لايزال انتشار فيروس إيبولا يشكل تهديدا خطيرا علي الصحة والأمن العالميين. يجب بذل الجهود إزاء تقديم مساعدات إلي المناطق المتضررة، كما يجب اتخاذ مزيد من الإجراءات العاجلة وإضفاء مزيد من التعاون الوطني والإقليمي والدولي للتصدي لتفشي الفيروس بطريقة شاملة ومنسقة. حذرت منظمة الصحة العالمية من أن حجم الاصابات سيتضاعف عشر مرات في ديسمبر المقبل. وعدد الاصابات الحالي الذي يقدر بألف اصابة في الاسبوع في الدول المصابة سيصل إلي عشرة الاف في الاسبوع. هناك استجابة عالمية تقودها بريطانيا والولايات المتحدة بالأموال والمعدات والأطقم الطبية المدربة. فوصول اشخاص مصابين بالفيروس إلي شواطئ دول أخري قد حفز من تلك الجهود. الا أن هناك الكثير والكثير مما يجب القيام به. ولم تشارك الدول الأوربية الأخري الا بالقليل. أعلن أحد العلماء الذين اكتشفوا فيروس الإيبولا، أن الدول الأوروبية لا تقوم بما يكفي لمساعدة المملكة المتحدة في جهودها للسيطرة علي انتشار مرض الإيبولا القاتل في غرب أفريقيا. انطلقت قبل أيام السفينة أرجوس التي تتبع البحرية البريطانية وعلي متنها 380 جنديًا في اتجاه سيراليون للمساعدة في جهود السيطرة علي الوباء. دعا كاميرون القادة الأوروبيين إلي الموافقة علي حزمة طموحة من الإجراءات لمواجهة أزمة الإيبولا عند اجتماعهم الأسبوع المقبل في بروكسل منها زيادة مساهمات الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء لتصل إلي مليار يورو، وإرسال 2000 عامل من بينهم 1000 عامل من الأطقم الطبية إلي المنطقة بحلول منتصف نوفمبر، وزيادة التنسيق فيما يتعلق بعمليات الكشف علي الواصلين في مطارات الدول الأوروبية، ومشاركة أفضل الممارسات للتعامل مع حالات الإيبولا للمساعدة علي خفض خطر إنتقالها إلي أوروبا. كما عقد اوباما اجتماعا مع مسئولي إدارته لليوم الثالث علي التوالي لمناقشة مكافحة المرض الذي اضحي قضية سياسية للادارة الأمريكية قبل انتخابات التجديد النصفي في الشهر المقبل. واكثر الدول تضررا من ايبولا غينياوليبيريا وسيراليون حيث فتك المرض بعدد 4546 شخصا منذ بدء التفشي في مارس وذلك حسب احدث بيانات لمنظمة الصحة العالمية. ويمثل ذلك زيادة حادة مقارنة بعدد الضحايا في يوليو الماضي ولم يتجاوز حينئذ 730 شخصا في غرب افريقيا. وينتقل المرض من خلال الاتصال المباشر بسوائل من جسم المريض. كشفت وكالة اسوشيتد برس للأنباء مسودة تقرير أعدته منظمة الصحة العالمية، تضمنت أخطاء خطيرة ارتكبتها المنظمة بوصفها الجهة الأولي المكلفة من قبل المجتمع الدولي في العمل علي التعامل مع تفشي المرض. ووجدت مسودة التقرير أن منظمة الصحة العالمية، وهي ذراع الأممالمتحدة، المسؤولة عن منع انتشار فيروس إيبولا، كانت غائبة بعد أن تم تشخيص الفيروس لأول مرة في ليبيريا وسيراليون وغينيا في مارس الماضي، والقي التقرير باللائمة علي عدة عوامل بما فيها الموظفون غير الأكفاء وتجلي نقص المعلومات الكافية عن الوباء. وقال التقرير ان خبراء المنظمة العالمية أخفقوا في وضع أساليب لاحتواء المرض المعدي لأنه في هذه الحالة لن تجدي الأساليب التقليدية في الحد من انتشار الفيروس بسبب إمكانية اختراق الحدود الدولية بين دول المنطقة المذكورة بسهولة وبالتالي نقل العدوي الي دول مجاورة جديدة. وذكرت مسودة التقرير ان جميع الجهات ذات الصلة فشلت في التنبؤ بمدي فداحة الوباء وسرعة انتشاره رغم المؤشرات التي كانت تدل بوضوح علي مدي هذه الخطورة. ويؤكد الدكتور بيتر بيوت، الذي شارك في اكتشاف فيروس الإيبولا، أن تعامل منظمة الصحة العالمية مع فيروس الايبولا لا يزال بطيئا جدا الي الآن. من