رئيس جامعة قناة السويس يتفقد سير امتحانات الميدترم بكلية الحاسبات والمعلومات    جامعة أسيوط تختتم فعاليات مهرجان "نغم الثالث" لاكتشاف المواهب الطلابية وتكرم الفائزين    تكريم رئيس البورصة المصرية في الملتقى السنوي السابع للتأمين وإعادة التأمين    9 نوفمبر 2025.. البورصة تقفز وتحقق مستوى تاريخي جديد    خبيران: الارتفاعات القياسية للبورصة تشجع على انطلاق الطروحات العامة والخاصة    مكتب نتنياهو يعلن تسلم رفات الجندي الإسرائيلي هدار جولدن من الصليب الأحمر في غزة    محاضرة فنية أخيرة من عبد الرؤوف للاعبي الزمالك قبل مواجهة الأهلي في السوبر    تموين الإسماعيلية يضبط 2 طن ونصف دقيق بلدي مدعم بأحد المخابز بهدف التربح والبيع بالسوق السوداء    توقيع مذكرة تفاهم بين التعليم العالي والتضامن ومستشفى شفاء الأورمان لتعزيز التعاون في صعيد مصر    انطلاق فعاليات اختبارات الائمه لمرافقة بعثة الحج بمديرية أوقاف المنوفية    استمرار التصويت الخاص بانتخابات البرلمان العراقى    زلزال قوي يضرب الساحل الشمالي لليابان وتحذير من تسونامي    البابا تواضروس يترأس صلوات تدشين كنيسة العذراء في أكتوبر    بمشاركة نخبة من الخبراء.. منتدى مصر للإعلام يناقش تحديات ومستقبل الإعلام في يومه الثاني    الداخلية تكشف حقيقة فيديو ادعاء سرقة هاتف بالجيزة    ضبط تشكيل عصابي لتهريب المخدرات بقيمة 105 مليون جنيه بأسوان    هيئة المتحف المصري الكبير تكشف وسائل وطرق حجز تذاكر دخول قاعات العرض    حفل أسطوري .. أحمد سعد يتألق على مسرح "يايلا أرينا" بألمانيا    مهرجان القاهرة يعلن عن القائمة النهائية للبانوراما المصرية خارج المسابقة    جناح بيت الحكمة فى الشارقة الدولي للكتاب يعرض مخطوطات نادرة لأول مرة    خلال منتدى مصر للإعلام.. يوسف الأستاذ: الحرب الحقيقية بدأت في غزة بعد وقف إطلاق النار لإعادة الإعمار    وزير الصحة يبحث مع ممثلي شركة ميريت توطين صناعة المستلزمات الطبية في مصر    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى نحو مليون و151 ألف فرد منذ بداية الحرب    استلام 790 شجرة تمهيداً لزراعتها بمختلف مراكز ومدن الشرقية    امتحانات الشهادة الإعدادية للترم الأول وموعد تسجيل استمارة البيانات    استخرج تصاريح العمل خلال 60 دقيقة عبر "VIP إكسبريس".. انفوجراف    ما حكم الخروج من الصلاة للذهاب إلى الحمام؟ (الإفتاء تفسر)    عاجل- مئات المتظاهرين العرب يحتجون أمام مكتب نتنياهو بسبب موجة العنف في المجتمع العربي    القاهرة تحتضن منتدى مصر للإعلام بمشاركة نخبة من الخبراء    تركتهم في الشارع، النيابة تتدخل لإنقاذ ثلاثة أطفال من إهمال الأم في الزقازيق    «صرف الإسكندرية»: فرق طوارئ ومتابعة ميدانية استعدادًا لانتخابات مجلس النواب    «زي كولر».. شوبير يعلق على أسلوب توروب مع الأهلي قبل قمة الزمالك    «أكبر خيانة».. ما هي الأبراج التي تكره الكذب بشدة؟    