ليس غريبا ان تري مريضا ممن سئموا الحياة وهربوا بعقولهم الي عالم اخر يفترش رصيفا في احد الشوارع او مكانا تحت احد الكباري يتخذه ملجأ او مسكنا يمارس فيه احواله وحتي قضاء حاجته، تشاهده كل يوم وربما لفترات طويلة تحت سمع وبصر الجهات »غير« المسئولة ومنظمات المجتمع »اللا« مدني التي من المفترض ان تكون راعية لابسط حقوق الانسان ولكن من الغريب ان تشاهد مريضا في عقده الخامس من عمره او اقل وقد تجرد من جميع ملابسه ليس علي جسده ما يستر عوراته كيوم ولدته امه، هائم علي وجهه يسير سيرا فطريا في احد شوارع القاهرة المهمة التي تكتظ بالمارة والاف السيارات.. يحمل في يديه اكياس مملوءة بمخلفات ويبحث في صناديق القمامة عله يجد ما يسد رمقه.. الكل ينظر اليه، كأن الامر لم يكن ليعني الناس شيئا، شعرت بالروعة والفزع والاسي في آن واحد، ما هذه القسوة، يبدو ان العاطفة الانسانية قد اهتزت واختلطت بأحوال كثيرة، تساءلت لماذا ضاق الناس ببعضهم؟ شيء محزن ان تري اخاك الانسان الذي كرمه الله وقال في حقه »وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَي كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً« وقد اعتراه الاضطراب النفسي ولاتجد من يهتم به وبما يقاسيه. هل عز الامر علي علاج هذا المسكين وامثاله؟ لماذا نغمض اعيننا ونصم آذاننا تجاههم؟ الي متي يظل هؤلاء يعيشون اسوأ معيشة؟ لا يجدون رعاية ولاحفظ كرامتهم او شفقة لظروفهم مع انهم اولي بها ونحن نهنأ بحياتنا لابد من الايقاظ العاطفي للنفس حتي يتماسك المجتمع بالتقاليد الفاضلة اسوة بالرسول الكريم عندما جاء رجل وسأله: يا رسول الله. اي الناس احب الي الله؟ فقال: »احب الناس الي الله انفعهم للناس«. علي محفوظ