كان الرئيس الراحل أنور السادات وتجاوبا مع تجربته الفريدة والعظيمة في تحرير أرض سيناء من الاحتلال الاسرائيلي يتمتع ببعد نظر يتسم بالحس الوطني غير العادي. انطلاقا من الشعور بالمسئولية تجاه الحفاظ علي الأمن الوطني وأمن سيناء بالذات التي ارتوت بدماء الشهداء وتضحياتهم من أجل استردادها واستعادة الكرامة والعزة التي ضاعت في حرب 7691.. جاءت تعليماته المشددة بعدم السماح بتملك أي أجنبي خاصة الاسرائيليين لهذه الأرض الطاهرة. كانت تعليماته صريحة في هذا المجال والتي كان تنفيذها ضمن مسئوليات أجهزة الأمن القومي. ورغم ذلك فقد أدت إغراءات المال لفئة مصرية من ضعاف النفوس إلي التحايل من أجل التصرف في الأراضي التي استحوذها بعض من لهم صلة بالاسرائيليين الذين كانت تقتلهم الحسرة لإجبارهم - بحرب أكتوبر المجيدة وباتفاقية السلام - علي الانسحاب من أرض سيناء. أنهم لم يمكنهم نسيان عشقهم لشواطئ هذه الأرض والتي تجذبهم لزيارتها بإعداد كبيرة وهو الأمر الذي شجع بعض عناصرهم علي ممارسة عمليات اللف والدوران من أجل أن تكون لهم استثمارات فيها بأي شكل من الأشكال. هذه الممارسات تم اكتشافها أما بالصدفة وإما بالرقابة والمتابعة وهو ما أدي إلي آثارة المشكلة علي الساحة الوطنية. وفي الآونة الأخيرة تصاعد الحديث بشأن هذه القضية وما تعاني منه من انفلات وعدم التزام بما طالب به الرئيس الراحل السادات وأكده في أكثر من مناسبة الرئيس حسني مبارك. الغريب أن نسمع هذه الأيام عن إعداد قانون جديد لمنع تملك الأجانب للأراضي في شبه جزيرة سيناء. ليس خافيا أن المعني بذلك بشكل أساسي في هذا القانون وبعد اكتشاف حالات التحايل المختلفة.. هم الإسرائيليين.. ويقضي القانون الجديد -لضمان استمرار امتلاك الأرض لمصر- بأن يكون الاستثمار في سيناء علي أساس حق الانتفاع فقط.. هذا الكلام يجعلنا نكتشف انه لم يكن هناك تشريع صريح يتضمن تنفيذ تعليمات الرئيس الراحل أنور السادات وهو ما يعد أمرا شديد الغرابة.. وقد حرص الدكتور أيمن الحناوي نائب الهيئة العامة للتخطيط العمراني علي أن يعلن ذلك خلال اجتماع المجلس القومي للخدمات التابع للمجالس المتخصصة. وفي هذا المجال أصبح ضروريا أن تتولي التصرف في أراضي سيناء أجهزة متخصصة بعيدة كل البعد عن هذه الأجهزة الحالية التي أدت ثغرات تعاملها إلي خطر تسرب الأرض إلي جهات ليس مرحب بها علي الاطلاق لدواعي الأمن القومي. أصبح ضروري أن يكون هناك مرفق وطني يضم ممثلين عن أجهزة يتسم أداؤها بالحس الأمني في إقرار المشروعات والتصرفات في هذه الأراضي. في هذا المجال فإن مسئولية أي أجهزة أخري يجب ان تقتصر علي النواحي الفنية بعد الحصول علي الضوء الأخضر من هذا المرفق الوطني. وليست أراضي سيناء المعنية بوضع الإجراءات والقيود للتصرف فيها حتي بالنسبة للمصريين.. وإنما وعلي ضوء ما يحدث من تجاوزات فإن المصلحة العامة تتطلب أن تكون هناك سياسة رشيدة للحفاظ علي أملاك الدولة من الأراضي. لم يعد مقبولا بأي حال استحواذ بعض الأفراد علي ملايين الأمتار من الأراضي يتم الحصول عليها بجنيهات قليلة ليتم المضاربة عليها لتحقيق أرباح بالمليارات. وقد ثبت ان السياسة المتبعة في التصرف في الأراضي الصالحة للبناء قد أدت انعكاساتها إلي ارتفاع أسعار أراضي البناء بصورة عشوائية مبالغ فيها كان من نتائجها تصاعد أسعار الإسكان واستفحال مشاكله وتداعياته الاجتماعية. وحتي نقيس حجم المشكلة فإن علينا اعداد دراسات ومقارنات عن اسعار متر أرض البناء خاصة في المدن الجديدة منذ ست سنوات وأسعارها الآن. ليس تجاوزا أن اقول ان هذه الاسعار قد زادت ستة أضعاف وأكثر من 51 ضعفا في بعض المناطق.. ليس مقبولا بأي حال تبرير ذلك بأن الدولة قد حصلت علي مليارات الجنيهات ثمنا للأراضي التي تم بيعها بأسعار خيالية للتجمعات السكنية. أن الذي يدفع هذه التكلفة المبالغ فيها - وبشكل أساسي في النهاية - هم المواطنين المصريين بمختلف فئاتهم التي من المفروض أن تكون الدولة في خدمتهم وتعمل علي تسهيل ظروف حياتهم.