يوم الأربعاء الماضي أقرت الكنيست بصفة مبدئية قانون تطوير وحماية الصحافة المكتوبة في اسرائيل" المعروف إعلامياً باسم قانون "صحيفة يسرائيل هايوم" أو لمزيد من الدقة "قانون تحجيم نفوذ شلدون أدلسون". قيل إن القانون يصدر في فترة ضائقة مالية تمر بها الصحافة المكتوبة في إسرائيل لحماية صناعة الصحافة المكتوبة ولخلق منافسة عادلة بين الصحف الإسرائيلية. ورغم عدم ذكر اسم أي صحيفة إلا أن المواصفات لا تنطبق إلا علي صحيفة يسرائيل هايوم. حكاية يسرائيل هايوم هي إحدي تجليات زواج المال بالسلطة وسيطرة رجال الأعمال علي الإعلام لتوجيه الرأي العام والتحكم فيه. في البداية صدرت الصحيفة عام 2007 كنشرة مجانية لدعم حملة بنيامين نتانياهو في انتخابات رئاسة الوزراء, يمولها الملياردير الأمريكي اليميني شلدون أدلسون عملاق صناعة الكمبيوتر وصاحب سلسلة كازينوهات القمار والفنادق المنتشرة في أمريكا والشرق الأقصي. مع الأيام تحولت النشرة المجانية إلي صحيفة يومية تمثل بوق دعاية لرئيس الوزراء تدافع عنه وعن أسرته وترد علي انتقادات معارضيه وتدخل في خصومات ساخنة من أجله هو وحزبه "الليكود" لدرجة دفعت الوسط الصحفي الإسرائيلي للتندر علي قيام خمسة أحزاب مختلفة الأيديولوجيات بدفع القانون إلي البرلمان بالقول إن الصحيفة برعت في خلق خصوم لها بطول البلاد وعرضها بما أدي إلي اتفاق المتناقضين للمرة الأولي عليها مستشهدين بتطابق موقف الوزير العنصري ليبرمان رئيس حزب اسرائيل بيتنا مع موقف العضو العربي بالكنيست أحمد الطيبي رئيس الكتلة الموحدة والقائمة العربية للتغيير في التصويت الأولي لصالح القانون. لو تم إقرار القانون بصفة نهائية فسوف يُحظر التوزيع المجاني لأي مطبوعة تصدر في الحجم العادي للصحف وستضطر الجريدة للتخلي عن مجانيتها وبيع نسخها للجمهور بسعر يعادل ولو نصف ثمن أرخص جريدة منافسة لها. تداعيات صدور القانون بالنسبة للجريدة مخيفة فهي متواضعة المستوي المهني نادراً ما تحقق انفرادات أو تجري حوارات تسترعي الانتباه وليس لديها كتاب مرموقون وحين ارتفع توزيع الجريدة لدرجة أرّقت عرش صحيفة يديعوت أحرونوت وموقعها الإلكتروني وهددت احتكارها لصدارة توزيع الصحف الإسرائيلية كان ذلك بسبب توزيعها المجاني. وحين تضطر لبيع نسخها فمن المؤكد أن نسبة توزيعها ستهوي سريعاً وسينكمش دورها السياسي. ويبقي السؤال الذي يشغل بال الوسط الصحفي الإسرائيلي: ما الذي يدفع رجل أعمال أمريكياً ليس إسرائيلياً (لكن زوجته الثانية إسرائيلية) لامتلاك صحيفة في اسرائيل خاصة وأننا الاستثمار الوحيد لأدلسون فيها كما إنه يكره الصحافة ولم يستثمر في تلك الصناعة أبدًا؟ الإجابة تأتي من شواهد نفوذه السياسي في بلده الولاياتالمتحدة وتبنيه أفكاراً يمينية متطرفة وإنفاقه علي حملات الجمهوريين ورعايته الوثيقة لنتانياهو لدرجة إنفاقه مايقرب من 50 مليون دولار حتي الآن حسب تقديرات خبراء الصحافة في اسرائيل علي إصدار وتمويل الجريدة. اعتباران وحيدان قد يعرقلان الإقرار النهائي للقانون, الأول:هو القناعة بعدم صواب "تفصيل" تشريعات تستهدف فرداً أو مؤسسة خاصة أن طريقة تفصيل القانون تكشف عن أهواء سياسية واقتصادية من ورائه.أما الثاني فهو عدم الرغبة في فرض قيود علي حرية التعبير والمؤسسات الصحفية.