"لو عايز تبقى ضابط".. تعرف على المواعيد النهائية للتقديم بكلية الشرطة 2025    وزير العمل يفتتح ندوة توعوية بقانون العمل الجديد ويؤكد: مشاركة الجميع في صياغة القرارات    وزارة العمل تعلن عن 11 فرصة عمل للمصريين في الأردن برواتب تصل إلى 350 دينارًا    وزير الإسكان: طرح وحدات المرحلة الثانية من خلال «منصة مصر العقارية»    تدريب وتأهيل الشباب.. «الأقصر» مصنع الكوادر السياحية    السيسي يطلع على خطط تطوير شبكات الاتصالات.. توجيهات جديدة    بالصور- تحصين 41 ألف رأس ماشية ضد الحمى القلاعية بالإسماعيلية    "سلامة الغذاء": حملات على 414 منشأة غذائية بمختلف المحافظات    مستقبل وطن: موقف مصر من القضية الفلسطينية ثابت ورافض لتهجير    تشيلسي يقع في فخ كريستال بالاس في افتتاحية البريميرليج    "دعم مالي عاجل".. هيئة قناة السويس تزف بشرى سارة للنادي الإسماعيلي    الداخلية تكشف ملابسات فيديو تعرض سيدة للتحرش اللفظى بالجيزة    الأمن يقترب أكثر من المواطنين.. تدشين قسم شرطة زهراء أكتوبر 2| صور    أمن الفيوم يُعيد شخصًا من ذوي الاحتياجات الخاصة لأسرته بعد تقديم الرعاية اللازمة    قرار جديد من التموين بشأن عدادات المياه: حظر التركيب إلا بشروط    محافظ الجيزة يزور بطل واقعة إنقاذ "فتاة المنيب" للاطمئنان على صحته    بيان عاجل من هيئة الدفاع عن الطفل ياسين قبل جلسة الاستئناف غدا    مريم الجندي تكشف كواليس تفاصيل شخصيتها في «فلاش باك»    وصلة هزار بين أحمد وعمرو سعد على هامش حفله بالساحل الشمالي (فيديو)    الفريق أسامة ربيع يكرم الربان ولاء حافظ صاحب أطول غطسة لمريض شلل رباعي    خالد الجندي: مخالفة قواعد المرور معصية شرعًا و"العمة" توجه الأمة    "حقوق إنسان النواب": خدمات "الصحة" تعكس جدية الدولة في النهوض بالقطاع    مقاومة المضادات الحيوية: خطر جديد يهدد البشرية    مانشستر يونايتد يدرس التحرك لضم آدم وارتون    جوان ألفينا يبدأ مشواره مع الزمالك بأداء واعد أمام المقاولون العرب    رد فعل شتوتغارت على أداء فولتماد أمام بايرن    فنون شعبية وطرب أصيل في ليالي صيف بلدنا برأس البر ودمياط الجديدة    أس: تشابي ألونسو ينوي الدفع بماستانتونو ضد أوساسونا    مرصد الأزهر: تعليم المرأة فريضة شرعية.. والجماعات المتطرفة تحرمه بتأويلات باطلة    رئيس الأركان الإسرائيلي: نُقرّ اليوم خطة المرحلة التالية من الحرب    إصابة 6 أشخاص فى انقلاب ميكروباص بطريق "الإسماعيلية- الزقازيق" الزراعى    صحة الوادى الجديد: انتظام العمل فى المرحلة الثالثة من مبادرة "100 يوم صحة"    رئيس شئون القران بالأوقاف: مسابقة دولة التلاوة رحلة لاكتشاف جيل جديد من القراء    إلزام المؤسسات التعليمية بقبول 5% من ذوى الإعاقة في المنظومة.. اعرف التفاصيل    رئيسة القومي للمرأة تهنئ المستشار محمد الشناوي بتوليه رئاسة هيئة النيابة الإدارية    اللواء محمد إبراهيم الدويري: أوهام «إسرائيل الكبرى» لن تتحقق وتصريحات نتنياهو تدق ناقوس الخطر عربياً    الخارجية الروسية تتوقع فوز خالد العناني مرشح مصر في سباق اليونيسكو    الأنبا ثيئودوسيوس يترأس القداس الإلهي بكنيسة العذراء مريم بفيصل    حقيقة انتقال هاكان للدوري السعودي    مصر تحصد ذهبية التتابع المختلط بختام بطولة العالم للخماسي الحديث تحت 15 عامًا    136 مجلسا فقهيا لمناقشة خطورة سرقة الكهرباء بمطروح    الداخلية تكشف ملابسات تداول منشور تضمن مشاجرة بين شخصين خلافا على