل نطاقا واسعا من المجالات الحيوية التي تهدف إلي إيجاد ركائز مؤسسية قوية وفعالة لخلق نظام إقليمي عربي متكامل قادر علي ردع العدوان الخارجي ومنع نشوب النزاعات الداخلية وبناء السلام والحفاظ عليه وصيانة كيان الدولة وحماية الاستقلال والسيادة الوطنية والحفاظ علي وحدة التراب الوطني، مشيرا إلي أن ذلك يتطلب أن تكون هذه المنظومة قادرة علي إيجاد الآليات التي تكفل الاعتماد المتبادل للدول العربية في قضايا الأمن والسلام بما يعزز وحدة صفوفها ورؤاها ويطلق عملية التنمية الشاملة في جميع أرجاء الوطن العربي لارتياد آفاق التقدم وتحقيق النهضة الشاملة لدوله والرفاه الإنساني لشعوبه..وأضاف إن خصوصية المنطقة العربية باعتبارها إقليما يشمل دولا متعددة لأمة واحدة يربطها تاريخ مشترك ولغة مشتركة ومصير مشترك يمنحها بجدارة واستحقاق حق الدفاع الشرعي الجماعي عن النفس وفقا للمادة 51 من ميثاق الأممالمتحدة فضلا عن أن الأخطار والتهديدات التي تواجهها الدول العربية تتخطاها وتتجاوزها لتشمل السلم والأمن الدولي بالمفهوم الواسع، وهذا علي وجه التحديد ما يمنح الشرعية السياسية والقانونية للدول العربية في تأسيس منظومتها للأمن القومي العربي وتشكيل قوات عربية مشتركة تصون كرامة شعوبها واستقلال مجتمعاتها وتضمن سلامتها الإقليمية وعزتها وتردع كل ما يهدد استقرارها السياسي. وأشار العربي إلي أن قرار القمة يفتح المجال أمام جميع الدول العربية للعمل جماعيا لحماية أمنها القومي، مشيرا إلي أن المطلوب اليوم بحث التدابير والاجراءات اللازمة والاتفاق علي آليات العمل المناسبة لوضع هذا القرار موضع التنفيذ بحيث يوجه رؤساء الأركان الفريق رفيع المستوي لبحث كافة الموضوعات ذات الصلة بإنشاء القوة المشتركة واتخاذ كل التدابير التي تكفل لها الانطلاق في عملها، مشيرا إلي أن الهدف هو التنفيذ والفعل وليس القول خاصة وأنه سبق أن عقدت اجتماعات خلال السبع عقود الماضية لبحث حماية الأمن القومي العربي، وقال: «للأسف وبالرغم من حسن النوايا لم يكتب لهذه الاجتماعات النجاح». العناصر العشرة وبعد انتهاء الجلسة الافتتاحية بدأت الجلسة المغلقة لرؤساء الأركان لمناقشة العناصر العشرة التي انفردت «الأخبار» بنشرها أمس والتي تتضمن: أهداف تشكيل القوة، ومهامها، حجم تشكيل القوة والوقت اللازم لها، أماكن تواجد القوة وتمركزها، المعايير والضوابط الخاصة بالكفاءة القتالية والاستعداد القتالي ومنها التسليح والتدريب والإمداد الإداري، تشكيل هيئة القيادة ومكان التواجد، آلية اتخاذ القرار بشأن طلب الاستعانة بالقوة، أسلوب وآلية القيادة واتخاذ القرارات الميدانية، مصادر التمويل، وكذلك الإطار القانوني اللازم لتشكيل وطلب إرسال واستخدام القوة. فريق رفيع المستوي ودعا رؤساء الأركان في ختام اجتماعهم الماراثوني فريقاً رفيع المستوي يعمل تحت إشراف رؤساء الأركان لدراسة كافة الجوانب المتعلقة بانشاء القوة العربية المشتركة والإجراءات التنفيذية وآليات العمل والموازنة المطلوبة لإنشاء القوة وتشكيلها فضلا عن الإطار القانوني اللازم لذلك. ومن المنتظر أن يقوم الفريق بعقد اجتماعه في غضون الأسابيع القليلة المقبلة علي أن تعرض نتائج أعماله علي اجتماع مقبل لرؤساء الأركان، ليتم عرض النتائج بعد ذلك علي لجنة ترويكا القمة التي تضم رئاسة القمة الحالية «مصر» والسابقة «الكويت» والقادمة «المغرب» ، والتي بدورها ستعرضها علي اجتماع مجلس الدفاع العربي المشترك الذي يضم وزراء الدفاع والخارجية العرب لإقرار الصيغة النهائية والوثائق اللازمة لإنشاء القوة، لتكون القوة العربية المشتركة جاهزة خلال شهر يوليو القادم. واستعرض رؤساء الأركان خلال مداولاتهم الأوضاع الراهنة وماتفرضه من تحديات خطيرة علي الأمن القومي العربي وخاصة المخاطر المترتبة علي العمليات التي تنفذها المنظمات الإرهابية والرامية إلي تهديد كيان الدولة الوطنية الحديثة وترويع المجتمعات العربية،وتهديد الوحدة الوطنية وبث الفرقة والانقسام بين أبناء الأمة الواحدة. وأكدوا في بيانهم الختامي علي ضرورة العمل الجماعي المشترك لإيجاد حلول عربية لقضايا المنطقة وعلي أهمية تشكيل القوة المشتركة لتمكين الدول العربية من التعامل بفعالية مع التحديات الراهنة والاستجابة الفورية لمعالجة الأزمات التي تنشب في المنطقة بما فيها عمليات التدخل السريع وغيرها من المهمات ذات الصلة التي تهدف إلي توظيف هذه القوة لمنع نشوب نزاعات وإدارتها وايجاد التسويات اللازمة لها وكيفية استخدام هذه القوة بما يحفظ استقرار الدول العربية وسلامة أراضيها واستقلالها وسيادتها.