أهم 10 معلومات عن حفل The Grand Ball الملكي بعد إقامته في قصر عابدين    تعليم القليوبية تحيل واقعة تعدي عاملة على معلمة بالخصوص لتحقيق    صرف تكافل وكرامة لشهر نوفمبر 2025.. اعرف هتقبض امتى    وجبات خفيفة صحية، تمنح الشبع بدون زيادة الوزن    تأجيل محاكمة 10 متهمين بخلية التجمع لجلسة 29 ديسمبر    الأوقاف توضح ديانة المصريين القدماء: فيهم أنبياء ومؤمنون وليسوا عبدة أوثان    «سكك حديد مصر» تشارك في نقل القضاة المشرفين على انتخابات النواب    بين السياسة والرياضة.. أحمد الشرع يثير الجدل بلقطة غير متوقعة مع قائد أمريكي (فيديو)    «كفاية كوباية قهوة وشاي واحدة».. مشروبات ممنوعة لمرضى ضغط الدم    نهائي السوبر وقمة الدوري الإنجليزي.. تعرف على أهم مباريات اليوم    مئات المستوطنين يقتحمون باحات المسجد الأقصى والاحتلال يواصل الاعتقالات في الضفة الغربية    تشييع جنازة مصطفى نصر عصر اليوم من مسجد السلطان بالإسكندرية    قافلة «زاد العزة» ال 68 تدخل إلى الفلسطينيين بقطاع غزة    التشكيل المتوقع للزمالك أمام الأهلي في نهائي السوبر    أمين الفتوى: الصلاة بملابس البيت صحيحة بشرط ستر الجسد وعدم الشفافية    على خطى النبي.. رحلة روحانية تمتد من مكة إلى المدينة لإحياء معاني الهجرة    الزمالك كعبه عالي على بيراميدز وعبدالرؤوف نجح في دعم لاعبيه نفسيًا    طولان: محمد عبد الله في قائمة منتخب مصر الأولية لكأس العرب    «لعبت 3 مباريات».. شوبير يوجه رسالة لناصر ماهر بعد استبعاده من منتخب مصر    معلومات الوزراء : 70.8% من المصريين تابعوا افتتاح المتحف الكبير عبر التليفزيون    قبل بدء التصويت في انتخابات مجلس النواب 2025.. تعرف على لجنتك الانتخابية بالخطوات    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    بعد مسلسل كارثة طبيعية، ما مدى أمان الحمل بسبعة توائم على الأم والأجنة؟    «الكلام اللي قولته يجهلنا.. هي دي ثقافتك؟».. أحمد بلال يفتح النار على خالد الغندور    حبس وغرامة.. نقيب الأطباء يكشف عقوبة التجاوز والتعدي على الطبيب في القانون الجديد (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات الأخبار
هاتف المغرب
نشر في الأخبار يوم 25 - 03 - 2014


جمال الغيطانى
عرفت المغرب طفلا في جهينة، والقاهرة القديمة، ثم عرفته عن قرب أول زيارة عام تسعة وسبعين، عدت بثقافته معي وماتزال..
قبل سفره إلي المغرب لبدء مهمته كسفير لمصر اتصل بي ليسألني عن امكانية الحضور إلي القطر العربي الشقيق لإلقاء محاضرة ترك لي حرية اختيار موضوعها. جري ذلك في ديسمبر الماضي، قلت للسفير ايهاب جمال الدين انني سوف اشارك في مؤتمر أدبي فرنسي دولي يعقد لأول مرة خارج فرنسا ويحضره ادباء من مختلف انحاءالعالم، سيكون ذلك في بداية مارس يمكنني أن أمد إقامتي ثلاثة أيام للمشاركة في نشاط ثقافي تنظمه السفارة المصرية، مما أذكره خلال المكالمة حديث السفير عن الثقافة باعتبارها المدخل الرئيسي للعلاقات المصرية -المغربية، ايقنت أن الرجل وضع يده علي النغمة الصحيحة، فيما تلا ذلك تعددت اتصالاتنا خاصة بعد تسلمه مهامه في المغرب، علمت ان لقاء جري بين الدكتور محمد صابر عرب والسفير خلال سفر الاول إلي نواكشوط عاصمة موريتانيا، وانه تم الاتفاق علي ان تبدأ الايام الثقافية المصرية في التاسع من مارس، أي في نفس اليوم الذي ينتهي فيه المؤتمر الفرنسي، في اليوم الأول لوصولي توجهت إلي السفارة المصرية التي تقع علي بعدخطوات من الفندق الذي اقيم فيه، صحبني المستشار الثقافي الدكتور محمد بركات وقد التقيت به من قبل في جامعة الفيوم التي كان يشغل نائب رئيسها، تأثرت جدا بشخص السفير ايهاب واعتباره الثقافة مدخلا رئيسيا إلي المغرب، تطابق هذا مع وجهة نظري والتي تجسدت في الرؤية التي حكمت اخبار الادب والتي