انتظار سيارتيهما بمطروح    محافظ كفر الشيخ يدشن مبادرة لزراعة الأشجار المثمرة ضمن مبادرة 100 مليون شجرة    وظائف شاغرة بالمطابع الأميرية.. تعرف على الشروط والتفاصيل    في 3 خطوات بس.. للاستمتاع بحلوى تشيز كيك الفراولة على البارد بطريقة بسيطة    حزب الجبهة الوطنية: تلقينا أكثر من 170 طلب ترشح لانتخابات مجلس النواب    مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي يعلن تفاصيل مسابقة "أبو الحسن سلام" للبحث العلمي    ملك البدايات .. . ليفربول يحتفل برقم محمد صلاح التاريخي فى الدوري الإنجليزي    المفتي يوضح حكم النية عند الاغتسال من الجنابة    الصحة: 30 مليون خدمة طبية للمواطنين خلال النصف الأول من 2025    مصرع شخص وإصابة 24 آخرين إثر انحراف قطار عن مساره في شرق باكستان    فتنة إسرائيلية    حظك اليوم وتوقعات الأبراج    رويترز: سماع دوي انفجارات قرب محطة للكهرباء في العاصمة اليمنية صنعاء    سعر الأرز والسكر والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الأحد 17 أغسطس 2025    الأونروا: معظم أطفال غزة معرضون للموت إذا لم يتلقوا العلاج فورًا    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الجديد.. سعر الذهب اليوم الأحد 17 أغسطس محليًا وعالميًا (تفاصيل)    ملخص وأهداف مباراة ريال مايوركا ضد برشلونة 3-0 فى الدورى الإسبانى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



برلمان الانتقام
نشر في الأخبار يوم 09 - 02 - 2015

لا تتعب نفسك في البحث عن أقلية الأقلية المحظوظة، فالنظام الانتخابي الفردي يشجع دواعي المال والبلطجة والعصبيات العائلية والجهوية، وينزع عن انتخابات البرلمان صفة السياسة، ويحول القصة كلها إلي مزايدة مالية لا مسابقة سياسية
لم أكن أبدا من المطالبين بتأجيل إجراء الانتخابات البرلمانية، ولا أدعو الآن إلي مقاطعة التصويت، فسوف تقاطع أغلبية الناس من تلقاء نفسها، وسوف تنخفض نسب التصويت بشدة، ولن ننتهي سوي إلي برلمان عظيم البؤس، لا يعبر سوي عن أقلية الأقلية من المصريين، ولا علاقة له بقضية الثورة إلا في مقام التناقض.
لست متشائما، بل هي النظرة الواقعية التي لاتخدع أحدا، وقد بحت أصواتنا من التحذير، ولم يستمع إلينا أحد، وكأننا نخاطب الفراغ، أو نؤذن في مالطا، فقد حذرنا من عدم دستورية البرلمان المقبل، ومن «عك» دستوري لحقه «عك» وعوار قانوني، ومن عبارات هجينة غير منضبطة قانونا كبدعة «التمثيل الملائم»، أقحمت علي باب المواد الانتخابية في الدستور، وتتصادم كليا مع نصوصه الأساسية والدائمة، وقادت إلي «تفانين» القوائم المطلقة، ثم زاد الطين بلة مع تقسيم الدوائر الفردية علي نحو مزاجي أمني محض، وبما دمر مبدأ المساواة بين الناخبين وبين المرشحين، فوق بؤس النظام الانتخابي نفسه، والذي أصدر قانونه الرئيس المؤقت عدلي منصور، ولم يعدله الرئيس المنتخب عبد الفتاح السيسي، وترك الحال علي ماهو عليه، وبنظام انتخابي فردي يهدر الغالبية العظمي من أصوات الناخبين، ولو تخيلت مثلا أن مئة ناخب ذهبوا للتصويت في دائرة ما، فسوف يفوز بالمقعد المرشح الذي يحصل علي 51 صوتا، ومع الكثرة المتوقعة في أعداد المرشحين، فلن يفوز أحد غالبا من الجولة الأولي، وسوف تتكاثر حالات الإعادة، وينزل عدد المصوتين المئة إلي عشرين، ويفوز بالمقعد من يحصل علي 11 صوتا لاغير، وهو ما يعني أن 89% من الناخبين لن يكون لهم تمثيل برلماني، وهو ما نعنيه بالضبط من وصف «برلمان أقلية الأقلية».
