يعيش المرء لحظات من الزهو والافتخار لانتصار ما تحقق وتزداد حالة الفرح والنشوة اذا كان هذا الانتصار تحقق من خلال العمل من خلال مباديء الادارة الاستراتيجية والتي في مقدمتها المبدأ الاداري الأول التفكير خارج المألوف والذي اصطلح علي تسميته التفكير خارج الصندوق، والمبدأ الإداري الثاني القائم علي مقولة فكر كبيرا تصبح كبيرا والذي يعبر عنه احيانا بمقولة السماء هي السقف للاماني والأحلام والتمنيات. والمبدأ الإداري الثالث القائم علي المقولة العربية التقليدية لكل مجتهد نصيب. والمبدأ الرابع هو اتاحة الفرصة للجيل الجديد من الشباب لأخذ نصيبه من القيادة الادارية في العديد من المواقع باعتباره الطاقة الخلاقة والجريئة والمبدعة و القادرة علي قيادة التغيير والتعبير عن الطموحات. والمبدأ الخامس التخلص من الروتين وقد عشت التجربة شخصيا عندما دعيت للمشاركة في برنامج لقناة الجزيرة منذ بضع سنين وبحثث عن سفارة قطر للحصول علي تأشيرة دخول فقيل لي لاتوجد تأشيرة لك اذ ان قطر تمنح التأشيرة في المطار لشخصيات وفئات من الخبراء والمتعلمين من فئات عديدة بلا قيود أو عوائق روتينية، ولم اصدق وذهبت لشركة الطيران القطرية فقالوا لي نفس الشيء ولم اصدق، وذهبت للمطار وأنا اشعر بالقلق، ونزلت المطار ووجدت ان ما قيل لي يعبر عن الحقيقة ولاشيء غيرها، فسعدت بذلك وسررت ووجدت مضيفي في انتظاري بسيارة فاخرة وأخذني إلي مبني قناة الجزيرة وبعد انتهاء البرنامج الذي شاركت فيه اخذني للفندق وهكذا المبدأ الخامس للإدارة الإستراتيجية التي تعيش نبض التطور والتقدم وتحرص علي اجتذاب الكفاءات والخبرات والعلماء والباحثين للمشاركة في عملية البناء والتطور بلا قيود روتينية. ولذلك عندما حصلت قطر علي الفوز المستحق بتنظيم كاس العالم لم يساروني اي شك في قدرة قطر علي تنظيم ناجح لهذه المناسبة العالمية التي ستضع قطر مجددا علي الخريطة العالمية بل ستضع الشروق الاوسط علي خريطة في مكان متميزة ذات سمعة طيبة بعد أن عانت المنطقة وبالذات العالم العربي من السمعة السيئة ووصفنا بالارهاب والتخلف والتفكير في الموت بدلا من البناء من اجل الحياة. هذه المباديء الخمسة هي التي تحكم الفكر المعاصر للقيادة القطرية، وهي التي أدت بقطر لانشاء قناة الجزيرة، والتي ادت بقطر لبناء إنشاءات عملاقة اثارت التساؤل من قبل البعض كيف ستستخدم قطر كل هذه الانشاءات والعمارات العملاقة والمباني الكبيرة الفاخرة؟ وهي التي ادت بقطر إلي دعوة العديد من مراكز الابحاث الدولية والجامعات العريقة لفتح مراكز أو فروع لها في الدوحة، وهي التي ادت بقطر لعقد عشرات المؤتمرات الدولية التي تتناول العديد من القضايا مثل حقوق الانسان والديمقراطية والاقتصاد والسياسة والاجتماع والتسامح الديني والحرية الدينية وغير ذلك من القضايا التي تزخر بها الاجندة الدولية في القرن الحادي والعشرين. ولقد شاركت بنفسي في عدد من تلك الاجتماعات منها ما يتعلق بحقوق الانسان ومنها ما يتعلق بالفكر العربي المعاصر في اطار التجمع الفكري المسمي منتدي الفكر العربي كما دعيت للتحدث والمشاركة في عدة برامج لقناة الجزيرة ولمست عن قرب تحول قطر من مرحلة اقتصادية واجتماعية وثقافية إلي مرحلة اكثر تقدما وتطورا وانفتاحا، وشاهدت المواطن القطري والمرأة القطرية وهي تعيش مرحلة اخري جديدة هي مزيج من الانطلاق نحو المستقبل ومن التواصل مع الماضي والتراث. لقد اصبحت قطر قبلة للنخبة العالمية الجديدة في السياسة والاقتصاد والفكر والاجتماع، انها نخبة من المهندسين والمعماريين ومن المفكرين والباحثين ومن رجال المال والاقتصاد والصناعة والتجارة قد اصبح اسم قطر علي كل لسان في المنظمات الدولية من خلال دورة الدوحة للتجارة ومن خلال استضافة الشخصيات العالمية ومن خلال قناة الجزيرة التي اصبحت تبث برامجها باللغتين العربية والانجليزية. وأخيرا ما يمكن ان نطلق عليه الجائزة الكبري عندما اعلنت اللجنة التنفيذية للفيفا مساء يوم 2 ديسمبر 0102 فوز الملف القطري واختيار قطر لتنظيم نهائيات كأس العالم لعام 2202 في اطار منافسة قوية مع دولة عظمي أو مع الدولة العظمي الوحيدة وهي الولاياتالمتحدةالامريكية سيدة البحار والمحيطات والبر و البحر والجو. وهذا الفوز كيف يمكن ان ينظر اليه العالم وما هي التحديات التي تنتظره؟ وفي البداية لابد من ملاحظة شخصية ولحظات مدهشة عشتها عندما كنت سفيرا لمصر في الصين، وحصلت الصين علي الاختيار المستحق لتنظيم الاولمبياد عام 8002 وما هي الا لحظات أو ربما ثوان حتي امتلأت شوارع بكين وغيرها من المدن الصينية بالافراح والابتهاج ولم استطع تمالك نفسي دون النزول إلي الشارع والمشاركة مع شعب الصين فرحته الكبري بعد ان كان كثيرون يتشككون في فوز الصين بالاولمبياد ويثيرون اللغط حول ملفها الخاص بحقوق الانسان وبالبيئة وغيرها من الامور، ونجحت الصين في تنظيم اولمبياد عالمي عام 8002 وجعلت المكانة التي حققتها دول نظمت المناسبات الاوليمبية السابقة عليها تتراجع، والدول التي ستنظم المناسبات الاولمبية التالية لها في حالة من القلق الشديد، هل ستنجح بمثل مستوي نجاح الصين أو تعجز عن تحقيق ذلك؟ اللحظة الثانية عندما كنت اشاهد الفضائيات وجاء عنوان عاجل يقول فوز قطر بتنظيم الكأس لعام 2202. وكما انني شعرت بالفرح بالنسبة للصين فإنني شعرت بفرح اكبر بالنسبة لقطر الدولة العربية الخليجية الإسلامية الشقيقة . كاتب المقال : خبير في الدراسات الدولية والصينية