وضعتها مع زملائي عند تأسيس الجريدة وخلال سبعة عشر عاما من العمل المتواصل الشاق، اصبحت اخبار الادب الجسر الرئيسي للثقافتين المصرية والمغربية وهذا حديث يطول عند التطرق إلي تفاصيله، لأسباب أجهلها تم تأجيل الايام الثقافية المصرية، اقتصر الأمر علي النشاط الذي سأقوم به، محاضرة في المكتبة الوطنية العريقة في مبناها الجديد الجميل، وقد زرتها في مقرها القديم عندما كان يرأسها الصديق العزيز الدكتور احمد التوفيق وتربطني به صلة عميقة أعتز بها، وهو من اساتذة المغرب البارزين في مجال الادب وتحقيق التراث، له كتاب هام حققه في الثمانينات وقد اشرت اليه كثيرا وطبعته في الذخائر، السلسلة التي أسستها في هيئة قصور الثقافة، الكتاب هو «التشوف إلي اهل التصوف للتادلي» ويعتبر من المفاتيح الهامة لفهم المغرب ثقافيا وروحيا، ومن تحقيقه أيضا كتاب صغير الحجم عالي القيمة عنوانه «مواهب ذي الجلال في نوازل البلاد السائبة والجبال» للفقيه محمد بن عبدالله الكيكي «توفي 1185ه» وسوف اعود اليه بالتقديم لأنه رؤية فقهية لاضرار الفتن والفوضي.
صلات خاصة
تحدث السفير ايهاب جمال الدين في البداية واصفا الجلسة بانها في حد ذاتها تجسيد للعلاقات المصرية- المغربية التي تعود إلي تاريخ بعيد، وهذا يتطلب تطوير الصلات والسعي من أجل نموها خاصة انها علاقات نقية، محورها الاساسي ثقافي بالمعني العميق، وقال إن مصر تمر بمرحلة عصيبة حيث يسعي المصريون إلي الحفاظ علي هويتهم وللمغرب تجربة هامة في الحفاظ علي الهوية الانسانية والثقافية وتعميق العلاقة سيساعدنا في هذا الاتجاه.
ثم تحدث الدكتور احمد التوفيق، قدم شخصي بمااخجل من ذكره، وأشار إلي خصوصية تكويني الثقافي وعلاقتي بالمغرب، اما عن العلاقة بين البلدين فهي اعمق صلة بين بلدين، كل منهما يتميز بموقع حاكم بالنسبة للجغرافيا، خاصة عند مدخل البحر الابيض، نشأت الزراعة في كليهما حول الانهار، خاصة النيل الخالد، كما انها تستقر في مرجعية الوعي واللاوعي، واشار إلي جمعية مغربية تعمل علي تطوير هذه العلاقة وسوف تتسع جهودها في المرحلة المقبلة، وسبق للجمعية عقد ندوة علمية في مدينة سلا واخري في القاهرة حول العلاقات شارك فيها عدد من الباحثين والمفكرين وصدرت اعمالهم في كتابين، وقال إنه نشأ في الجبل من اسرة فلاحية، وكثيرا ما تأمل الاطلسي ودروبه وتخيل الملك بويا الثاني بصحبة زوجته قمر ابنة كيلوباترا وكانت مشغولة بالابحاث الطبية، غير ان العلاقة تعود إلي اقدم من ذلك، كان للمغاربة دور في مصر عبر الرحلات والهجرات، وكان لمصر دور رئيسي في فتح المغرب الاسلامي، وتوقف عند دور رئيس المخابرات المصري في القرن الثاني الهجري عندما تستر علي مولاي ادريس وكان لهذا تأثيره بعيد المدي علي تاريخ المغرب، دعمت مصر دولة المرابطين التي قامت علي مشروعية الفقهاء وتوقف عند عهد الموحدين فالمتصوف الكبير الشاذلي اسمه الدقيق علي الغماري نسبة إلي غمارة وكان له دور كبير في تجديد الحركة الصوفية، كذلك السيد احمد البدوي، وقال ان المغفور له محمد الخامس زار مصر وحضر اطلاق شرارة البناء للسد العالي وعندما سار المرحوم الحسن الثاني إلي مصر رافق الرئيس جمال عبدالناصر لزيارة السد وتحدث عن مغاربة عديدين حلوا في قلوب المصريين، وتوقف عند الاصول المغربية للشيخ احمد الطيب الحساني الإمام الاكبر الآن، اكد علي ضرورة احياء العلاقات العميقة القديمة.