ولا تتعب نفسك في البحث عن أقلية الأقلية المحظوظة، فالنظام الانتخابي الفردي يشجع دواعي المال والبلطجة والعصبيات العائلية والجهوية، وينزع عن انتخابات البرلمان صفة السياسة، ويحول القصة كلها إلي مزايدة مالية لا مسابقة سياسية، ويحول البرلمان إلي بورصة وإلي صفقة، يفوز فيها الذي يملك وينفق أكثر، أو الذي يستند إلي عصبية أمنية علي طريقة القائمة إياها، وهو ما يفسر سباق المليارديرات، ومزايداتهم بمئات ملايين الجنيهات علي شراء المقاعد، وخلو الساحة من أي برامج سياسية، وإنهاك اسم مصر، واستخدامه المبتذل كعناوين للتحالفات والقوائم، وكأننا بصدد عروض في «الأوبرا» لا اتجاهات في السياسة، فالكل يتمسح باسم مصر و»في حبها» وفي ندائها ووفدها وصحوتها وجبهتها وحياتها (!)، وكأنهم لا يصدقون أنهم من المصريين، وقد لا نريد ولا نقدر علي نزع الجنسية المصرية عن أحد، لكن الظاهرة تلفت النظر إلي خواء سياسي مريع، وإلي غياب مصالح ومطامح وهموم أغلبية المصريين عن السجال الانتخابي الموهوم، واختصار عذاب مصر في كلمات غزل ركيك، واختصار مصر كلها في جماعات مصالح طافية علي السطح، تصل ما انقطع مع ما كان يسمي «الحزب الوطني»، ولم يكن «حزبا» ولا يحزنون، ولا «وطنيا» بدليل خيانة رئيسه المخلوع بثورة الشعب المصري، بل مجرد جماعة لصوص ملتصقة بالجهاز الأمني والإداري، وهو ما يتكرر اليوم للأسف، وتحت لافتات حزبية وشبه حزبية، بينها لافتة «الحزب الوطني» القديمة نفسها، وبترشح أحمد عز نفسه، وفي فجور سياسي واجتماعي زاعق، يسعي للسيطرة علي البرلمان المقبل، والانتقام من الثورة وأهلها وشعبها، واستعادة البؤس الذي كان ويكون.
وقد يقال لك إنها إرادة الشعب، وهذا كلام عظيم التزوير، فالنظام الانتخابي الفردي ليس محايدا، ويهدر أصوات الغالبية الساحقة المسحوقة من الناخبين، فوق حساب الأغلبية الأكبر التي لن تذهب أصلا لصناديق التصويت، بينما الدستور يتيح إجراء الانتخابات بنظام القوائم النسبية غير المشروطة، وقد رفضته السلطات عمدا مع سبق الإصرار والتصميم والترصد، برغم أن الانتخابات النسبية وحدها تعبر عن إرادة الشعب، وتحفظ لكل صوت قيمته وتمثيله البرلماني العادل، وترد الاعتبار لأولوية السياسة في انتخابات سياسية بطبيعتها، وتقلص أدوار المال والبلطجة والعصبيات، وتبني أحزابا سياسية حقيقية، لكنهم لا يريدون أحزابا في هذا البلد، ولا يريدون للثورة أن تبني حزبها في الشارع الانتخابي، يريدون حجب الفرصة عن أحزاب حقيقية تقيمها أصوات الناس، وأن تبقي الساحة حكرا لأحزاب الحراس، وأن يتندروا علي ضعف أحزاب «الدكاكين» و»البوتيكات» و»نوادي الروتاري»، وأن يبرروا بالضعف الذي صنعوه جرائم اللجوء لنظام الانتخابات الفردية، وبدعوي أن نظام القوائم النسبية لايصلح إلا في وجود أحزاب قوية، وهذه فرية عظيمة، فنظام القوائم النسبية غير المشروطة مفتوح تماما، ويتيح فرص الترشح لأي مواطن، وفي قوائم كاملة أو منقوصة، كل بحسب قدرته، ويصوغ اتجاهات رأي سياسي، ويقيم أحزابا فعالة لا تقوم الديمقراطية بدونها، ويزيل ركام أحزاب الكارتون، ويجعل البلد تعبر عن نفسها، وبغير وصاية من جهات أمن، أو تزوير للإرادة بشراء الأصوات، وبعكس النظام الانتخابي الفردي الذي يديم سيطرة «رأسمالية المحاسيب»، ولا يفيد سوي «الفلول» وجماعة «الإخوان»، وتذكروا أن الإخوان في أوج شعبيتهم التي زالت، حصلوا علي 39% من المقاعد بنظام القوائم النسبية، بينما حصلوا علي أكثر من 65% في انتخابات الدوائر الفردية، وهذه تذكرة لا تنفع الجهلاء المتحكمين، والذين صوروا اللجوء للانتخابات الفردية كمانع لصواعق فوز غير مرغوب به للإخوان، بينما هم يريدون للفلول أن ترث الإخوان، وأن تحتل مقاعد البرلمان، وأن يحكم الفساد ويعظ من أول وجديد، وكأن ثورة لم تقم.
وبالجملة، لسنا بصدد برلمان يمثل الشعب، بل بصدد برلمان يمثل علي الشعب، ويترك الثورة في مقاعد المتفرجين «المفروسين».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.