ناحيتها رفضت منظمة الصحة العالمية التعقيب علي الوثيقة التي لم تصدر علنا لغاية الآن، واكتفت بما صرحت به مديرة المنظمة الدكتورة تشان خلال مقابلة صحفية. فقد قالت مارغريت تشان في حديث لوكالة بلومبيرج للانباء انها «لم تكن علي علم تام بتطور المرض. ولهذا فقد يكون رد فعل المنظمة غير مطابق لنطاق تفشي المرض والتعقيدات التي نجمت عن انتشاره». دافع مسؤول رفيع المستوي في الأممالمتحدة عن معالجة المنظمة الدولية لأزمة انتشار فيروس الإيبولا في غرب إفريقيا. وقال ديفيد نابارو منسق نظام معالجة الإيبولا في الأممالمتحدة لبي بي سي إن هناك خططا لتأمين 4 آلاف سرير طوارئ للمرضي بحلول الشهر القادم، مقارنة بثلاثمئة سرير كانت متوفرة في نهاية أغسطس الماضي. وأضاف أنه بالرغم من أن جهود المنظمة الدولية لم تؤد إلي تقليل حالات العدوي إلا أن تلك الجهود كان لها أثر، وأكد أن المنظمة تضع أسس «رد فعل قوي» علي الأزمة. يذكر أن الفيروس قتل حتي الآن 4546 شخصا حتي الآن في الدول المكوبة: غينيا وسيراليون وليبيريا، بينما سجلت 9191 حالة عدوي. وكانت منظمة «أطباء بلا حدود» قد حذرت في شهر إبريل الماضي من أن انتشار الفيروس خرج عن السيطرة، وهو ما رفضته منظمة الصحة العالمية في ذلك الوقت. وورد في تقرير منظمة الصحة العالمية أنه كان علي الخبراء أن يستنتجوا منذ البداية استحالة احتواء الفيروس بالوسائل التقليدية في منطقة النظام الصحي فيها فقير وغير متطور. هذا وقد أبدي رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم تشاؤمه إزاء انتشار وباء إيبولا وفشل المجتمع الدولي في مكافحته. وانتقد كيم في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الفرنسي «ضعف التضامن الدولي» لمواجهة الوباء الذي تسبب في وفاة 4555 شخص. قال رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم إن «العالم يخسر المعركة ضد إيبولا» نظرا لانعدام التضامن العالمي وعدم فهم التهديد الذي يمثله الوباء علي الاقتصاد العالمي. وعدم أدرك العالم ماهية خطر الانحدار المحتمل ليس فقط بالنسبة لاقتصاد غرب إفريقيا ولكن للاقتصاد العالمي. تأثرت الشركات العاملة في دول غرب أفريقيا التي ينتشر فيها مرض إيبولا بدرجات متفاوتة بالوباء بدءا بتراجع نشاطها إلي تعليق عدد من مشاريعها مرورا بفرض قيود علي سفر موظفيها، لكن التهديد الاقتصادي الأكبر يأتي حاليا من البورصات الأوروبية التي يمكن أن تصاب بالهلع. يؤثر انتشار الحمي النزفية الناجمة عن فيروس إيبولا علي أداء الشركات المنجمية والنفطية والزراعية العاملة في هذه البلدان وإن كانت لا تعترف بذلك علنا. ولا تريد إي شركة أن تواجه المصير الذي لقيته شركة لندن ماينينج البريطانية الصغيرة التي كان نشاطها يقتصر علي منجم الحديد في مارامبا في سيراليون. وقد تراجعت أسعار أسهمها خلال بضع ساعات الأسبوع الماضي في بورصة لندن إلي أقل من بنس واحد للسهم. رغم ذلك أكدت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاجارد أن التعبئة ضد فيروس إيبولا يجب ألا تؤدي إلي "تخويف" العالم عبر إدانة أفريقيا بأكملها، بينما قال وزير المال في سيراليون إن آثار انتشار هذا المرض تشبه تلك الناجمة عن "حظر اقتصادي". وأضافت لاغارد أن "هذه الدول الثلاث متضررة جدا ونحاول مساعدتها قدر الإمكان. الأمر الملح هو وقف (الوباء) واحتواؤه". وأكدت لاغارد ضرورة أن "تستمر الأعمال" في أنحاء القارة وأن "تواصل اقتصاديات الدول الأخري حركتها وخلق وظائف". وكانت المديرة العامة للصندوق دعت إلي وقف عزل الدول الأفريقية الثلاث. وقالت في مؤتمر صحفي "يجب عزل إيبولا وليس الدول".