مدخل شخصي
رغم انني أعددت نصا يتكون من عشرين ورقة إلاانني لم اقرأه، القراءة توجد حاجزا بين المحاضر والمتلقي، لا ينطبق ذلك علي الشعر والقصة أي النصوص الابداعية، ثم ان حميمية المناخ ورؤيتي وجوها قريبة اعرفها وحرارة وعمق ما القاه الدكتور احمد التوفيق، اسباب جعلتني أقدر الحديث التلقائي، امامي فوق المنضدة الاوراق المكتوبة، تمنحني نوعا من السند غير المباشر رغم انني لم المسها طوال حديثي الذي استغرق اكثر من ساعة، قلت إن المداخل بالنسبة لي إلي المغرب عديدة لكنني سأمزج بين الشخصي والموضوعي، بدأت علاقتي بالمغرب قبل أن أفد اليه أول مرة عام 1979، في «جهينة» مسقط رأسي، البلدة الجميلة الهادئة، الواقعة عند حدود الزراعة وبداية الصحراء، اذكر ظهور اثنين من المغاربة فجأة، مظهرهم مميز، جلباب يتصل به برنس ليغطي الرأس ويعرف بالسلهاب في المغرب، علي الكتف الايمن علبة معدنية مطلية بالفضة تحوي نسخة قد تكون مخطوطة او مطبوعةمن دلائل الخيرات التي نظمها الامام الجزولي دفين مراكش أحد الرجال السبعة الذين يحيطون بمراكش وقد قدر لي في تسعينات القرن الماضي أن ازورهم جميعا وانا اقتفي اثر الدكتور احمد الطيب «الامام الاكبر الآن» وكان استاذا في كلية اصول الدين وقتئذ، كنت الهث وراءه فقد قام بالزيارة سيرا علي الاقدام ومراكش مدينة كبيرة والسبعة رجال حماتها يرقدون حولها، وهم سيدي يوسف بن علي، القاضي عياض، ابوالعباس السبتي، سيدي الجزولي، سيدي عبدالعزيز التباع، سيدي عبدالله الغزواني، سيدي الامام السهيلي، الزيارة يجب أن تتم وفقا لهذا الترتيب، كان الجو حارا، والطاقة محدودة، وعندما قلت للدكتور احمد الطيب اننا يمكن استخدام السيارة، قال لي بهدوء ان للزيارة آدابا، منها الاتجاه اليهم سيرا علي الاقدام والتمهل عند الاقتراب والقاء السلام، علمني ذلك، وفيما بعد صرت أتردد في كل زيارة علي اثنين ارتبطت بهما روحيا، الامام السبتي وفي ضريحه الجميل يجيئ ابناء مراكش من الحرفيين والمتقاعدين، من الاثرياء والفقراء، يبدأون الحضرة في التاسعة صباحا، حيث يبدأ انشاد القصائد والمدائح وكلها نصوص اندلسية الأصل، الجميع يحفظون عن ظهر قلب الكلمات والايقاع، لايوجد متخصص واحد الا الاستاذ محمد عزالدين الموسيقي المعروف، وأحد اعضاء الجوق الملكي وقد قاده ليلة افتتاح مسجد الحسن الثاني الذي قدر لي ان أحضره، تتصاعد انغام الحضرة حتي تبلغ الذروة قبل صلاة الجمعة، لقد كتبت وصفا دقيقا للحضرة الصوفية التي تعقد بجوار ضريح سيدي ابوالعباس السبتي في جريدة اخبار الادب، قرأه اصدقاء مغاربة وقالوا لي بدهشة: لقد عرفنا هذا الطقس منك.
