شيخ الازهر خلال مشاركته فى منتدى تعزىز السلم بالإمارات اختلفت الأسباب ولكن النتيجة واحدة .. تنوعت الاجتهادات ولكن الشعور بأن الأمة الإسلامية في خطر لم يفارق أيا من المشاركين في المنتدي الذي استضافته أبو ظبي أوائل هذا الأسبوع ودار حول تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة وهم بالعشرات من كل دول العالم وفي مقدمتهم فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور احمد الطيب والمفتي الأسبق والحالي ورموز إسلامية عديدة وسط اهتمام واضح بالمنتدي من قيادة دولة الإمارات حيث تم تحت رعاية الشيخ عبد الله بن زايد وزير الخارجية كما حرص الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي علي اللقاء بالمشاركين فكل المؤشرات تؤكد أن هناك أزمة حقيقية تواجه ليس فقط الإسلام الذي يتعرض لحملة تشويه مخططة ومنظمة للوصول إلي تصنيفه دينا للإرهاب ولكن الخطر يحيق أيضاً بديار المسلمين فلم يعد هناك دولة واحدة لا تعاني من خلافات أو مشاكل داخلية والغريب أن ذلك بفعل بعض أبنائه ومن جلدتنا الذين يمارسون الإرهاب تحت مسمي الجهاد ويفتون بغير علم. وقد أشارت أوراق المؤتمر إلي وجود خمسة أبعاد للتحديات التي تواجه الأمة الإسلامية النوعي المتمثل في درجة العنف غير المسبوق الذي لم يستثني أي نوع من الأسلحة بما في ذلك أسلحة الدمار الشامل الذي يستخدمه أبناء الوطن الواحد بعضهم ضد بعض والبعد المكاني المتمثل في الاتساع والانتشار الذي شمل رقعة واسعة من البلاد العربية والإسلامية والمرشح لمناطق أخري والبعد الزمني بعد أن أصبح استمرار النزاعات وديمومتها وكأنها أمر معتاد والبعد النفسي والفكري حيث أفرزت هذه الفتنة التي يعيشها العالم الإسلامي أشد الأفكار تطرفا وأكثر الفتاوي شذوذا وأشد الآراء تعصبا وتكريما والبعد الدولي هو الأخير حيث يكاد دين الرحمة والرشد أن يتم تصنيفه علي انه " دين إرهاب " ووصل الأمر أن يطالب بعض المتطرفين بمحاكمة الإسلام وأهله تحت البند السابع من ميثاق الأممالمتحدة. وكان المنتدي قد ناقش العديد من أوراق العمل تحت أربعة محاور الأول القيم الإنسانية والعيش المشترك وتضمن المحور تدبير الاختلاف وثقافة الحوار وآليات التعاطي مع المواثيق الدولية في مجال حقوق الإنسان والثاني دار حول تصحيح المفاهيم وتضمن الطاعة بين الإثبات والنفي مفهوما ومقصد والدوافع الرائجة للتكفير مثل الولاء والبراء وعدم تطبيق الحدود والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الوجوب إلي الحظر والجهاد المفهوم والضوابط والمحور الثالث اهتم بقضية الفتوي في زمن الفتن من خلال شروط الفتوي وضوابطها وصفات المفتي ومؤهلاته والفرق بين فتوي الأفراد وفتوي الأمة ومسئولية المفتي والداعية ومناهج إعداد العلماء لتمكينهم من الأضلاع بمهمة الفتوي أما المحور الرابع فقد دار حول قضية إسهام الإسلام في السلم العالمي من خلال المعاهدات والاتفاقيات الدولية في الإسلام والإسلام وحرية التدين والعبادة ودور العلماء والإعلام في تعزيز السلم والمسلمون والسلم العالمي. وتنوعت الاجتهادات والرؤي في معالجة تلك الأزمة خاصة كما قال الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي أن الصورة التي تظهر في أماكن مختلفة من عالمنا الإسلامي لا تليق بدين السماحة ومبادئه السامية في العدل والرحمة والإحسان والعيش المشترك ومراعاة الحقوق الإنسانية في الحياة والكرامة والمساواة والاحترام بغض النظر عن العرق أو اللون أو الجنس أو الدين وحدد الشيخ عبد الله بن زايد راعي المؤتمر أسباب الأزمة الحالية في غياب صوت العقل وانحسار مبدأ الاختلاف وتصدر أشباه العلماء لمواقع العلماء ولمواقع الريادة ومنابر الفتوي ومن هنا تظهر ضرورة عودة علماء الدين المشهود لهم بالعلم والفضل والوعي بمقتضيات العصر وتغيرات الزمن خاصة ان المتغيرات الحضارية كما قال الشيخ عبد الله تقتضي إعادة النظر وتجديد الخطاب الديني وطالب الشيخ محمد العلماء ببذل المزيد من الجهد لتصحيح المفاهيم المغلوطة وتبصير الناس بمسؤولياتهم الدينية والاجتماعية وتفنيد الفتاوي ووضعها في إطارها الصحيح ومن جهته أشار الإمام الأكبر شيخ الأزهر إلي البعد الخارجي في المأساة بعيدا عن نظرية المؤامرة وقال إن الحضارات الكبري المعاصرة الآن لا تجد بأسا إذا اوعزتها أسباب الفتن والحروب أن تخترع لها عدوا وتدير عليه الحرب وتنقل له بؤر التوتر والعدوان والقتال بعيدا عن أراضيها وهذا السلوك تتخذه بعض الكيانات السياسية المعاصرة وأضاف إننا نري الأممالمتحدة غير قادرة علي منع العدوان بين الدول وفرض الاستقرار والسلم بين ربوع العالم كما أن القوي الكبري لازالت تمنح السلام وتمنعه حسب أهوائها ومصالحها ونظام الهيمنة ومن جهته دعا العلامة الشيخ عبدا لله بن بيه رئيس المؤتمر الي ضرورة حل إنهاء الالتباس في المفاهيم وفك الارتباط بين خطاب التكليف وخطاب الوضع وتحديد العلاقة بين الوسائل والمقاصد مع منازلة أحياء القيم الأربعة التي تقوم عليها الشريعة الإسلامية وهي الحكمة والعدل والرحمة والمصلحة. ولعل البيان الختامي للمنتدي حدد آليات الخروج من الأزمة ومنها تصحيح الصورة النمطية التي تحصر الدين الإسلامي في الوازع العقابي وبث قيم الوئام بين الشباب ودعوتهم إلي الانخراط الفعلي في نشر ثقافة السلام وبلورة مقومات خطاب ديني يناسب احتياجاتهم والاهم هو الاتفاق علي إنشاء مجلس لعلماء المسلمين من كبار الشخصيات والذين شاركوا في المنتدي حيث سيتم الإعداد التنظيمي له خلال الأشهر القادمة ليتم إعلانه قريبا ويبدو أن هذا التوجه يسير باتجاه محاصرة اتحاد علماء المسلمين خاصة ان هناك تحفظات شديدة علي مواقفه وممارساته الأخيرة علي ضوء رئاسة الشيخ يوسف القرضاوي والاتجاه يسير إلي أن يكون الشيخ عبد الله بن بيه رئيس المؤتمر هو من يرأس المجلس الجديد.