هل هي محلك سر؟ أم أنها سر محلك؟ أعتقد لافرق بين الاثنتين، فكلا العبارتين تعنيان فعل أمر بالمستحيل، حيث يدرك جيدا أصحاب فعل الأمر الصادر، أنه علي الرغم من أنه فعل يدعو للحركة أو أنه قد يوحي بها، إلا أنه في حقيقته فعل انصياع ، حيث يلقون أمرهم الصارم، وينصرفون لتركيز جهودهم في البحث الشيطاني عن المزيد من أفعال الإذعان والابتزاز التي تضع المزيد من القيود علي حركة كل من وقعوا في دوائر نفوذهم المتجبر المتكبر دون أن يسمحوا لمتلقي الأمر باعتراض طريقهم أبدا، أو مزاحمتهم في ممراته، حيث يضمنون أن فعل الأمر هذا، إنما هو فعل مناور ومخادع وإن كان في الظاهر غير ذلك إذ يبدو لمن لايفهم لغة الحوار، أو يتغابي كي يدّعي عدم فهمه، أو يخاف من إعلانه عن فهمه الحقيقي له فيقر أنها لغة حركة، لا لغة تكبيل نفسي ومعنوي وجسدي، يصيب المأمور بكل أحاسيس العجز مجتمعة، مهما كانت الإرادة حاضرة! والحقيقة أن المشهد السياسي الفلسطيني، يجسد برؤية غير قابلة للشك أن هذا النوع من فرض الأمر الواقع ليس علي الفلسطينيين المنكوبين وحدهم، بل أيضا علي كل المنغمسين بالعمل معهم أو المراقبة لهم، أو حتي المكتفين بإظهار أحاسيس الشفقة والحسرة عليهم، إذ يدرك الجميع وهم يتابعون صدور أوامر الصهيوني المتلاعب بالجميع أنه لايمكن لأي إنسان قادر- فمابالك بفلسطيني محاصر- لايمكن له أن يحظي بفرصة الحركة في كلتا الحالتين (سر محلك) أو (محلك سر) أن يملك حرية الحركة.. اللهم إلا إن كان ما يُطلب منه التفافة دائرية ومخاطرة صعبة في سيرك السياسة، والذي يحسب علي السائرين علي الحبل من المغامرين فيه كل حركة انتحارية يقومون بها، فإن هلكوا فإن لاأحد سيبكي عليهم بل سيصمونهم بالجنون، أما إن نجوا فلن يحظوا إلا ببعض التصفيق من جانب المشاهدين الذين سرعان ماسينفضون لانشغالهم، فلايصير علي المغامرين بحثا عن لحظة بقاء سوي العودة مرة أخري للسير علي الحبال وحدهم ليشجعوا مشاهدين جدد من الهواة علي المجئ للاستمتاع بمشاهدة عروضهم وهم يمارسون ألعابهم الفردية النارية الخطيرة، ولكن دون أن ينغمسوا معهم في مخاطرها، ولايحرقون بها حتي أطراف أصابعهم، بينما هم يضعون حياتهم علي المحك،ويصارعون ببسالة نادرة من أجل لقمة العيش، من أجل تحديد لحظة مصيرية في حياتهم يحصلون بها علي فرصة للخروج من خيمة السيرك إلي فرصة الحياة الطبيعية الآمنة .. حياة يستحقونها شأنهم في ذلك شأن باقي المقيمين في ساحة الحياة وتحت سقف الأمن ووفقا لأحكام اتجاه دوران عقارب الزمن الطبيعي، لازمن الدوران عكس عقارب الساعة وإهدار وقت أصحاب الحقوق وسط تضليل دقات ساعات السحرة الأشرار والمشعوذين ومهرجي السيرك السياسي الفجار! مسك الكلام .. في الحوارالأمريكي مع الفلسطينيين محلك سر باللغة الأمريكية تعني (فاوض ولاتقلق) وفي الحوار الإسرائيلي معهم (فاوض ولاتنتظر) وفي الحوار العربي معهم (فاوض واحتسب)، أما في الحوار الفلسطيني الفلسطيني (فاوض ولا تتعلم). [email protected]