اعود إلي رؤيتي المغاربة في جهينة، كانوا يجيئون عبر الصحراء مشيا علي الأقدام، فكلما زادت المشقة عظم الثواب، كانوا يتلقون واجب الضيافة وقدره ثلاثة ايام في صباح اليوم الرابع يسأل القوم: من انت والي اين مقصدك ومن اين جئت؟ طبعا كانت الايام آمنة، لا ارهاب فيها، وكان طريق الحج نشطا من اقصي المغرب إلي الكعبة واهم محطة فيه مصر، سوف افصل الحديث عنه.
رأيت المغاربة في القاهرة القديمة، كانوا يطوفون بزيهم المميز، يحمل كل منهم كتابا مخطوطا وينادي «افتح الكتاب»، في مصر ينظر الناس إلي القادم من بعيد بقداسة وفي الساحل الشمالي ضريح لاحد الصوفية يلخص اسمه الظاهرة التي أعنيها، اسمه «سيدي براني»، عرف المغاربة باتقان السحر والقدرة علي التنبؤ بالغيب، واذا وضعنا في الاعتبار تقديس القادم من بعيد ستفهم ما لايعرفه كثيرون، إن جميع اقطاب الصوفية في مصر اصولهم مغاربة- اندلسية، وانني اعتبر الاندلس جزءا من المغرب، من فتحها مغاربة، واصول الدول التي قامت بها سواء- الموحدين او المرابطين- مغربية، وبعد انهيار الحضارة العربية وخروج المسلمين واليهود معا من الاندلس، أو اهم المغرب، وفر لهم الحماية والاهم أنه صان الحضارة التي عاشت في الاندلس ثمانية قرون، في العمارة، في الثقافة، في الموسيقي، في الطعام، في الزي، في شمال المغرب حيث طنجة وتطوان وشوفشاون والاخيرة من اجمل المدن التي عرفتها في ترحالي، معلقة، اندلسية التصميم، مازال اهل هذه المدن ذوو الاصول الاندلسية يعلقون مفاتيح بيوتهم في الاندلس علي امل العودة، ليت الفلسطينيين يقتدون بذلك بعد أن دمرت حماس القضية وحولتها من اسسها الوطنية إلي قضية دينية لاتعرف ارضا و لا حدودا، وسيلة للوصول إلي سلطة وهمية.
في العمارة احتفظ المغرب بالارث الاندلسي، ثم الحفاظ علي المدن القديمة وصيانتها، والبناء الحديث علي مسافة كما نجد في فاس ومراكش وشوفشاون ومكناس وغيرها، في الاندلس يزور الملايين قصر الحمراء في غرناطة، اعرف بيوتا تسكنها اسر مغربية متوسطة اجمل من الحمراء، فما البال بالقصور الملكية التي أتيح لي أن أري منها قصر الباهية بمراكش، وقد ابرز ما فيها المهندس المعماري الفرنسي اندريه باكار، الذي وضع كتابا موسوعيا ضخما عن قصور المغرب والحرف التقليدية فيه اقتنيته في الثمانينات في ترجمة العربية، وهذا كتاب افتح صفحاته الحافلة بالاشكال الجميلة للزخرفة المعمارية في الجص والخشب والزليج «السيراميك» لأريح بصري بعد اجهاد من القراءة والكتابة.
