لم تستطع امريكا أن تكتم غضبها الناجم عن الزيارة التي قام بها المشير السيسي الي موسكو.. فقد خرجت المتحدثة باسم الخارجية الامريكية لتنذرنا بأنها سوف تستمر في التعامل مع جماعة الاخوان، اي دعمها، لانها لاتعتبرها مثلنا جماعة ارهابية.. ثم سارعت بانتقاد الرئيس الروسي بوتين لانه خلال استقباله ضيفه المصري بدا مرحبا بترشحه لرئاسة مصر، بينما دفع الامريكان رجب طيب اردوغان ليعلن ان تركيا لن تعترف بالمشير السيسي اذا فاز في انتخابات الرئاسة المصرية. وهذا الغضب الامريكي ليس سببه فقط صفقة الاسلحة الروسية لمصر والتي اهتم الامريكان بالتقليل من شأنها.. كما ليس سبب هذا الغضب أيضا فقط ان الروس استقبلوا عبدالفتاح السيسي ليس بوصفه وزيرا للدفاع المصري انما باعتباره الرئيس القادم لمصر، وهذا ماتش به طريقة الاستقبال التي تتسم بالحفاوة وحديث الرئيس بوتين له. انما السبب الاهم لهذا الغضب يكمن في الدلالة المصرية لهذه الزيارة التي قام بها المشير السيسي لموسكو والتي تعد زيارته الخارجية الاولي منذ ان تولي مسئولية قيادة الجيش المصري.. حيث تتضمن هذه الزيارة رسالة واضحة تشير الي ان مصر قررت أن تنتهج سياسة خارجية مستقلة ومتوازنة وانها لن ترهن كل أوراقها لدي واشنطن، كما حدث علي مدي عدة عقود ماضية، ولن تخضع لليهمنة التي يريد الامريكان ان يفرضوها علينا. ويفرز هذه الدلالة المهمة ان زيارة السيسي لموسكو تأتي بعد رفض الاستجابة اكثر من مرة لعدة طلبات امريكية.. فهو رفض اولا قبل يونيو 3102 الطلب الامريكي بعدم انحياز القوات المسلحة المصرية لارادة الشعب المصري التي اتجهت للخلاص من حكم الاخوان الفاشي والمستبد.. وبعد عزل مرسي رفض السيسي طلبا امريكيا اخر لعدم ملاحقة قادة الاخوان ومحاسبتهم قضائيا علي ما ارتكبوه من جرائم عنف وارهاب، والسماح لجماعتهم بالمشاركة في العملية السياسية مثلما كان الحال قبل 03 يونيو 3102.. كما رفض السيسي ايضا تنفيذ طلب امريكي آخر يتمني بعدم الاستجابة لرغبة مصرية بالترشح لانتخابات الرئاسة. وهكذا تأتي زيارة السيسي لموسكو ليقول للامريكان أن كل ضغوطهم التي يمارسونها علي مصر لاتجدي ولن تفيد، ولن تجعل مصر تتراجع وتقبل بما لاتريده ولا ترضاه، وأننا مصرون علي انتهاج وتأمين مصالحنا وحماية أمننا القومي حتي وان تعارضت مع المصالح الامريكية.. هذا هو جوهر زيارة المشير الي العاصمة الروسية ومغزاها الاساسي الذي فهمته واشنطن، ولذلك هي منزعجة وغاضبة لدرجة لاتستطيع كتمان هذا الغضب.. وهذا يؤكد اننا نخوض حرب استقلال وطني وليست مجرد معركة مع الارهاب.