في الموسيقي حفظ لنا المغرب احدي عشرة نوبة ماتزال تؤدي حتي الآن، ليس باعتبارها تراثا منفصلا نرتدي رباط العنق والملابس الكاملة لنذهب إلي الاوبرا لنسمعه، إنه ميراث حي في حياة المغاربة، ومن التجارب الروحية الرائعة استماعي إلي نوبة العشاق كاملة -سبع ساعات- تحت مئذنة الكتبية في مراكش، وتلك توأم مئذنة مسجد اشبيلية المعروفة الآن بالخيرالدة، وقد تحول المسجد إلي كنيسة واصبحت المئذنة برجا، كل مقطع من النوبة يوازي نوبة، والاخيرة تنتهي عند شروق الشمس، عشت ذلك في مراكش، لكنني عرفت قادة الفرق الموسيقية الاندلسية الكبري شخصيا، واشهرهم الحاج عبدالكريم الريس الذي أسس جوق البريهي في فاس، واستمعت اليه في مدن مغربية عديدة وفي باريس، واعلق صورته في بيتي، مازلت اذكر قيادته للجوق وجلوسه في وسطه، أجمل قيادة رأيتها، تتم بالاشارات الخفية، كان حضوره رائعا، استمر الجوق بعد وفاته بقيادة زميله وتلميذه محمد بريول، عرفت سيدي احمد الوكيلي «بعد المحاضرة تقدم مني ابنه واهداني كتابا قيما عنه» وايضا محمد التمسماني الذي اختلفت معه لادخاله البيانو إلي الجوق، في رأيي ان التراث يجب ان يقدم كما هو، لقد التقيت الرجل في دار محمد الدباغ رئيس بلدية فاس وهو صديق قديم استضاف ندوة الرواية العربية عام تسعة وسبعين التي نظمها اتحاد كتاب المغرب برئاسة الدكتور الروائي محمد برادة وهذا الانسان الرائع له فضل لا ينكر في فتح المغرب امام المثقفين المشارقة وانا منهم، احتفظ في مكتبتي. بتسجيلات نادرة للموسيقي المغربية، لصادق الشقارة الذي استطيع ان المح في ادائه تأثير الفلامنكو الاسباني والعكس صحيح، ولفن الملحون خاصة ما انشده حسن التولالي واحتفظ بنصوص هذه الاشعار التي اصدرتها الاكاديمية المغربية في ستة اجزاء ضخمة، ومن المحدثين اهيم باغاني فرقة «الناس الفيوان» وقد عرفني عليهم شخصيا الصديق محمد برادة، ترحال الموسيقي من الاندلس إلي المشرق يستحق وقفة خاصة، المطبخ المغربي امتداد للاندلسي، ولديّ كتاب نادر حققه العلامة الكبير عباس اللبناني، الكتاب للتيفاشي اسمه «فضالة الخوان في اطايب الطعام». المطبخ المغربي من المطابخ العالمية الآن، والكسكسي أشهر طبق في باريس خاصة وفرنسا عموما، حفظ المجاهدون المغاربة بلاد شمال افريقيا من السقوط في قبضة البرتغاليين، خاصة بعد موقعة وادي المخازن في القرن السابع عشر. المغرب بفنونه وثقافته ركن ركين من تكويني الروحي، عرفت المغرب طفلا وشابا، كان ركب الحج من اهم شرايين الاتصال بمصر، استمر حتي قيام ثورة الفاتح في ليبيا والغريب ان شعاراتها كانت قومية لكنها قطعت الطريق التاريخي الذي استمر اربعة عشر قرنا، طريق الحج، لقد جئت إلي المغرب اول مرة عام 1979، وعدت اليه كثيرا لكن أهم ما قمت به انني صحبت ثقافته معي، الموسيقي، العمارة، التاريخ، المؤلفات، وهنا يطول الحديث، غير أنني اتوقف عند ركب الحج واهميته فهو مفتاح الصلة مع المغرب.
مرقد عبدالمنعم رياض
اثار الزميل أسامة شلش مدير تحرير الأخبار وضع مقبرة الشهيد الفريق عبدالمنعم رياض، تقع المقبرة بمنطقة البساتين علي الأوتوستراد، مقبرة أسرية أمر بها طوال الأعوام الماضية منذ استشهاده، اقرأ الفاتحة علي روحه الطاهرةازداد الحال سوءا في السنوات الأخيرة وهال الأمر الأخ أسامة بعد أن رأي تلال القمامة ومخلفات المباني حولها، الحقيقة أنني أتابع الوضع منذ استشهاده، ابدي الجيش استعداده لدفنه في مقابر الشهداء بقايتباي، مع ابطال الجيش المصري. غير أن الأسرة لم تقبل وآثرت دفنه في مقبرة العائلة، وانني أناشد افرادها قبول نقل رفاته ليدفن بين شهداء حروب مصر. بل إنني اقترح دفن القادة الكبار في هذه المقبرة الجميلة التي أصبحت مزارا وطنيا واذا لم تقبل الأسرة فادعو الدولة كلها للاهتمام بمدفنه كمزار يليق به كبطل. عبدالمنعم رياض شهيد الوطن والإنسانية من النادر أن يستشهد قائد جيش في الخط الأمامي ثم يترك مدفنه علي هذا الوضع الذي استفز أسامة شلش.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.